خبر العقدة الصينية... يديعوت

الساعة 10:56 ص|12 يوليو 2013

العقدة الصينية... يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع وشمعون شيفر

(المضمون: ازمة في العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة من جهة واسرائيل والصين من جهة اخرى بسبب وجود حسابات بنكية لجهات ارهابية (في نظر اسرائيل) في بنك من أكبر بنوك العالم هو "بنك الصين" - المصدر).

في مطلع أيار سافر نتنياهو لزيارة الصين. وانضمت زوجته وابناه للزيارة، وكانت الصور ريفية فقد كانت عائلة نتنياهو تتجول في شنغهاي؛ وكانت عائلة نتنياهو تتسلق سور الصين. ولم تُشر الصور الى شيء من الضغوط التي صاحبت الدعوة للزيارة والازمة التي نشأت بين الثلاث: اسرائيل والصين وامريكا، وهي ازمة سرية بلغت نقطة الغليان في الايام الاخيرة.

يشارك في هذه القصة الصعبة كبار مستشاري رئيس الوزراء، وأذرع الامن ووزارة القضاء، وحكومة الصين، وبنك ضخم، والقيادة العليا لمجلس النواب في واشنطن، ومحكمة اتحادية في نيويورك، ومكاتب محامين في الولايات المتحدة واسرائيل وطريقة محاربة اسرائيل لتمويل منظمات ارهابية عربية.

يتهم محامون مشاركون في القضية ديوان رئيس الوزراء بسلسلة اجراءات مخطئة ورطت دولة اسرائيل وأضرت بقيم الدولة ومندوبيها ومصالح واضحة لها. وفي خلفية ذلك القصة المؤثرة في القلب لعائلة من فلوريدا فقدت ابنها في عملية تفجيرية في تل ابيب، وجُندت لخدمة مصالح دولة اسرائيل وتم التخلي عنها بعد ان قامت بعملها.

في مطلع العقد الماضي استعدت منظمات الاستخبارات في اسرائيل لتثبيط تحويل اموال لها صلة بالمشروع الذري الايراني وبعمليات ارهابية لمنظمات في العالم العربي. وشارك في هذا الجهد مقر محاربة الارهاب و"أمان". وأُنشئت وحدة كان اسمها "غلغال".

في مطلع 2005 تم الكشف عن محور لنقل اموال انتقلت من قيادتي حماس والجهاد الاسلامي في سوريا الى اقليم كوان جو في جنوب الصين ومن هناك الى الاذرع الارهابية لحماس والجهاد في غزة. وحصلت مجموعة من رجال اعمال فلسطينيين وأقرباء على اموال من سوريا اشتروا بها ملابس وألعابا صنعت في الصين وأرسلوها في حاويات عن طريق اسرائيل الى غزة من اجل رياض اطفال في الظاهر لكنها كانت في الواقع من اجل ان تُباع بيعا علنيا وفي الحوانيت. وقُسم المال بين المنظمتين وكان كله مخصصا لأهداف عسكرية.

وتسمى هذه البدعة بالمصطلحات القانونية "تبييضا بواسطة التجارة". وفي خلال سنتين أو ثلاث نُقل في هذا الطريق نحو من 6 ملايين دولار وهذا مبلغ كبير حينما يكون الحديث عن ارهاب.

افتتح 17 حسابا مصرفيا في "بنك الصين" من اجل تحويل اموال الارهاب. وسجلت الحسابات باسمي شابين فلسطينيين هما سعيد زايد رباح شرفة وهو طالب جامعي في العشرينيات من عمره، وزوجته ابنة الثامنة عشرة. إن بنك الصين واحد من أكبر المصارف في العالم وهو بنك تجاري كان في تلك الفترة في ملكية كاملة لحكومة الصين (وبيع بعد ذلك 20 أو 30 في المائة من أسهمه في البورصة).

