خبر دولة لا تحمي جنودها- هآرتس

الساعة 08:50 ص|17 يوليو 2013

بقلم: يهودا بن مئير

        (المضمون: يجب على الدولة الاسرائيلية ان تستعمل سلطاتها وصلاحياتها للقضاء على ظواهر شغب وزعرنة من الجمهور الحريدي وجمهور المستوطنين - المصدر).

        قال الحكماء الماضون إن "الملك الذي يسامح في كرامته تسقط كرامته". وينطبق هذا المبدأ الأساسي ايضا على الدولة الحديثة. فالدولة التي تسامح في كرامتها وتتخلى عن احترام قوانينها وفرض طاعة القانون على فئات السكان جميعا – لا كرامة لها وتُعرض هذه الدولة نفسها لخطر التحطم وتضعضع الوحدة الاجتماعية والطاعة الوطنية. وينطبق هذا على كل دولة – وحسبُنا ان ننظر حولنا – لكنه ينطبق أكثر على دولة اسرائيل.

        إن الظاهرة المتكررة وهي الهجوم على جنود حريديين يلبسون بزة الجيش الاسرائيلي على أيدي مجموعات حريدية في قلب القدس ليست قبيحة ومثيرة للغضب فقط بل لا يجوز الانتقال عنها ألبتة الى الحياة العادية. وكذلك ايضا ظاهرة "شارة الثمن". فهذه الظواهر أكثر من اعمال زعرنة وسلوك جنائي مجرد، بل هي تعبر عن استخفاف واحتقار عميق للدولة ومؤسساتها وقوانينها. وهي تعبر عن جو تشارك فيه دوائر أوسع كثيرا من المنفذين أنفسهم وترى انه يجوز وأنه من المرغوب فيه استعمال العنف لاحراز غايات ايديولوجية، وعن شعور بأنه يوجد من هم فوق القانون.

        يوجد الكثير من التنديد بعضه من خارج الحنجرة وبعضه مصاب بقدر كبير من النفاق، لكن يوجد تنديد صادق ليس وراءه فعل. فالدولة لا تعامل هذه الظواهر بالجدية المناسبة وبذلك تُضعف دعائم وجودها.

        يجب أن يوجه الطلب الاول الى تلك الجماهير التي يخرج مخالفو القانون منها. ولا يجوز التعميم وإن الأكثرية الغالبة في الحقيقة من الحريديين ومن المستوطنين لا يشاركون في هذه الجرائم. لكن قادة هذين الوسطين لا يستطيعون تبرئة أنفسهم. فالكثرة الغالبة من قادة الجمهور الحريدي يملأون أفواههم بالماء وبدل ان يواجهوا الظاهرة يشغلون أنفسهم بتوجيه الاهانات الى كل من يتفق معهم على نهجهم – من رئيس الوزراء الى كل معتمر قبعة منسوجة. ولو أراد قادة الجمهور الحريدي وحاخاموه لاستطاعوا بسهولة وقف الشغب والتحريض، لكنهم بدل ذلك يؤججون النار، فيجب على الدولة ان تحاسبهم. ويعلم رؤساء المستوطنين جيدا أين توجد مراكز شباب التلال وأناس "شارة الثمن" ولو كانوا مصممين حقا على نضالهم كما يعرفون النضال من اجل اشياء اخرى لاستطاعوا ان يسهموا كثيرا في اقتلاع هذه الظاهرة الآثمة من جذورها.

        لكن معظم الطلب والصراخ يجب ان يُوجه الى سلطات الدولة. فالدولة التي تعلم كيف تحمي جنودها في قلب عاصمتها ومواطنين آمنين مخلصين في أبو غوش، هي دولة بلغت الى إفلاس اخلاقي وسلطوي. ولا يريد "الشباك" ان يشغل نفسه بجدية بمجرمي "شارة الثمن" زاعماً أن هذا شأن الشرطة، وبهذا يخون عمله. وشرطة القدس مستمرة في سياسة الاستكانة والعفو عن الحريديين وهي غير مستعدة لبذل وسائل تستطيع ان تواجه شغب جمهور حريدي عريض على الجيش الاسرائيلي وجنوده. وفوق كل ذلك يوجد قاضي صلح في القدس يُفرج عن أزعرين لحجز منزلي وكانا ضربا بقسوة جنديا في الجيش الاسرائيلي وقاوما الاعتقال وهاجما رجال شرطة بعنف. فلو أنهم أرسلوا هذين الأزعرين ليُسجنا ثلاث سنوات لانقطعت هذه الظاهرة فورا.

        حان الوقت لأن تنعش الدولة نفسها وتستعمل سلطتها وصلاحيتها وثقل ذراعها المسوغ لمواجهة مراكز العنف الفئوي، سواء كانوا بدوا في الجنوب أو حريديين في القدس أو شباب التلال في السامرة – وكلما كان ذلك أبكر كان أفضل.