خبر كيف تقرأ « إسرائيل » الأحداث الجارية في مصر؟

الساعة 06:23 م|08 يوليو 2013

غزة

في أعقاب ما حدث في جمهورية مصر العربية من الإطاحة بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي مروراً بالمظاهرات المليونية اليومية والتي كانت في معظم الأوقات تنتهي بمواجهات بين مؤيدي ومعارضي مرسي وانتهاءً بما حدث فجر اليوم الاثنين من مقتل ما يقارب 50 مصرياً برصاص الجيش المصري، فإن الصورة بدأت تنعكس سلباً على أمن "إسرائيل" بكافة جوانبه.

وفي مقال للكاتب الإسرائيلي "عاموس هرئيل" والذي نشره على صحيفة هآرتس صباح اليوم أشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية قد تشعر قريباً ببعض نتائج ما وصفه "بالهزات الفرعية" التي من المتوقع أن تنتج عن الأحداث الجارية في مصر لا سيما في شبه جزيرة سيناء والتي شهدت على مر الأيام احتجاجات شعبية متواصلة ضد الإطاحة بحكم الرئيس مرسي، بل مواجهات عسكرية بين جماعات مسلحة وعناصر للقوات المسلحة التابعة للجيش المصري.

وبالنظر إلى موقف حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة قال الكاتب "هرئيل" "إن الحركة تحافظ ولو بشكل مؤقت على ضبط النفس، والتي على ما يبدو تنتظر مزيداً من التطورات في مصر قبل بلورة موقفها وردة فعلها"، مشيراً إلى أن موقف الحركة قد يؤدي إلى تصعيد ما في التوتر مع "إسرائيل".

وكانت مصادر عسكرية مصرية قد ادعت أمس الأحد أن الجيش المصري قد بدأ بحملة واسعة النطاق ضد جماعات مسلحة تعمل في سيناء، كما أنها شددت من إجراءاتها الأمنية في المناطق الشمالية لسيناء، وبحسب ادعاء تلك المصادر فإن الجيش قد دمر ما يقارب من أربعين نفقاً كانت تلك الجماعات تستخدمها في الدخول والخروج إلى قطاع غزة، على حد تعبيرها.

وكانت عدة مناطق في سيناء قد شهدت موجة عاصفة من الأحداث تم الإعلان عن مقتل 5 ضباط نتيجة لتلك الأحداث، كما تم تفجير أنبوب الغاز الواصل بين مصر والأردن، فضلاً عن الاحتجاجات السلمية المتواصلة دعماً للرئيس المعزول محمد مرسي في مدن شمال سيناء والتي أبرزها مدينة العريش.

غير أن مدى الجهد الحالي الذي يمكن للقوات المصرية أن توظفه في سيناء محدود بطبيعته، وذلك بسبب اهتمام القيادة العسكرية الموجه لإعادة الهدوء في المدن الأهم وهي القاهرة والإسكندرية وفي كافة مدن الجمهورية المصرية.

ويشير الكاتب إلى أنه على الرغم من نشر الجيش المصري لمزيد من قواته في سيناء والتي شاركت في تلك التعزيزات لأول مرة مروحيات قتالية وبعض الدبابات التي تمركزت بالقرب من حدود قطاع غزة والتي جاءت تلك التعزيزات الأمنية بعد إذن مسبق من "إسرائيل"، إلا أن القيادة الحالية في مصر ترى الأولوية الأكثر إلحاحاً في الحفاظ على الأمن في المحافظات الكبرى، وأعرب الكاتب عن شكوكه إزاء ما يمكن أن يتم الإعلان عنه من توسع عمليات الجيش في سيناء ضد الجماعات المسلحة.

وأوضح الكاتب أن الهدف الرئيس للجماعات الإسلامية في سيناء هو ضرب النظام الجديد الذي فرضه الجيش وعودة الرئيس مرسي للحكم وليس الهجوم على "إسرائيل"، معرباً عن شكوكه حول استطاعة الجيش المصري التصدي لتلك الجماعات من عدمه في حال قرر زعماؤها الهجوم على الحدود مع "إسرائيل" والذي يمكن أن يخدم أهدافهم.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد تحدث في مستهل جلسة حكومته الأسبوعية بعد ظهر أمس الأحد بشأن استكمال بناء الجدار على الحدود المصرية مع "إسرائيل"، قائلاً "إنه من الصعب حالياً التسلل عبر الحدود المصرية إلى إسرائيل سواء من أولئك الذين يطلبون اللجوء القادمين من الدول الأفريقية أم الجماعات المسلحة المتواجدة باستمرار في سيناء".

وعلى الرغم من تصريحات نتنياهو تلك إلا أن الكاتب يرى عكس ذلك، قائلاً "إن الإسلاميين يمكنهم أن يبادروا إلى عمليات لا تنطوي بالضرورة على اجتياز الجدار الحدودي، واتخاذ مسارٍ آخر وذلك من خلال إطلاق الصواريخ على مدينة إيلات كما حدث الخميس الماضي حين أطلق صاروخ على الأقل نحو إيلات".

ويضيف الكاتب "ينبغي علينا افتراض أنه من المتوقع أن يتم إطلاق المزيد من الصواريخ على إيلات خلال الفترة المقبلة"، لافتاً إلى أن الجيش الإسرائيلي سيمتنع عن تعزيز قواته على الحدود المصرية، لكنه سيركز في الوقت ذاته بقدر أكبر على إمكانيات جمع المعلومات الاستخباراتية حول ما يجري على مقربة من الحدود في سيناء.