في 2005 خرج داني أرديتي، رئيس مقر مكافحة الارهاب، لسلسلة لقاءات في بجين. واستقبله الصينيون هو ومرافقيه في بشاشة. وفي تلك الفترة قُبيل الالعاب الاولمنبية في بجين، حينما كان العالم كله يتظاهر على الصينيين، أظهروا حساسية كبيرة لعلاقاتهم الخارجية. وعلى أثر زيارة أرديتي تمت ثماني زيارات أو تسع لمبعوثين اسرائيليين للصين سلم الاسرائيليون في أثنائها باذن وتفويض سلطات الصين كل المعلومات ذات الصلة، واستمرت البشاشة واستمرت كذلك الحركات في حسابات البنك. وكان الزعم الأساسي للصينيين أن حماس لا تعتبر في نظرهم منظمة ارهابية ولهذا لا ينوون المس بالحسابات.

بنك الدم

أدركوا في اسرائيل ان الأمر لن يتم بالحسنى فكان القرار على تجربة طريقة اخرى وهي العمل على رفع دعوى قضائية في الولايات المتحدة على بنك الصين بزعم أنه يعمل قناة لتمويل الارهاب. ويعمل البنك الصيني في العالم بالدولارات. وله بعض فروق في نيويورك وفي شيكاغو ولوس انجلوس، يريد أن يتوسع بصفة بنك بالمفرق في مدن اخرى. وكان الافتراض انه اذا رُفعت دعوى في نيويورك فسيرتدع الصينيون ويتوصلون سريعا الى مصالحة مع المدعي والشيء الأساسي أنهم سيغلقون الحسابات.

وكان لاسرائيل عنوان مريح للتوجه اليه وهو جمعية اسمها "شورات هدين"، يرأسها المحامية نتسانا درشان – لايتنر. وتحصر الجمعية عملها في رفع دعاوى قضائية لمتضررين بالارهاب الى محاكم في خارج البلاد، والدول التي ترفع الدعاوى عليها على نحو عام هي ايران وسوريا والسلطة الفلسطينية. وأصبح البنك الصيني هدفا لأول مرة.

إن للمواطنين الامريكيين الذين كانوا ضحايا الارهاب تفضيلا في محاكم امريكية. ووجدت لايتنر مواطنا امريكيا مناسبا، فقد كان دانيال فولتس ابن الـ 16 من بوسطن في فلوريدا في زيارة عائلية لاسرائيل في 2006. وفي 17 نيسان قُتل بعملية تفجيرية في مطعم شاورما "روش هعير" في تل ابيب. وكان من كبير الكارثة ان وقف بالقرب من المخرب المنتحر وتهاوى بين ذراعي والده الذي أصيب اصابة بالغة. وصارع دانيال عن حياته 27 يوما وعاش أبوه. وقد جاء المال لتمويل العملية التفجيرية كما يزعم المتابعون من حساب في بنك الصين.

إن والدة الضحية، شرول كانتور فولتس هي ابنة عم زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس النواب الامريكي، اريك كانتور هو السياسي الأبرز في الكتلة المحافظة في مجلسي النواب وهو يهودي متحمس ومحب لاسرائيل ولكل ما تمثله وهو صديق مقرب من بنيامين نتنياهو ورون بريمر المستشار السياسي لرئيس الوزراء.

وفي اتصالات درشان – لايتنر بالعاملين في الاذرع الاستخبارية أصرت على ان تحصل على مساعدة مكثفة من الحكومة، وطلبت معلومات مُدينة عن عمليات البنك وتصريحات من ناس ذوي سلطة والتزام ان يُرسل الى المحاكمة شاهد مفوض يتحدث عن ان الصينيين عرفوا حقيقة الحسابات ورفضوا اغلاقها. وأُعطي التفويض شفهيا. وفي 2009 رُفعت الدعوى القضائية الى محكمة اتحادية في نيويورك. وجند الصينيون 30 محاميا من الطراز الاول وقد بحثوا عن حرب لا عن مصالحة وطلبوا قبل كل شيء رفض الدعوى القضائية رفضا باتا. وأُعطي الرد على صورة تصريح وقع عليه شلومو متالون، وهو متقاعد من ديوان رئيس الوزراء. ونظرت القاضية شيرا شايندلن في التصريح واقتنعت بأن الحديث عن دعوى حقيقية واستقر رأيها في الاستمرار في الاجراءات. وكانت هناك نتيجة ايجابية واحدة لرفع الدعوى القضائية وهي ان الفلسطينيين في كوان جو خافوا وأغلقوا القناة بمبادرة منهم.

