خبر الاقصاء عقيدة/ مصطفى ابراهيم

الساعة 09:00 ص|12 يوليو 2013

كشفت الاحداث الجارية في مصر حدة الاستقطاب في ساحتنا الفلسطينية التي وصلت حد التماهي مع ما يجري هناك، فالاستقطاب الحاد الذي نراه في الشارع الفلسطيني الذي هو جزء من ما يجري في الحالة العربية، يبين مدى اتساع الفجوة بين ما يتم تقديمه من تنظير ورفع شعارات و مبادئ العدالة والحق واصطفاف كل طرف حسب المواقف السياسية لكل منا.

ووصل التماهي في حالتنا الفلسطينية في ما يجري حد التناقض، كما هو الحال مع النظام السوري، يكون معه من الصعب الفهم اصطفاف طرف معه لم يكن في أي يوم من الايام مؤيد له، وكان وما زال يعتبره عدوا مركزيا له، وكشفت الاحداث الجارية في الحالة العربية عن قبول الكل لإقصاء الاخر، وعدم قبول فكرة حق الاخرين في العمل السياسي والثورة من اجل الحرية والعدالة.

في حالتنا الفلسطينية اصطفت القوى الوطنية الديمقراطية واليسارية في حالة غريبة مع النظام السوري واصطف بعض من هؤلاء من المثقفين و الجماعات الاسلامية ضد النظام السوري، وما يحدث الان من ما يجري في مصر، فالقوى والفصائل الوطنية الديمقراطية واليسارية الفلسطينية اعلنوا موقفهم صراحة بتأييدهم لما يجري في مصر بعزل الرئيس محمد مرسي.

وانطلق هؤلاء من موقف ان الجماعات الاسلامية خاصة جماعة الاخوان المسلمين و حركة حماس هي الابنة الشرعية لجماعة الاخوان بطبيعتها إقصائية ولا تقبل الاخر ولا تعترف به، و مع ان التجربة اكدت ذلك خاصة في حالتنا الفلسطينية، لكن ايضا القوى الوطنية الفلسطينية تتحمل جزء من هذا.

ومع ذلك فهذه المواقف التي تقبل على نفسها الاصطفاف لجانب ضد اخر وتدعي قبولها بالديمقراطية، فهي مستعدة لقبول اكثر من ذلك، مع ان قناعات بعض القوى الوطنية خاصة اليساريين ترفض صفة اقصاء الاخر وتناضل ضده، لكن واضح اننا اصبحنا نقبل ذلك وندافع عنه لسيادة طرف وإقصاء اخر، في ممارسة غير مقبولة بالادعاء ان الكل يساهم في بناء مجتمع العدالة وسيادة القانون، وهذا يؤشر للتناقض الذي تمارسه وتعيشه تلك القوى بعيدا عن مبادئها، وخوفا من الاخر، من دون ان تقدم رؤية اكثر اقناعا للناس لبناء المجتمع و الدولة الديمقراطية التعددية والتي تؤسس للعدالة الاجتماعية.

وفي حالة يصعب أحيانا على الانسان الفهم، على سبيل المثال لم تستطع القوى الفلسطينية مجتمعة في بداية الثورة المصرية في العام 2011، ان تعلن موقف صريح ووقوفها الى جانب الثورة، وانتظرت حتى تنحي مبارك، وحدث ذلك ايضا مع حكم العسكر، وعندما عزل مرسي لم ننتظر وكانت اول المهنئين بالثورة المصرية، وذلك لان من سقط هم جماعة الاخوان المسلمين.

اذا ما يجري في ساحتنا الفلسطينية ان الاقصاء لدينا عقيدة وحالة ثأرية وقبلية، فالقوى الوطنية مجتمعة بما فيها اليسارية التي تنادي بالتعددية الديمقراطية والعدالة، تشارك في هذا الاقصاء وهي من توجه الاتهام لحركة فتح بأنها تستأثر بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وتتحكم بمصير الشعب الفلسطيني، وما زالت ايضا تتهم حركة حماس بأنها إقصائية وتستأثر بالحكم في قطاع غزة.

فما نراه هو انكار لوجود قاعدة شعبية لجماعة الاخوان المسلمين لا يستهان بها وهي جزء اصيل من المجتمع المصري، ونحن في فلسطين تماهينا تماما مع ما يجري في مصر، وننفي حقها في المشاركة وبعض منا ايد الانتهاكات التي ترتكب ضد اعضاء جماعة الاخوان المسلمين وما يقوم به الجيش المصري والتحريض الاعلامي ضدها.

ادرك ان كثر سينتقدون موقفي وأنني لم اتحلى بالنقد الموضوعي وتخليت عن حياديتي، لكن واجبي يحتم علي توجيه النقد للطرف الذي اتعاطف معه و ينادي و يتمسك بالقيم والمبادئ الثورية، ويرفع شعارات العدالة الاجتماعية والديمقراطية، فالشعارات يجب ان تترجم للممارسة، وليس انطلاقا من مواقف سياسية تتبدل حسب الحاجة والتحالفات والخصومة السياسية، حتى لو كان الخصم رجعي ومستبد وإقصائي، فالاختلاف معه يجب ان يكون بناء على قاعدة الخصومة الديمقراطية، فنحن ما زلنا تحت الاحتلال وبحاجة للاتفاق على القواسم المشتركة في مرحلة التحرر الوطني.

ومطلوب منا نحن الفلسطينيين مراجعة كل مواقفنا السابقة والعمل بسرعة على انهاء الانقسام، والاتفاق على محددات العمل الوطني المشترك في ظل هذا الغموض الذي يكتنف الربيع العربي، وتحديد موقفنا من ما يجري بعيدا عن الاصطفاف السياسي والإقصاء.