خبر تجارب على بني البشر- هآرتس

الساعة 08:36 ص|09 يوليو 2013

تجارب على بني البشر- هآرتس

بقلم: ايلان ليئور

        (المضمون: بعد سنوات من المباحثات والتحفظات والاستئنافات القضائية بدأت أمس مرحلة تجربة انشاء مخزن بيومتري مع معارضة لهذا المخزن من قبل بعض الجهات تزعم ان البطاقة الذكية أمر حسن ومناسب لكن ليس كذلك انشاء المخزن - المصدر).

        خرج وزير الداخلية جدعون ساعر أمس (الاثنين) من مكتب السكان في ريشون لتسيون وبسمة على وجهه، فقد كان عنده سبب جيد. فبعد عقدين من المباحثات والمعارضات والانتقاد، انطلق المخزن البيومتري في طريقه. وجمع ساعر مؤتمرا صحفيا أكد فيه أن الانتقال الى بطاقات ذكية ضروري لوقف الظاهرة السائدة وهي ظاهرة تزوير بطاقات الهوية وجوازات السفر. وقد رفض ساعر انتقاد اقامة المخزن رفضا باتا وأعلن قائلا: "ليس ما يدعو الى الاصابة بالذعر. أُنشئت اجهزة تثبت لأعلى معايير تأمين المعلومات والحفاظ على الخصوصية"، أراد ان يُهديء نفوس من يخشون تسرب المعلومات الحساسة.

        تظاهرت من خارج المبنى في ذلك الوقت مجموعة معارضين صغيرة لانشاء المخزن. وكُتب في احدى اللافتات "لا تعطوهم إصبعا". وكان آخرون أكثر حدة في القول. وحذر المتظاهرون من دخول خطير الى خصوصية سكان الدولة ومن آثار كارثية اذا انتقلت المعلومات الى الأيدي غير الصحيحة، ودعوا كل من كان مستعدا للاصغاء الى عدم المشاركة في التجربة.

        كان يبدو ان التحذيرات لم تؤثر تأثيرا خاصا فيمن جاءوا الى مكتب السكان. فقد فتح المكتب أبوابه بعد نصف ساعة من خروج وزير الداخلية وامتلأ سريعا. "سمعت بذلك عرضاً وجئت لاستصدار جوازات سفر للاولاد"، قال اهارون بن حامو. "أعلم أنهم يستطيعون ان يعرفوا عني كل شيء، لكن ليكن. اذا كنت أعطي بصمتي في المطار أفليس هذا هو الشيء نفسه؟ ونحن مكشوفون اليوم ايضا بالانترنت".

        يشتمل الموقع الجديد على آلة تصوير ذات قدرات عالية وجهاز لأخذ البصمات. وتطول عملية التسجيل من 10 دقائق الى 15 دقيقة مع إتمامها تُنقل صور ذات نوعية عالية وبصمات السبابة في كل يد الى مخزن بيومتري محوسب. وبحسب القانون تحفظ سلطة ادارة المخزن البيومتري المعلومات في مخزن مؤمن ومُشفر ومقطوع عن الانترنت وكل شبكة اتصالات اخرى. وبعد تسليم المعلومات تُمحى المعطيات من حواسيب سلطة السكان والهجرة ويُمكن رمز شيفري فقط من ربط المعطيات البيومترية بالتفصيلات الشخصية لكل شخص.

        على أثر استئناف الى المحكمة العليا وانتقاد عام من منظمات حقوق الانسان وخبراء في تأمين المعلومات، سيثبت المخزن البيومتري لامتحان مدة سنتين، وسيكون الانضمام اليه في اثنائها تطوعيا فقط.

        بدأت التجربة أمس في مكتبي السكان في ريشون لتسيون وأسدود. وستنضم اليوم ايضا هرتسليا وكفار سابا، وسيمكن حتى نهاية الشهر القادم اصدار البطاقات الجديدة والانضمام الى المخزن في جميع أنحاء البلاد. وبعد سنتين سيُفحص عن نجاح التجربة ويُطلب الى الكنيست آنذاك أن تبت أمرها أتستعمل المخزن البيومتري في خطته الحالية بصورة دائمة وتُلزم جميع سكان الدولة أن ينتقلوا الى البطاقات الجديدة. ويزعم معارضو المخزن انه لا توجد حاجة حقيقية الى جمع بصمات وصور وجوه لأصحاب البطاقات. ويقولون انه كان يمكن ان تُستبدل البطاقات الموجودة التي لا تكفي وسائل تأمينها ببطاقات ذكية يصعب تزويرها حتى من غير أن يُقرن ذلك بانشاء مخزن بيومتري. ويُحذرون قائلين إن فائدة هذا المخزن تصبح قزما اذا قيست بالأخطار الكامنة فيه.

        "نحن نؤيد البطاقة الذكية لكننا نعارض المخزن البيومتري، فنحن غير مستعدين لأن يُجروا تجارب على البشر"، قالت البروفيسورة كارين نيهون من حركة الحقوق الديجيتالية التي كانت بين المستأنفين الى المحكمة العليا اعتراضا على انشاء المخزن. "لا سبيل عندي الى الاستبدال ببصماتي ولا سبيل الى الاستبدال بصورة وجهي، أصبح هذا الآن مسا شديدا لا يمكن الرجوع عنه بحياتنا الخاصة".