شاهد مسموح به وشاهد محظور

احتاجت المحامية للاستمرار في المحاكمة الى شاهد. فتوجهت الى عوزي شعياه الذي كان يعمل في الماضي في اذرع الامن. وشعياه مثل كل من عمل في جهاز الامن ممنوع من تسليم معلومات بلغت اليه في اثناء خدمته إلا اذا تمت الموافقة له على ذلك. فتوجه الى المستوى صاحب القرار وأمروه بالرفض. وفي مرحلة ما دُعي شعياه الى ديوان رئيس الوزراء وأمروه هناك بالسفر والشهادة.

جاء الامر من المستوى السياسي، ويزعم مصدر في ديوان رئيس الوزراء ان العائلة توجهت الى كانتور، وأثر كانتو في بريمر وغير بريمر السياسة بسرعة. ولم يكن هذا آخر تعوج لديوان نتنياهو في هذه القضية.

في الاول من نيسان 2012 تلقى يكوتئيل فولتس مكالمة هاتفية من مساعدة رون بريمر. وعلى أثر المكالمة أرسل اليها الرسالة الالكترونية التالية: "نحن نشكرك جدا على كلامك الذي يقول انه لا توجد أية مشكلة بشأن الموضوع المتحدث عنه وأنكم تعملون الآن على التفصيلات الاخيرة. نأمل ان نسمع منك في الاسابيع القريبة عن الشهادة المتعلقة بالبنك".

وفي 14 أيار تحدث فولتس بالهاتف الى السفارة في واشنطن وبشروه من السفارة بأن "حكومة اسرائيل فوضت الى الجهات المعنية السماح بالتحقيق في القضية". وفي 20 آذار من هذه السنة وقع شعياه على رسالة الى المحامين. والتزم في الرسالة بأن يشهد في القضية مع عدة شروط وهي ان يتم التحقيق في اسرائيل وألا يضطر الى الكشف عن مادة سرية وألا تُنشر صورته وغير ذلك. ووافقت القاضية في نيويورك على الشروط كلها. ولم تعلم انه لا يوجد في اسرائيل قرار نهائي هو نهائي حقا. فالفم الذي منع وسمح هو الفم الذي سيمنع من جديد.

ونُشرت التفصيلات الرئيسة للقصة في تقريرين صحفيين شاملين أحدهما في صحيفة "هآرتس" بقلم عاموس هرئيل وروتي زوتا، والآخر في "وول ستريت جورنال". لكن الدراما لم تنته فقد زادت تعقيدا.

قرأ الصينيون رسالة التزام الشاهد الاسرائيلي وتوجهوا الى سفارة اسرائيل في بجين وهددوا بأنه اذا شهد الشاهد فلن تكون زيارة لرئيس وزراء اسرائيل للصين. لن نُمكنكم من دفن الصين في محكمة في نيويورك.

إن الصين قوة من القوى العظمى اعتادت ان تُملي على سائر العالم شروطها ولا يحصل أحد منها على تسهيلات. ونقل سفير اسرائيل في بجين، متان فلنائي، التهديد الى رئيس الوزراء في القدس. وأدرك نتنياهو أنه دُفع الى تضارب مصالح. وقد كانت الزيارة من جهة زيارة أرادها نتنياهو جدا بعد ان امتنع الصينيون عن استقباله في الولاية الماضية. وقد آمن بأنه سينجح في ان يُحدث تغيير استراتيجيا في العلاقات مع الصين.

وكانت من جهة اخرى مكافحة اسرائيل للارهاب والمساعدِين عليه التي بُنيت على تعليلات اخلاقية لا هوادة فيها وحلفها مع اصدقائها في الولايات المتحدة. وكان من جهة ثالثة الالتزام الذي أعطي للمحامين في القضية. وكانت من جهة رابعة عائلة ثكلى وأحد أقرباء العائلة وهو شخص مهم جدا لاسرائيل في واشنطن.

