خبر مركز حقوقي يعرب عن قلقه جراء تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة

الساعة 01:09 م|08 يوليو 2013

وكالات

اعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن قلقه العميق إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، خاصة في ضوء إغلاق معبر رفح الحدودي، الذي شكل على مدى السنوات الماضية، قناة الإتصال الوحيدة لحركة وتنقل سكان القطاع مع العالم الخارجي، و يكشف هذا الوضع مجدداً عن حقيقة الظروف التي يحياها القطاع، في ظل سياسة العقاب الجماعي، والحصار الذي تفرضه السلطات "الإسرائيلية" المحتلة على كافة المعابر المحيطة بالقطاع منذ 6 سنوات.

وناشد المركز في بيان وصل "فلسطين اليوم" الحكومة المصرية بإعادة النظر في قرار إغلاق معبر رفح الحدودي، لأسباب إنسانية، ولإنهاء معاناة آلاف العالقين في قطاع غزة ومصر، ودول العالم المختلفة، والمحتجزين في مطار القاهرة. كما يدعو المجتمع الدولي، إلى التدخل الفوري، والضغط الجاد على السلطات الإسرائيلية المحتلة، من أجل فتح كافة المعابر، وإنهاء الحصار عن القطاع، ووقف سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها بحق السكان المدنيين.

وقال المركز "إن الأوضاع التي يعيشها سكان قطاع غزة في هذه الأوقات تعيد إلى الأذهان أقسى مراحل الحصار التي عاشها القطاع في سنوات الحصار الأولى، فقد أدى إغلاق سلطات الاحتلال لكافة المعابر التجارية والمخصصة لتنقل الأفراد منذ يونيو 2007 إلى تدهور مجمل الأوضاع المعيشية للسكان، وقد استمرت الأوضاع المتفاقمة نحو 3 أعوام متتالية، وبدأت تخف حدتها مع إعلان السلطات المصرية، عن فتح معبر رفح في مطلع يونيو2010، وذلك لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وتنقل فئات محددة من المواطنين من خلال المعبر، وهو ما أحدث إنفراجاً جزئياً على مستوى الحصار المفروض على حركة الأفراد. كما أدى توريد السلع الأساسية إلى قطاع غزة من خلال الأنفاق على الحدود الفلسطينية / المصرية، إلى حدوث سد احتياجات المواطنين جزئياً، وقد أنقذت البضائع المُوردة إلى القطاع عبر الأنفاق، وخاصة المواد الغذائية والأدوية والوقود ومواد البناء والسيارات، انهيار كافة القطاعات الأساسية اللازمة لاستمرار الحياة في القطاع".

واضاف وفي تطورات جديدة، ناتجة عن الأزمة المصرية الداخلية، وتدهور الأوضاع الأمنية في محافظة شمال سيناء، أغلقت السلطات المصرية معبر رفح الحدودي بتاريخ 5/7/2013، وقد سبق قرار إغلاق المعبر، فرض إجراءات على المنطقة الحدودية، من ضمنها فرض قيود على الواردات إلى قطاع غزة عبر الأنفاق. وقد كشفت تلك الإجراءات زيف الادعاءات الإسرائيلية بشأن تخفيف الحصار المفروض على القطاع.

ووفقاً لمتابعات المركز، فقد شهد القطاع نقصاً شديداً في معظم السلع الأساسية، كما شهد نفاذ معظم أنواع الوقود، وعدد من أصناف مواد البناء، ويتبين من الإحصائيات التي وثقها المركز، أن المواد التي تسمح إسرائيل بدخولها من خلال المعابر التي تسيطر عليها، لا تسد أدنى احتياجات القطاع، فقد سمحت السلطات الإسرائيلية خلال شهر يونيو بتوريد 5,424 شاحنة، بمعدل 181 شاحنة يومياً، ويمثل عدد الشاحنات التي سُمح بمرورها 31.7% من عدد الشاحنات التي كانت تُورد إلى القطاع قبل فرض الحصار، والبالغة 570 شاحنة يومياً.

واشارت إحصائيات المركز إلى أن معظم المواد التي وُردت إلى القطاع استهلاكية، فيما ظل استيراد العديد من أصناف المواد الخام محظوراً، وقد اعتمد سكان القطاع خلال السنوات الماضية في سد احتياجاتهم الأساسية على السلع التي كانت تُورد عبر الأنفاق على الحدود الفلسطينية / المصرية.

كما رصد المركز نفاذ معظم أنواع الوقود في قطاع غزة، فقد نفذ غاز الطهي من جميع محطات القطاع، وأدى ذلك إلى تكدس آلاف اسطوانات الغاز، وذلك بسبب محدودية كمية الغاز التي سمحت السلطات المحتلة بتوريدها إلى القطاع، حيث بلغت خلال شهر يونيو 3,160 طناً فقط، بمعدل يومي بلغ 105.3 طن فقط، وتعادل هذه الكمية 52.6% من احتياجات السكان اليومية، والتي تصل إلى 200 طن، مشيرا أن أسطوانات غاز الطهي التي كانت تُورد إلى القطاع عبر الأنفاق ساعدت نسبياً في سد احتياجات السكان الأساسية خلال السنوات الماضية.

