خبر لا وجبات بالمجان-يديعوت

الساعة 09:53 ص|22 يوليو 2013

بقلم: دوف فايسغلاس

        (المضمون: نشر الاتحاد الاوروبي التوجيهات التي فيها القطيعة مع المستوطنات وراء الخط الاخضر وأثار ذلك غضب واعتراض المسؤولين الاسرائيليين الكبار مُتعامين عن الحاجة الى تسوية سياسية مُلّحة - المصدر).

        في يوم الجمعة نشرت في الصحيفة الرسمية للاتحاد الاوروبي توجيهات تتعلق بأهلية اتحادات اسرائيلية تعمل في المناطق التي احتلت في حزيران 1967 لمنح أو جوائز أو وسائل تمويل من اموال الاتحاد. وجاء هناك ان غاية التوجيهات هي "التحقق من ان تُحترم مواقف الاتحاد الاوروبية والتزاماته – التي تلائم القانون الدولي – وعدم الاعتراف بسيادة اسرائيل في المناطق المحتلة". ونقول ان "المناطق" هي هضبة الجولان وقطاع غزة والضفة الغربية وشرقي القدس. ومعنى ذلك ان اتحادا اسرائيليا أهل للحصول على اموال من الاتحاد الاوروبي اذا لم يكن يعمل فقط في المناطق الموصوفة آنفا.

        بين اسرائيل والاتحاد الاوروبية علاقات اقتصادية عميقة ومتشعبة. ويبلغ الاتجار مع الاتحاد في السنوات الاخيرة نحوا من ثلث تجارة اسرائيل الخارجية. ويحظى التصدير الاسرائيلي الى اوروبا بفضل اتفاقات التجارة الحرة باعفاء من الضرائب وتسهيلات مبالغ فيها في الاجراءات التجارية. وتشارك اسرائيل بفضل اتفاقات اخرى، بدعم وتمويل من الاتحاد الاوروبي في عشرات الخطط للتعاون في مجالات العلوم والتقنية والتربية والفن والثقافة ينفق الاتحاد الاوروبي عليها. إن منظومة دعم الاتحاد الاوروبي لاسرائيل – كالاعفاءات من الضرائب وسائر التخفيفات الممنوحة لاسرائيل باتفاقات التبادل التجاري – هي عمل تفضل يخضع لتقدير الاتحاد المطلق. وهذا عطاء جد "سياسي" بطبيعته يتأثر بمنظومة العلاقات بين اوروبا واسرائيل في كل ما يتصل بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

        إن التوجيهات التي نشرت هي إبداء رأي حاد واضح من الاتحاد الاوروبي يُبين أنه لا يرى أن يتابع منح اسرائيل "وجبات بالمجان"، في حين تتجاهل اسرائيل مواقفه السياسية تماما. ومنزلة اسرائيل في الاتحاد من وجهة نظر الاتحاد الاوروبي متأثرة تأثرا جوهريا بموقفها السياسي وليس من الصدفة أن الاتفاقات الممتازة من الاتفاقات التجارية تم التوقيع عليها في منتصف تسعينيات القرن الماضي وهي سنوات الأمل الكبير بعد اوسلو.

        إن الاتحاد الاوروبي واحد من الشريكات الاربع في "الرباعية" ومن المبادرات الى "خريطة الطريق" – وهي صيغة اجراء تفاوض سياسي قبلتها اسرائيل في سنة 2003 وتُركت في سنة 2009. وكان نشر التوجيهات يرمي الى ان يُبين للاسرائيليين ان العلاقات الاقتصادية ستتضرر بلا تقدم سياسي. فالتوجيهات هي بمنزلة "أترى"؛ وصيغتها عامة ويمكن تفسيرها بتوسع أو تضييق، وتشدد أو تسهيل. ويتعلق التطبيق بما يحدث حول طاولة التفاوض السياسي. فاذا ظل التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني يسير في مكانه فان الاتفاقات التجارية قد تقوم فوقها علامة سؤال، واذا حدث ذلك فسيكون كارثة اقتصادية حقيقية.

        إن الرد الاسرائيلي محزن ومثير للسخرية. فقد عرّف وزير الاقتصاد نفتالي بينيت – الذي أثار العجب قبل ذلك بأيام معدودة بوصفه الحب الذي يحظى به الاقتصاد الاسرائيلي في أنحاء العالم – عرّف ما نُشر بأنه "قرار مقطوع وهاذٍ"، واقترح "مُجازاة" الاتحاد الاوروبي بحظر استثمار اموال في الاراضي الفلسطينية. وليس عبثا أن أُصيب الوزير بالذعر الذي يكون مزاجه العام في العادة كثير الغرور: فهو يدرك جيدا المعنى المدمر الذي ينطوي عليه تدهور العلاقات الاقتصادية مع اوروبا. وسارع وزير الاسكان أوري اريئيل الى تذكير اوروبا بـ "ماضيها" وذكّرنا بمعاداة السامية الاوروبية التي تُفسر كل شيء. وأعلن اعضاء كنيست من الليكود ان "اوروبا لن تُملي علينا". واقترح عدد منهم "قطيعة مضادة" مع الاتحاد الاوروبي وأعلن عدد آخر ان التوجيهات ستُحدث "التفاوض المجدد"، ومثل ذلك من اقوال الغرور والجهل والحماقة.

        وتوسل رئيس الوزراء الذي يتحمل في الأساس المسؤولية عن عدم الفعل السياسي لزعماء اوروبا كي يؤجلوا نشر التوجيهات ولم يسمع له أحد. ولم يخف الاتحاد الاوروبي. ويبدو كذلك ان الادارة الامريكية لم تتأثر تأثرا زائدا بصوت الصراخ الذي صرخه الاسرائيليون. كم من الكتابات الاخرى على الجدار تحتاج اليه الحكومة كي تفهم الحاجة الملحة الى تسوية سياسية؟.