واختار نتنياهو الصينيين. فقد أعطي للصينيين قبل الزيارة التزام بألا يسافر الشاهد للشهادة. ولم يُبلغ أحد عائلة فولتس أو محاميها بالالتزام الجديد. وأدركوا في ديوان رئيس الوزراء وفي وزارة القضاء انه نشأ هنا تعقد خطير. فألقى نتنياهو على رئيس مجلس الامن القومي، يعقوب عميدرور، مهمة حل العقدة. وكان عميدرور في الطريق للخروج من ديوان رئيس الوزراء فلم يحل العقدة. وتمت في ديوان رئيس الوزراء وفي وزارة القضاء مباحثات ماراثونية بسرية تامة. وبقي المحامون في الخارج. وحينما ضغطوا على مصادرهم في الحكومة واجهتهم أجوبة حائرة ومتهربة وكذلك كانت حال العائلة.

لم تُبلغ اسرائيل في تلك الاثناء المحكمة شيئا. فقد فعل الصينيون ذلك بدل اسرائيل، فقد أبلغوا في خلال شهر حزيران القاضية شايندلن ان اسرائيل التزمت بألا يمثل الشاهد.

فغضبت القاضية غضبا شديدا، وفي الثاني من تموز كتبت رسالة الى غيل ابريئيل، المستشار القانوني لمجلس الامن القومي، وطلبت ان تتحدث هاتفيا مع ابريئيل في التحقيق مع عوزي شعياه. وكتبت تقول: "ان محامي البنك يفترضون ان حكومة اسرائيل لن تُمكن الشاهد من الشهادة. وكي نوفر على الجميع سفرا لا حاجة اليه الى اسرائيل أريد أن استوضح منك مصير الشهادة".

وكان ثم سبب آخر جيد لتكون غاضبة جدا، فقد كان محامو البنك الصيني يرسلون اليها كل خمس سنوات تهديدات هددوا فيها برفع دعاوى جنائية ودعاوى تشهير بملايين. وأُرسلت تهديدات ايضا الى مكتب المحاماة بويس – شيلر في نيويورك.

وكانت دعوى عائلة فولتس من وجهة نظر المكتب أمرا اخلاقيا قبل كل شيء وعاما وقيميا. وعُين لعلاج القضية المحامي لي بولوسكي الذي عمل في ادارتي كلينتون وبوش على تعقب تحويل اموال الى منظمات ارهابية. وقد حضر هذا الاسبوع الى البلاد في زيارة اخرى والتقى مسؤولين كبار في حكومة اسرائيل. وقال لهم: "ان الموضوع هنا في كفة الميزان والثقة بحكومة اسرائيل. قرروا هل تحاربون الارهاب أم لا تحاربونه". ولم يكونوا قادرين على اعطائه جوابا ملزما، فهم لم يعرضوا على العائلة شيئا حتى ولا باشارة خفية.

ان مدعين عامين لا يخشون مواجهة رؤساء ورؤساء حكومات أصيبوا بالبكم فالخشية من تحمل مسؤولية عن ورطة اخرى دولية أصابتهم بالشلل. واستقر رأي بولوسكي على انتظار جواب في اسرائيل الى ان يقلع من هنا بعد غد.

بجين في أيدينا

إن الأجل المسمى الذي سمته القاضية هو 31 آب. ماذا سيحدث اذا لم يمثل الشاهد في الأجل المسمى؟ يُقدر محامو عائلة فولتس ان القاضية ستتخذ خطوات فاسرائيل موقعة على وثيقة لاهاي التي تلزمها بأن تسلم دولا اخرى معلومات حينما يُحتاج اليها في دعاوى قضائية مدنية، واذا رفضت اسرائيل فسيُثار طلب إبعادها عن الوثيقة. وقد تصدر القاضية استدعاءات لاسرائيليين مشاركين في القضية واذا لم تعمل هي على ذلك فسيعمل المحامون فهم يتحدثون عن حرب.

نتنياهو متفائل بمستقبل العلاقات بين اسرائيل والصين. وتزعم بعض المصادر الحكومة انه على أثر احباط الشهادة في هذه القضية فُتحت صفحة جديدة واعدة جدا في العلاقات بين القدس وبجين، ونشأت ثقة بين الجهازين الاستخباريين والجهازين الامنيين، ويوجد استعداد كبير للاستثمارات والتجارة الخارجية. فقد أصبحت الصين في أيدينا.