تقرير في غزة.. القضاء العشائري يجمع المتخاصمين على « فنجان قهوة »

الساعة 10:23 ص|14 يوليو 2013

عمر اللوح

أصبح لجوء المواطنين المتخاصمين إلي القضاء العشائري أسهل الطرق للوصول إلي حقوقهم لسهولة الإجراءات في حماية المتخاصمين وسرعة البت في قضاياهم المتنازع عليها وتوفير الجهد والمال وأخذ حقوقهم بأقل وقت ممكن وقد يكون الحل وفقاً للعرف والعادات على "فنجان قهوة" .

وكان للقضاء العشائري دور كبير في حل العديد من القضايا وظهر ذلك جلياً خلال عام 2012 , حيث تمكنت لجان الإصلاح في محافظات القطاع من حل 5983 شكوي تقدم بها المواطنين على خلفيات قضايا "قتل، ومشاجرات، وحوادث، ومالية" (...) من اصل 6892 , في حين ما زالت 909 قضايا قيد المعالجة، وفق إحصائية صدرت عن القضاء العشائري مدينة غزة تصدرت أعلى نسبة في لجوئها للقضاء العشائري وذلك لإرتفاع عدد سكانها ولكن الملفت أن تكون مدينة رفح بعد مدينة غزة في لجؤها للقضاء العشائري رغم قلة عدد سكانها.

ولم تستطع  وكالة "فلسطين اليوم الإخبارية " الحصول على إحصائية من القضاء النظامي للمقارنه بين القضاء الشرعي والنظامي في عدد القضايا التي يتم حلها من الطرفين,  واكتفوا بالقول أنهم يقومون بالدور المساند والمكمل لهم وليس موازي، وخاصة في ظل الاحتلال "الإسرائيلي".

العشائر أفضل

 المواطن خليل حلس (38عاماً )، كان له رأي سلبي باتجاه القضاء النظامي, حيث قال بحرقه ومراره متذكراً حادث مرير مر به في عام (2005) عندما اشتري قطعة أرض ، وبعد 6 شهور قام أحد الأشخاص بالاستيلاء عليها بالقوة ودون وجهه حق.

وتابع: "تقدمت بشكوي الي الشرطة وتم تحويل القضية الي القضاء النظامي وقدمت الأوراق التي تثبت ملكيتي لقطعة الأرض ودفعت تكاليف باهظة للمحكمة والمحامي واستمرت القضية أكثر من ثلاثة أعوام في المحكمة  دون جدوى"، فقررت تحويل القضية الي القضاء العشائر ،ولم تمض أيام معدودة حتي أصدر قاضي العشائر حكما بأن قطعة الأرض هي ملكي، وقال عاد لي  حقي بفضل القضاء العشائري.

النظامي أنسب

أما المواطن (ن/ع) يقول أن القضاء العشائري لا يستطيع حل القضايا الكبيرة المتمثلة في القتل والميراث (...)، حيث أن ُقضاء العشائر ينقصهم الخبرة في العمل القانوني , ,أشار" لقد توجهت الي القضاء العشائري لحل مشكلة الميراث مع اخوتي ولم يُنصفوني بسبب جهلهم في القانون وعدم قدرة البعض على معرفة الأحكام الشرعية التي يتم علي أساسها توزيع الميراث"، فتقدمت بشكوى إلى المحكمة وبعد مرور فترة من الزمن أنصفتني المحكمة وأعادت لي حقوقي".

لا استغناء عن القضائين

ولكن عبد الرحمن اشريتح (48عاماً )،يقول أنه لا يوجد تعارض بين القضائين (العشائري والنظامي )،ولا يمكن الاستغناء عن أي منهم لأن القضاءين متكاملين لبعضهم البعض وقال أن ما يدفع الناس لتوجه الي القضاء العشائري العادات والتقاليد التي تربو عليها داخل المجتمع .

وبين " قبل قدوم السلطة الفلسطينية حيث كان القضاء العشائري هو الخيار الوحيد أمام المتخاصمين لإنهاء خصامهم ،وأشار أن القضاء النظامي أنذاك كان ضعيفاً بسبب الاحتلال وضعف السلطة التنفيذية في تنفيذ الأحكام الصادرة، ولكن مع مرور الزمن تطور القضاء النظامي فأصبح يؤدي دوره فالقضاءين متكاملين.

