خبر أيها الإخوان: هذا وقت المراجعة.. محمد حبيب

الساعة 03:02 م|14 يوليو 2013

خسر الإخوان الكثير، وخسر الوطن أكثر، خلال عام واحد هو مدة حكمهم.. أصابهم الغرور والشعور بالزهو، وظنوا أنها دامت لهم، ولن تفلت من بين أيديهم.. لكن النهاية كانت أقرب إليهم من شراك نعالهم.. عليهم أن يدركوا أنهم هم الذين أضاعوا ما كان بأيديهم، بسبب فشلهم وعجزهم وسوء إدارتهم الأمور.. خرج عشرات الملايين من شعب مصر فى مشهد مهيب ومذهل يوم ٣٠ يونيو، غضبا ورفضا واحتجاجا بهتافات تشق عنان السماء «ارحل.. ارحل»، واستجابت القوات المسلحة، وكان الرحيل..عليهم أن يراجعوا أخطاءهم، ويعيدوا حساباتهم، وأن يعتذروا عما ارتكبوه من أخطاء فى حق أنفسهم ودعوتهم وجماعتهم ووطنهم.. ليس عيبا أن يخطئوا، «فكل بنى آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون»، لكن العيب ألا تكون هناك وقفة محاسبة، واعتراف بالخطأ، وسعى حقيقى لتصويب المسار.

يجب أن تستقيل قيادة الجماعة.. فهى التى ورطت الجماعة فى كل ما حدث، بدءا من التفاهمات، التى جرت مع المجلس العسكرى -على حساب الثورة- والصمت على المجازر الوحشية، التى ارتكبت فى عهده، والأداء السيئ لمجلسى الشعب والشورى، مرورا باللجنة التأسيسية والترشح للرئاسة والإعلان الدستورى الكارثى، وانتهاء بالانقسام والتشرذم والاحتراب الأهلى والعنف المجتمعى، علاوة على انهيار دولة القانون، وفقدان الاستقرار السياسى، وتفاقم حدة الأزمة الاقتصادية.. بالطبع هذا لا ينفى مسؤولية كل فرد فى الجماعة، كل حسب موقعه.. لقد اتسمت مواقف قيادة الجماعة بالانتهازية، وضيق الأفق، وضبابية الرؤية، والابتعاد عن النهج السلمى.. لم تلتزم بالمرحلية والتدرج فى الخطوات.. قفزت من السفح إلى قمة التل مباشرة، فكان هبوطها إلى السفح سريعا ومباشرا..

 كان واضحا أنها لن تظل على قمة التل طويلا، لكن أحدا لم يكن يتوقع أن يكون الهبوط بهذه السرعة.. لا شك أن الجماعة تحتاج إلى إعادة تشكيل وصياغة من حيث طريقة التفكير والمنهج والحركة والأسلوب.. فما كان ملائما فى ظل التضييق والملاحقة والمطاردة لم يعد مناسبا على الإطلاق فى ظل أجواء الحرية.. وأرى ضرورة أن تتحول الجماعة إلى جمعية تربوية دعوية بشكل فعلى وحقيقى تتحدد مجالات وميادين أنشطتها وفقا لقانون الجمعيات.. أما حزب الحرية والعدالة فيجب أن يكون منفصلا كاملا عن الجمعية التربوية والدعوية، له قياداته وهياكله ولجانه وعضويته، ويمارس دوره فى الحياة الحزبية والسياسية كبقية الأحزاب.. سوف يمضى وقت طويل حتى تستعيد الدعوة الإسلامية وسطيتها ونقاءها وطهرها وألقها ووهجها، فقد أساء إليها هؤلاء كثيرا.

سوف تجرى انتخابات نيابية قريبا، وسوف تستعد الجماعة لخوضها.. لكن أرجو أن تستفيد من التجربة، فلا تنافس إلا على ٢٥% فقط من المقاعد، ضمانا لإيجاد شراكة وطنية حقيقية، يكونون جزءا منها، لا على رأسها.. نريد أن نبنى مجتمعا متماسكا ومتكاتفا خاليا من الأحقاد والكراهية والبغضاء، لا إقصاء فيه لأحد.. وهذا يحتاج إلى شجاعة وقوة نفسية - من جميع الأطراف - تتجاوز مرارة التجربة.. ربما يقول بعض الإخوان لا بد من المنافسة على كل المقاعد، حتى لا يتصور الخصوم أن الجماعة قد تأثرت أو ضعفت أو تراجعت شعبيتها.. وسوف يزايد البعض الآخر فى هذا الاتجاه، حماسة أو رعونة أو حمقا أو عدم إدراك.. وسوف تكون هناك انتخابات رئاسية، وأعتقد أن الجماعة أدركت أنه من الأفضل والأنسب تأجيل التفكير فى هذا الأمر لعشر سنوات قادمة، عندما تكون الظروف الداخلية والخارجية أكثر ملاءمة.. وفى تلك الفترة تكون الجماعة قد أعدت نفسها، وهيأت أفرادها، لتحمل هذه النوعية من المسؤولية.

أرجو أن تنتهى مسألة الحشد والحشد المقابل سريعا.. لدينا مهام يجب أن نضطلع بها.. وإذا كانت الجماعة قد وقعت فى أخطاء كبيرة وكثيرة، فهذا لا يعنى أن يندفع البعض إلى شيطنتها وإقصائها من المشهد تماما.. هى كأى كيان بشرى يصيب ويخطئ، يتعافى ويمرض، ينتصر وينكسر.. لا ينبغى أن يأخذنا الشطط بعيدا فى نظرتنا وتعاملنا.. وإذا كان هناك من أخطأ فقد وجبت مساءلته ومحاكمته.. لا تساهل مطلقا مع الذين حرضوا على الفتنة والفرقة والقتل.. نريد عدالة انتقالية تكشف الحقيقة عن قتلة الشهداء أيام مبارك، والمجلس العسكرى، ود. محمد مرسى، والمستشار عدلى منصور.. ثم بعد ذلك تكون مصالحة.

 

- المصري اليوم