ويصف الكاتب الحدود مع قطاع غزة بالضلع الثالث في مثلث الحدود والذي اعتبره هادئاً حتى اللحظة، لافتاً إلى أن حركة حماس تتابع الأحداث الجارية في مصر عن كثب كيف لا وهي التابعة للحركة الأم الموجودة في الدولة المجاورة والمتمثلة بجماعة الإخوان المسلمين.

ويشير الكاتب إلى أن الهدوء النسبي الذي ساد قطاع غزة منذ الانتهاء من عملية عامود السحاب في نوفمبر الماضي والذي كان نتيجة مباشرة لتفاهمات بين مصر وحركة حماس، مدعياً أن حكم جماعة الإخوان المسلمين قد قدم لحركة حماس دعماً سياسياً ولوجستياً خلال عامود السحاب، مقابل وقف إطلاق النار على "إسرائيل".

ولا يزال من السابق لأوانه القول ما إذا كانت هذه الحالة المثالية قد انتهت بالضرورة الآن، ومما لا شك فيه أن حماس كانت تفضل استمرار حكم الإخوان المسلمين في القاهرة، لكنها بحاجة لمصر وذلك بسبب موقعها الجغرافي مهما كانت هوية النظام الجديد.

اللافت للنظر هنا أن النظام الجديد ومنذ إعلان الإطاحة بالرئيس مرسي قد أعلن عن إغلاق معبر رفح الواصل بين مصر وقطاع غزة، كما أن قادة الجيش المصري قد وجهوا لحركة حماس في الآونة الأخيرة رسالة مفادها منع عبور نشطاء من القطاع إلى أراضيها خشية مشاركتهم في الأحداث الجارية في سيناء، في حين كانت حماس متجاوبة مع تلك الرسائل وإن كانت بدرجة غير مقبولة لدى الجيش المصري، على حد تعبير الكاتب.

وفي المدى الأبعد بعض الشيء فان إغلاق المعابر يعني وجود أزمة اقتصادية خانقة في قطاع غزة، وبحسب ما جاء على لسان الكاتب فإنه ومن أجل الخروج من تلك الأزمة يمكن أن تتجه حركة حماس في محاولة منها للضغط على الجانب المصري بالتهديد في ضرب "إسرائيل" حتى ولو كان الأمر يتعارض مع مصالحها الأعمق، ويبقى هذا السيناريو الأضعف الذي يمكن أن تستخدمه الحركة من أجل الخروج من الأزمة.

أما في مصر نفسها، فيشتد القلق إزاء استمرار دائرة الدم لزمن طويل، خاصة في ظل رفض جماعة الإخوان المسلمين لمحاولات ما توصف بجس النبض من قبل النظام الجديد بهدف منع إطالة الصدامات المباشرة بين الطرفين "المعارض والمؤيد للرئيس مرسي".

وبحسب ما جاء في مقال الكاتب فإنه وعلى الرغم من أن الإخوان المسلمين لا يملكون الوسائل القتالية بالحجم الذي تتمكن قوات الأمن من التصدي لهم، تحاول الإخوان من خلال المزج بين الدعوات والخروج بالملايين في الشوارع في مظاهرات عاصفة، تترافق أحياناً بإطلاق نار في محاولة منها للضغط على النظام الجديد وفرض المصاعب عليه لعودة الرئيس مرسي للحكم، على حد تعبير الكاتب.

وأوضح الكاتب أن حشد الجماهير من المعارضين لحكم الإخوان في ميدان التحرير، إضافة إلى الخطوة التي قام بها الجيش والتي يعتبرها الإخوان انقلاباً كاملاً في مصر قد تركا انطباعاً جديداً في الصراع القائم في محافظات مصر، لافتاً إلى أنه على الرغم من ذلك إلا أن الإخوان لا يزالون قادرون على تجنيد مئات الآلاف من جانبهم ليس فقط في القاهرة بل وفي المدن الأخرى أيضاً.

وعلى الرغم من أن معظم قيادات الإخوان لا تدعو عناصرها لإطلاق النار على قوات الأمن المتواجدة في شوارع مصر، إلا أنها في الوقت ذاته تعتبر أن سقوط عدد كبير من القتلى في المظاهرات سيهز شرعية النظام الجديد، كما أن عدداً ربما يكون كافياً من أنصار الإخوان والذين يعتبرون متطوعين مفعمين بالدافعية ممن يضحون بأنفسهم من أجل الحفاظ على قوتهم أمام ما يعتبرونهم تحالف الولايات المتحدة و"إسرائيل".

ويشير الكاتب إلى أن المحللين في وسائل الإعلام العربية يتحدثون عن محاولة الجيش فرض هيبة الحكم على المعارضين في مظاهرات ثورة 25 يناير والتي انتهت بسقوط الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك حيث امتنع جنرالات الجيش عن ذلك وساهموا في انهياره.

في حين لفت الكاتب إلى أن لدى الجيش المصري أسباب قال إنها وجيهة للتردد في استخدام وسائل فظيعة، أحدهما يرتبط برد الفعل الأمريكي، مشيراً إلى أن استمرار القتل سيعرض المساعدات الاقتصادية المقدمة من أمريكا للخطر.

ويبقى الحل للوضع الراهن في مصر متعلق بالموقف الصارم الذي اتخذته جماعة الإخوان المسلمين بعدم الحوار مع النظام الجديد أو أي شخصية مصرية قيادية إلا بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي، كما أنها أعلنت رفضها القاطع للخطوات التي اتخذها الجيش منذ عزل الرئيس مرسي عن الحكم، وهي لا زالت تواصل اعتصامها في عدة ميادين في المحافظات المصرية.