لماذا القضاء العشائري؟

القاضي العشائري المعروف علاء الدين العكلوك (أبو بلال ) يقول :" ان المجتمع الفلسطيني بطبيعته هو مجتمع عشائري له عادات وتقاليد تربى عليها من أباءهم وأجدادهم، فأصبح العرف العشائري منتشر داخل المجتمع ويلبي حاجاتهم وطموحهم ".

وبين، أن ما يميز القضاء العشائري توفير درجة عالية من الحماية والأمن للمتخاصمين بوجود كفلاء العشائر، حيث يستطيع المتخاصم أن يختار قاضيه بنفسه، والقدرة على سرعة الحل في القضايا، وتوفير الوقت والجهد (...).

ويتابع العكلوك أن المختصمين في نهاية المطاف يخرجون ونفوسهم راضية ومطمئنة وتعود  المودة والمحبة بينهم ،وأن الحكم الذي يصدرهُ قاضي العشائر يتفق مع الأحكام الشريعة

وأشار العكلوك أن رجال الإصلاح ومن خلال حرصهم الدائم على تطويق المشاجرات ومنع إراقة الدماء والتعامل مع الناس بالحلول الودية وتُشيع ثقافة التراضي بين أبناء ساهم بشكل كبير في استتباب الحالة الأمنية بالقطاع.

وشدد على أن قُضاء العشائر أصحاب كفاءات وخبرات ويمتلكون القدرة على الإقناع وأخلاقهم حميدة والثقة التي يتمتعون بها من قبل المواطنين .

متكاملين

وينوه العكلوك أن القضاء العشائري ليس بديلا عن القضاء النظامي، بل هو يقوم بدور المكمل والمساند وقال :" حتى نسعى الى بناء مجتمع مسلم متكامل الأطراف يحكمه القانون" .

وأشار أن مراكز الشرطة تعجز عن حل العديد من القضايا الشائكة والمعقدة، وتقوم بتحويلها الي القضاء العشائري ونحن نقوم بدورنا بحل تلك القضايا من جذورها على قاعدة الصلح المجتمعي.

 وقال إن المواطن يقوم بتحويل القضية من النظامي الي العشائري وفي بعض الأحيان يُحول القضاء النظامي بعض القضايا الي العشائر.

القضاء العشائري متوارث

وأكد الدكتور القاضي عبد القادر جرادة ان القضاء العشائري لا يمكن ان يكون بديلاً عن النظامي لأن القضاء العشائري في فلسطين متوارث جيل بعد جيل ، والسر وراء ازدهاره ما مرت به فلسطين من تقلبات سياسية واجتماعية ، والتي جعلت منه حاضراً بقوة ، وقادراً في كثير من الأحيان على حل منازعات كثيرة ولكن أحكامه تحتاج الى الصيغة التنفيذية عبر القضاء النظامي اذا ما رفض المحكوم عليه الخضوع طوعا للالتزامات المترتبة على الحكم.

وأضاف د. جرادة ان ما يدفع المواطنين لذهاب الي القضاء العشائري عدم كفاءة العديد من القُضاء نتيجة قلة الخبرة التي تنقص البعض وعدم قدرة  المواطن على التكاليف الباهظة التي تدفع للمحامين والمحاكم طول مدة التقاضي التي تستمر لسنوات عدة,  ونوه ان التحزب السياسي يجعل البعض يرفض اللجوء إلى القضاء الرسمي لانتماء القضاء للحزب المنافس .

أساس العدالة

ويتابع د. جرادة  قائلاً :"ان القضاء النظامي أساس العدالة ولا يمكن أن يقوم على اقتناص الفرص أو كسب الوقت أو الاعتماد على شخص محدد في اصدر الحكم والعمل على اتباع الطريق الاسهل لحل المشكلات".

واشار إن المشاكل التي يثيرها القضاء العشائري وعدم اتساقه مع مبادئ العدالة وحقوق الإنسان تقتضي تجييره ليكون داعماً ومتكاملاً مع منظومة العدالة الرسمية بدلاً من أن يكون محبطاً لها رغم انه مطلب لنا باعتباره أحد الوسائل البديلة لحل بعض النزاعات.