ردود فعل منددة وغاضبة

خبر رضوخ أوروبي لأميركا وإسرائيل يصبغ حزب الله بـ’الإرهاب’

الساعة 08:15 م|22 يوليو 2013

وكالات

فعلها الأوروبيون مجدداً، رضخوا للإملاءات الأميركية والإسرائيلية بإدراج "الجناح العسكري" لحزب الله على قائمتهم "للإرهاب"، بحيث لم تجرء دولة من دول الإتحاد الـ27 على الإعتراض على تلك الخطوة، بعدما كانت النمسا والتشيك وايرلندا ومالطا وسلوفاكيا قد عبرت صراحة عن رفضها لهذا الأمر باعتبار أنه قد يزعزع إستقرار لبنان.  

"أكبر إنتصار للدبلوماسية الإسرائيلية".. هكذا وصّف نتانياهو الإعلان عن إدراج حزب الله على لائحة "الإرهاب"، دول أوروبية كهولندا وبريطانيا التي تقدّمت بالمشروع رحّبت، وأخرى تريّثت "مراعاة لحضورها على الساحة اللبنانية"، فيما الدولة اللبنانية المعني الأول والأخير بهذه القضية اعتبرته قراراً متسرعاً اتخذ في ظلّ ضغوط خارجية وتهيئة ظروف داخلية.

وأمام هذا الواقع، بات يجدر تذكير الأوروبيين جيداً بالرسالة التي وجهها إليهم سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال إحدى إطلالاته، والتي يبدو أنهم لم يتلقفوها، حينما أكد سماحته على أنه "ليس من مصلحة الاوروبيين أن يسيروا بهذا الاتجاه على كل المستويات، سواء جراء دورهم الحالي في لبنان والمنطقة أو بدافع التزاماتهم أو تشعباتهم ايضاً، لأنهم يعلمون أن هذه المسالة ليست بسيطة إنما معقدة جداً وتفاعلاتها وحساباتها تتجاوز الواقع الداخلي البسيط".. 

وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت ظهر الإثنين عن مصدر دبلوماسي أوروبي تأكيده أن حكومات الإتحاد الأوروبي وافقت على إدراج "الجناح العسكري" لحزب الله على قائمة الإتحاد للمنظمات "الإرهابية". ونقل المصدر عن الوزراء الأوروبيين "رغبتهم في مواصلة الحوار مع كل الأحزاب السياسية اللبنانية، بما فيها حزب الله الذي يؤدي دوراً أساسياً في المجتمع اللبناني".

"الفرحة" الإسرائيلية جاءت سريعة مع إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ترحيبه الشديد بإدراج الحزب على لائحة "الإرهاب" الأوروبية، واصفاً تلك الخطوة بـ"الإنجاز الدبلوماسي" لوزارة خارجية كيانه، في دليل واضح على مسؤولية "اسرائيل" بالوقوف وراء هذا القرار.

رد فعل الحكومة اللبنانية جاء "متبصراً" على لسان وزير خارجيتها عدنان منصور الذي وصف القرار بالسلبي، معتبراً أن هدفه معاقبة حركات المقاومة. وفي حديث لموقع "العهد" الاخباري، لفت منصور إلى "ضرورة إنتظار صدور القرار بشكل رسمي"، ورأى بأنه "متسرّع وسيكون له تداعيات خطرة على الحياة السياسية اللبنانية". 
وأضاف منصور:"كنا نتمنى عدم صدور هكذا قرار، لأن الاتحاد الأوروبي كان يتحدث باستمرار عن سلامة لبنان واستقراره، وهذا القرار لا يخدم لبنان ويضر بمصالحه، لاسيما ان هناك مشاكل داخلية في لبنان". وأكد وزير الخارجية اللبناني أن "هناك ضغوطات خارجية كبيرة مورست في اتجاه إقرار المشروع البريطاني"، لافتاً إلى أن "الموافق السلبية التي صدرت من بعض الافرقاء في لبنان ضد حزب الله، والهجوم عليه، لاسيما بما يتعلق بموضوع الحكومة، اتت في سياق ساعد بالدفع في هذا الإتجاه".

