خبر التفاوض السياسي: هذيانات صيف -هآرتس

الساعة 10:24 ص|21 يوليو 2013

التفاوض السياسي: هذيانات صيف -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

        (المضمون: الخطوات التي يجب على اسرائيل ثم على الفلسطينيين أن يخطوها للتوصل الى تسوية عادلة وهي الآن بمثابة حلم صيف - المصدر).

        أرى في حلمي بنيامين نتنياهو يخطب اليوم خطبة حياته التي هي خطبة حياتنا. وهو يشكر جون كيري على جهوده ومحمود عباس على استعداده ويعلن احتراق كل أوراق اللعب الاسرائيلية؛ ويفتتح توجها جديدا، نتنياهو جديد وفوق كل ذلك، اسرائيل جديدة.

        ستبادر اسرائيل الجديدة فورا بلا أية شروط مسبقة الى سلسلة خطوات سخية تبني الثقة وتبرهن على الارادة الخيرة. وتعلن اسرائيل الجديدة مسبقا – اجل مسبقا – كل الخطوات التي ستكون مستعدة لاتخاذها في نهاية التفاوض. وسيفاجيء هذا التغيير المبالغ فيه الفلسطينيين والعالم غير مستعدين: أين اختفى الرفض الاسرائيلي، وما الذي حدث لتحديها؟ وسيخلق هذا التغيير فورا كأنما بعصا سحرية جوا اقليميا ودوليا جديدا مؤيدا لاسرائيل سيكون من الصعب جدا الوقوف في وجهه.

        ويعلن نتنياهو في خطبته للجميع الافراج عن آلاف السجناء الفلسطينيين. ولا يفعل ذلك كمن يتخبطه الشيطان من المس – بسبب اختطاف جندي أو بسبب ضغط امريكي – بل مبادرة من اسرائيل الجديدة التي تدرك ان الطريق الى السلام يمر بأبواب السجن. ويتحرر آلاف السجناء السياسيين المحتجزين دون محاكمة وقاتلون ايضا قضوا عشرات السنين في السجن، مع دعاء السفر الجديد من اسرائيل. وهكذا تشير بعلامة الى الثورة التي تريد احداثها. وهكذا سلكت ايضا نظم ظلم قبلها في طريقها الى الاصلاح.

        بعد ذلك تفتح اسرائيل أبوابها لعمل عربي ولزيارات أقرباء ولتجارة وسياحة فلسطينيتين. إن المبادرة التي تمت قبل سنة أثبتت نفسها: فقد جرب عشرات آلاف الفلسطينيين الذين حصلوا على تأشيرة دخول لمرة واحدة عدة ساعات من الحرية والاستجمام والسعادة ولم تسقط شعرة واحدة من شعر رؤوس الاسرائيليين. فكما لم تمس مضائلة عدد الحواجز في الضفة بأمن اسرائيل سيخدم فتح مراقب لأبوابها أهدافا ايجابية فقط. ويُسقط جدار الفصل أو يُنقل الى الخط الاخضر. وتعلن اسرائيل الجديدة ايضا تحرير بحر غزة مع انشاء ميناء وفتحه للاستيراد والتصدير مع رقابة دولية. ويتم توحيد الضفة والقطاع من جديد بالممر الآمن الذي لم ينفذ قط كما ينبغي. يجب ان يكون هذا هو الحياة اليومية الجديدة للفلسطينيين بحيث يصبحون أحرارا في الضفة والقطاع، وسيكون ذلك خيرا لهم ولنا.

        ونصل الآن  الى الشيء الأساسي في حلم الصيف هذا بأن تعلن اسرائيل الجديدة استعدادها للتباحث مع الفلسطينيين عن تساوي مطلق، في مخطط الحل الدائم وهو دولتان في حدود 1967 مع تعديلات حدودية متفق عليها أو حقوق مواطنة متساوية للجميع في دولة ثنائية القومية واحدة – أيهما يسبق يكون، أو الذي يوافق عليه زعماء الشعبين. دولتان بلا مستوطنات أو دولة واحدة معها. وتكون النهائية للمحادثات التي لا تنتهي في تفاصيل التفاصيل والاعتراف المُذّل ونزع السلاح المُهين التي يوجد الشيطان فيها جميعا، ويتباحثون في التفاصيل بعد ان يتم احراز الاتفاق المصيري على السلام لا قبله.

        ولا يقل عن ذلك مصيرية ان تعترف اسرائيل بالظلم التاريخي الذي سببته (وتسببه) لأبناء الشعب الفلسطيني – وتعتذر عنه. فالاعتراف والاعتذار سيكون لهما دور حاسم كالدور الذي أدياه في جنوب افريقيا، مع لجان الحقيقة والمصالحة فيها واللذان لولاهما لما أصبحت دولة عدل. ويعتذر الفلسطينيون مقابل ذلك عن ضحايا ارهابهم القاتل. ويتم الاعتراف بحق العودة ويكون تحقيقه مراقبا ومتفقا عليه من اجل عدم احداث لجوء جديد، لاسرائيليين هذه المرة. فيعود اللاجئون الى الدولة الفلسطينية بلا  تقييد اذا كان هذا هو الحل؛ أو الى الدولة الواحدة بصورة تناسب نسبة اليهود الذي يهاجرون اليها. وقد يتبين أن هذا أقل خطرا مما تصور اسرائيل القديمة لنفسها.

        الحديث اذا عن قلب الطاولة وعن تحويل التخويف الى وعد والخطر الى احتمال والتهديد الى أمل. ويمكن ان يحدث هذا فقط بضربة قاطعة واحدة من ساسة ذوي عظمة تاريخية. وتقع هذه الضربة على الجميع – الاسرائيليين والفلسطينيين ودول العالم – مثل رعد في يوم صاف. وهي تقع على الجميع الآن مثل حلم صيف. الايام حارة ونجح كيري في احراز فرصة التقاط صور اخرى وتشوش الذهن من الآن. لكن هل يعرف أحد إمكانا يبث الأمل غير هذا؟.