        "ستنشأ حملة هي في ظاهرها تطوعية، لكنهم يستعملون بالفعل وسائل ابتزاز ويشترطون الحصول على بطاقات هوية ذكية بالموافقة على المشاركة في الحملة وشمل المعطيات البيومترية في المخزن"، أضاف المحامي أفنير بنتشوك رئيس مجال المعلومات والحياة الخاصة في جمعية حقوق المواطن. وذكر أن مراقب الدولة وجه في الماضي انتقادا على سلوك الدولة التي كانت تستطيع ان تصدر البطاقات الذكية في 2007 دونما صلة بالمخزن البيومتري.

        ووجهت المحكمة العليا ايضا في الصيف الماضي انتقادا لخطة انشاء المخزن. واستجابت الدولة لاقتراح القضاة مريام نيئور وحنان ملتسر واسحق عميت، وأصدرت بعقب المداولة القضائية أمرا جديدا يشمل بين ما يشمل مقاييس لنجاح التجربة وفشلها وفحصا عن خيارات اخرى أقل ضررا. وتساءلت نيئور، نائبة رئيس المحكمة العليا، لماذا تُصر الدولة على أن تقرن بطاقات الهويات الذكية بالمخزن البيومتري برغم أنه يمكن اصدار البطاقات من غير المخزن ايضا.

        "يرمي المخزن الى حل جميع أنواع مخاوف وزارة الداخلية من تنكر في مرحلة الاصدار"، بيّن بينتشوك. "ويؤلف هذا بين سلسلة سيناريوهات لها حلول اخرى في مرحلة الاستجواب مثلا. من السهل جدا جدا ان يُقال إنني آتي وأتنكر بهوية شخص آخر، لكن فعل ذلك أصعب. إن لدولتنا الكثير من المعلومات الشخصية عن كل واحد منا. وتستطيع بهذه المعلومات ان تتحقق بسهولة من المعلومات عمن يجلس في مكتب السكان ويطلب بطاقة".

        وقال إنهم في دول اخرى أدركوا الأخطار الكامنة في احراز المعطيات البيومترية في مخزن، ووجدوا حلولا اخرى للتحقق من هوية الشخص. "في بريطانيا اذا جئت لطلب جواز بيومتري لأنه لا يوجد عندهم مخزن، أقروا ترتيبات اخرى للتحقق من الهوية، وهم يفعلون ذلك بمقارنة معلومات شخصية عن طالب الجواز من مصادر مختلفة، وبعد ذلك يمحون المعلومات في الحال". ويضيف انه لا يوجد في أي دولة غربية سوى اسبانيا مخزن بيومتري الانضمام اليه واجب.

        حذّر خبراء تأمين المعلومات في الماضي من انه لا يمكن منع تسرب المعطيات تماما، لكن استعمال السلطات ايضا للمخزن يقلق المعارضين. "تدل تجربة الماضي على ان المعلومات التي تملكها الدولة من اجل غاية ما يُنتقل سريعا جدا الى استعمالها لغايات اخرى"، يقول بينتشوك ويقصد في الأساس استعمال الشرطة للمعطيات البيومترية. ويقضي القانون بألا يكون للشرطة وصول مباشر الى المخزن لكنها تستطيع في المستقبل (بعد فترة التجربة) ان تطلب معلومات محددة وتحصل على أجوبة.

        "إن السؤال الأساس هو مجرد حق الدولة في حيازة مخزن كهذا يمنح قوة غير مضبوطة لا في مواجهة مخالفي القانون فقط بل في مواجهة كل انسان"، قالت أمس رئيسة المعارضة شيلي يحيموفيتش. "نعلم جميعا ان المسألة مسألة وقت فقط الى ان يتسرب هذا المخزن الى جهات كثيرة الاموال أو حتى الى جهات معادية قد يكون عندها عنوان وصورة وجه وبصمات لجنود الجيش الاسرائيلي مثلا". ورفض رئيس سلطة ادارة المخزن البيومتري، جون كامني، الدعاوى وأكد ان المعطيات البيومترية مؤمنة في أعلى مستوى. وذكر ان دولا كثيرة اخرى في العالم سوى اسبانيا انشأت أو تنشيء في هذه الايام مخازن مشابهة ومنها سويسرا والمكسيك والبرتغال وتشيلي.

        ويقول كامني إنه لا فائدة من بطاقات الهوية والجوازات الجديدة من غير المخزن البيومتري. "إن ناسا كثيرين اليوم يستعملون هويات مزورة وسيضطر اولئك الناس الى ان يجدوا منفذا لفعل ذلك في العصر الجديد ايضا، فحينما لا تستطيع ان تزور بطاقة في البيت تتجه الى موظف سلطة السكان وتتنكر بهوية اخرى وتحصل على بطاقات جديدة كل واحدة باسم مختلف، لكن مع معطياتك البيومترية"، يُبين. ويقول إن المخزن البيومتري سينجح في منع هذا السيناريو بالضبط.