ويستند قرار وزراء الاتحاد الاوروبي - الذي يمثل توافقا سياسيا ينبغي ترجمته قانونيا ليدخل حيز التنفيذ، إلى مزاعم روّج لها قبيل أيام على انعقاد جلسة الإتحاد الأوروبي، عن ظهور أدلة جديدة على تورّط حزب الله في تفجير "بورغاس" ببلغاريا الذي أوقع سبعة قتلى بينهم خمسة "اسرائيليين" في 18 تموز 2012، بالرغم من أن الجنرال كريتشو كيروف، رئيس جهاز الاستخبارات البلغارية، كان قد أبدى منذ أسابيع حرجه من التصريحات التي أدلى بها وزير خارجية بلاده كريستيان فيجينين، والتي تتهم حزب الله بالوقوف وراء تلك التفجيرات، داعياً إياه لتوخّي الحذر فيما يتعلق بربط "منظّمات" بتفجير الحافلة لأن حزب الله "قد لا يكون متورطًا في هذا العمل الإرهابي". وفي الوقت نفسه، كان الجنرال كيروف أيضا قد انتقد الموقف الرسمي لـ"إسرائيل"، الذي اتهم بعيد الهجوم مباشرة حزب الله، وقال كيروف "إن السؤال المعقول الذي يطرح نفسه أنه "إذا كان لدى إسرائيل أدلة قاطعة في هذا الشأن، فلماذا لم تقدمها لجهاز المخابرات البلغاري"، مضيفاً أنه "من الواضح حتى هذه اللحظة أن أحداً ليس لديه براهين موضوعية ونهائية حول تورط بعض المنظمات في هذا الحادث".

كما سبق أن أعلن وزير الخارجية البلغاري كريستيان فيجنين أن "البراهين حول علاقة حزب الله بعملية التفجير التي حدثت في مطار بورغاس في السنة الماضية ليست قاطعة، وان الاتحاد الاوروبي لا يمكنه البناء على هذه البراهين في مسألة ادراج حزب الله على لائحة المنظمات "الارهابية". 

إلا أن البارز كان الموقف الطارئ لوزير الداخلية البلغاري تسفتلين يوفتشيف قبيل جلسة الإتحاد الأوروبي بساعات، والذي قال فيه إنه "تم التوصل إلى أدلة جديدة تثبت تورط حزب الله اللبناني في الهجوم الذي وقع قبل عام"، حيث رفض إعطاء المزيد من التفاصيل، مؤكداً أن "صوفيا تلقت مزيداً من المعلومات من أجهزة استخبارات أجنبية تشير إلى ضلوع حزب الله بالعملية". وإذ جزم أن المحققين لا يزالون عاجزين عن تحديد هويات منفذي الهجوم، أكد أن بلاده ستحتاج إلى مزيد من الوقت لإنهاء تحقيقها وإحالة القضية للمحكمة.

هذا الموقف يثير الكثير من التساؤلات المشروعة، بتوقيته ومضونه، ابتداءً بدوافع استباق نتائج التحقيقات والبناء عليها، وليس انتهاءً بهوية أجهزة الاستخبارات الأجنبية التي زودت صوفيا بتلك "الأدلة" المفترضة بعد أكثر من عام على التحقيقات، لاسيما وأن هذه التساؤلات تقاطعت مع معلومات خاصة كان "العهد" قد نشرها في وقت سابق كشف فيها عن تواجد العشرات من عملاء المخابرات "الاسرائيليين" مع المحققين البلغاريين خلال التحقيقات في عهد الحكومة البلغارية السابقة، لأجل الضغط على الجانب البلغاري وتضليل التحقيق.

سلسلة مواقف محلية مستنكرة لخطوة الإتحاد الأوروبي  

وتعليقاً على هذا القرار الجائر الذي لا ينفك عن كونه وجهاً من وجوه المؤامرة على المقاومة، صدرت العديد من المواقف التي دانت الخطوة جملة وتفصيلاً، وفي هذا السياق، قال رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي "إن المجتمع اللبناني، بكل مكوناته، حريص على الالتزام بالشرعية الدولية والحفاظ على افضل العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي، ونحن سنتابع الموضوع عبر القنوات الديبلوماسية، متمنين لو أجرت دول الاتحاد قراءة متأنية إضافية للوقائع والمعطيات".
 
بدوره، رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط  ثمّن موقف الرئيس ميشال سليمان ورسالته وعدم موافقته على طلب إدراج حزب الله على لائحة الارهاب، واصفاً إياه بالموقف الهام والشجاع الذي يصب في مصلحة الاستقرار والتهدئة الداخليّة.
 
من جهته، دان أمين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد خطوة الاتحاد الأوربي، معتبراً ان الكيان العنصري الصهيوني والولايات المتحدة  الاميركية هما من يجب ادراجهما على لائحة الإرهاب، وأكد أن" ما قام به حزب الله هو مقاومة مشروعة للدفاع عن ارض لبنان وحريته و سيادته" . 

وفي هذا السياق، أكّد الشيخ عفيف النابلسي في تصريح "أن إدراج حزب الله على لائحة الإرهاب لا يمكن أن يغير من خيارات الحزب وثوابته شيئا. فحزب الله سيبقى حركة مقاومة أصيلة وشريفة تدافع عن الوطن من الإعتداءات "الإسرائيلية"". 

 وأضاف الشيخ النابلسي "إن هذه الحملات المسعورة التي تشن اليوم بهذه الدرجة العالية من القسوة، تهدف إلى تشويه صورته في الغرب والشرق على حد سواء وجعله 
منبوذا في محيطه وفي الخارج والزعم بأن الحزب إنما يقوم بأعمال لا يوافق عليها القانون الدولي. لكن مهما كان التزوير والتحريف والتضليل فإن ذلك لن يبدل من حقيقة 
أن الحزب هو حركة مقاومة، ولن يؤدي ذلك الى تراجع في أداء الحزب على مستوى الصراع مع العدو الإسرائيلي".
  
من ناحيته، استنكر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان، قرار الاتحاد الاوروبي، موضحاً انه خضوع كامل للحركة الصهيونية المهزومة في لبنان بفعل اندحار المشروع الصهيوني واحتلاله وعدوانه على أيدي رجال المقاومة الباسلة". 
 
وقد استنكرت أمانة الإعلام في حزب "التوحيد العربي" في بيان القرار، مشيرة إلى أن "حزب الله ليس بالارهابي، كما تزعم هذه الدول، وإنما حركة مقاومة دافعت عن عزة الإنسان وكرامته في مواجهة العدوان الاسرائيلي".

 وأضاف البيان "كنا نتوقع من دول الاتحاد الاوروبي أن تقوم بدورها التاريخي في الوقوف بجانب اللبنانيين ودعم مؤسساتهم الوطنية، وفي طليعتها مؤسسة الجيش للتصدي من دون هوادة لأي محاولة تكفيرية للنيل من معنويات هذه المؤسسة الضامنة لسلامة الوطن، في حين نرى عددا من دول الاتحاد لا يفوت مناسبة إلا ويعلن من خلالها دعمه المطلق للمجموعات الارهابية المتطرفة التي تتوسل الجريمة والارهاب والاغتيالات التي قضى فيها آلاف السوريين من المدنيين، وهذا يشكل تهديدا للانسانية جمعاء".

وفي هذا الإطار، اعتبرت  "جبهة العمل الإسلامي" في لبنان أن خطوة الاتحاد الأوروبي هي إرهاب بحد ذاتها، لافتةً الى ان القرار رضوخ للإدارة الأميركية وانحياز للعدو الصهيوني الغاصب الإرهابي الأول في هذا الكون"، سائلة "عن ماهية المقاييس والمعايير التي اتخذها الاتحاد الأوروبي وفرضت عليه هذا القرار التعسفي الجائر؟، وهل أصبح بنظر فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكل الدول الأوروبية إرهابيا كل من يدافع عن وطنه وأرضه وشعبه وكل من يدافع عن نفسه وعرضه وأسرته وكرامته؟.

وأضافت الجبهة: "هل "إسرائيل" بنظر أوروبا وأميركا هي الملاك الموعود رغم احتلالها لأرض فلسطين كما نصت على ذلك قرارات الأمم المتحدة، ورغم همجيتها وإرهابها ودمويتها وقتلها لمئات الآلاف من العرب وخصوصا من الفلسطينيين، ورغم احتلالها لأجزاء واسعة من الأراضي العربية أيضا في سوريا الجولان والأردن؟". ورأت الجبهة أن "هذا القرار هو قرار إرهابي بامتياز ولن يثني المقاومين عن متابعة جهادهم ومقاومتهم، وستبقى قراراتهم حبرا على ورق، وستبقى مقاومتنا الأبية في لبنان وفلسطين شامخة كشموخ الجبال".

كما دان "التجمع الوطني الديموقراطي" في لبنان الخطوة المذكورة، لافتاً الى انها أتت خضوعا" لاملاءات و توجيهات الامبريالية الاميركية والكيان الصهيوني"، وأكد  ان هذا القرار لن يثني المقاومة عن متابعة كفاحها حتى تحرير ارضنا المحتلة واستعادة اسرانا وجثث شهدائنا من براثن العدو ومواجهة التهديدات الاسرائيلية الدائمة لبلادنا . 
 
أما رئيس "حزب اللقاء التضامني الوطني" الشيخ مصطفى ملص فقد اعتبر في بيان أن "إدراج حزب الله على لائحة الإرهاب، يندرج في إطار المؤامرة المستمرة على المقاومة، بهدف الضغط عليها من أجل التخلي عن نهجها والإستسلام إلى إرادة الغرب ومن خلفه أميركا و"إسرائيل"".

 ورأى أنه "لشرف عظيم أن يكون حزب الله على لائحة الإرهاب لدى هذه الدول، التي لا تقيم للعدالة الإنسانية ولا للقيم الأخلاقية أي وزن"، مضيفاً "نحن وإذ نؤكد رفضنا محاولات تشويه صورة المقاومة، نؤكد وقوفنا الدائم خلف مشروعها الهادف إلى تحرير الأرض والدفاع عن الحقوق، نقيضاً لسلام الإذلال الذي يحاولون فرضه علينا".