وتابع:"كما أدى توقف توريد مادتي السولار والبنزين عبر الأنفاق إلى نفاذ كامل الكميات الموجودة في المحطات، ما أدى إلى إغلاق معظمها، وظل عدد محدود منها يعمل معتمداً على الكميات المُقلصة التي تسمح سلطات الاحتلال بتوريدها، حيث سمحت خلال شهر يونيو بتوريد 371,000 لتر سولار و578,800 لتر بنزين، وتعتبر هذه الكميات محدودة جداً قياساً باحتياجات القطاع، التي كانت تصل قبل قرار السلطات المحتلة في نوفمبر 2007 بتقليص كمية الوقود الواردة إلى القطاع، إلى نحو 350,000 لتراً من السولار و120,000 لتر بنزين يومياً".

كما رصد المركز خلال الأسبوعين الماضيين ارتفاعاً كبيراً في أسعار كافة مواد البناء، ونفاذ بعضها من الأسواق، بسبب توقف توريدها عبر الأنفاق.

ووفقاً لإحصائيات المركز فإن كمية الواردات من مادتي الأسمنت وحديد البناء، خلال شهر يونيو، محدودة جداً، ولا تلبي الحد الأدنى من احتياجات القطاع الفعلية، حيث تم توريد 6,574 طناً من مادة الأسمنت، و504 طن من حديد البناء، وهي كميات لا تتجاوز 0.8% و0.9% من الاحتياجات الشهرية لقطاع غزة، ونظراً لاستمرار حظر توريد مواد البناء، كان سكان قطاع غزة يعتمدون خلال السنوات الماضية في مشاريعهم الإنشائية على مواد البناء الواردة من جمهورية مصر العربية عبر الأنفاق، ومع توقف توريدها عبر الأنفاق، فإنه من المنتظر توقف كافة مشاريع البناء القائمة في القطاع، بما في ذلك المباني السكنية.

كما أدى إغلاق معبر رفح الحدودي، منفذ سكان قطاع غزة الوحيد إلى الخارج، في ظل إغلاق معبر بيت حانون "ايريز"، التي تسيطر عليه إسرائيل، في وجههم منذ 6 أعوام، إلى حرمان 1.7 مليون فلسطيني من حقهم في حرية التنقل والسفر من وإلى القطاع.

ووفقاً لمتابعات المركز، فان المئات من المواطنين الفلسطينيين علقوا في الأراضي المصرية بانتظار عودتهم إلى القطاع، من بينهم عشرات المرضى. ومن بين العالقين أيضاً مئات العائلات الفلسطينية المقيمة في الخارج، ووصلت إلى مصر بهدف التوجه إلى القطاع لزيارة الأهل، ومئات الطلبة الفلسطينيين الدارسين في جامعات الخارج، وكانوا في طريقهم للعودة إلى القطاع، لقضاء إجازاتهم بين ذويهم.

وتزداد المأساة الإنسانية تفاقماً مع احتجاز السلطات المصرية لعشرات الفلسطينيين منذ عدة أيام في ما تسمى بـ "غرفة الترحيل" داخل المطار، وذلك بانتظار فتح معبر رفح، وترحيلهم إلى القطاع، ويعيش المحتجزون في ظل أوضاع غير إنسانية، ويُخشى من انتشار الأمراض بينهم.

كما يمنع المئات من الفلسطينيين المتواجدون في دول العالم، من السفر إلى مصر، في طريق عودتهم إلى القطاع، بسبب إغلاق المعبر، ومن بين هؤلاء أكثر من 900 معتمر فلسطيني ما زالوا عالقين داخل الأراضي السعودية، وممنوعين من السفر إلى مصر، للانتقال عبرها إلى قطاع غزة.

وفي قطاع غزة يعاني آلاف المواطنين بسبب حرمانهم من السفر إلى الخارج، من بينهم مئات المرضى، الذين هم بحاجة ماسة للعلاج في الخارج، ولا تتوفر إمكانية لعلاجهم في مستشفيات القطاع. ومن بين المحرومين من السفر أيضاً حملة الإقامات في البلدان المختلفة، وتحديداً مئات العاملين في الخارج.

ودعا الحكومة المصرية إلى فتح معبر رفح الحدودي، لأسباب إنسانية، ولإنهاء معاناة آلاف العالقين الفلسطينيين على الجانبين المصري والفلسطيني، وفي دول العالم المختلفة، والمحتجزين في مطار القاهرة.

كما دعا المجتمع الدولي، وخاصة الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949، إلى تذكير دولة إسرائيل بالالتزامات الواجبة عليها، باعتبارها القوة المحتلة لقطاع غزة، حيال السكان فيه، وفقاً للمادة 55 من اتفاقية جنيف للعام 1949، والتي تنص على أن "من واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، على تزويد السكان بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية، ومن واجبها على الأخص أن تستورد ما يلزم من الأغذية والمهمات الطبية وغيرها إذا ما كانت موارد الأراضي المحتلة غير كافية".

ودعا المجتمع الدولي، إلى التدخل الفوري من أجل إجبار السلطات الحربية الإسرائيلية على وقف استخدام سياسة العقوبات الجماعية التي تفرضها على سكان القطاع، وفتح كافة معابر القطاع الحدودية بشكل عاجل، وذلك من أجل وقف التدهور الخطير في الأوضاع الإنسانية للسكان المدنيين في قطاع غزة.

ودعا المركز سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي إلى الالتزام بما تمليه قواعد القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949، بما في ذلك إيجاد حل عاجل يضمن حرية حركة وسفر المدنيين الفلسطينيين عبر معبر بيت حانون "ايريز" وبشكل منتظم وآمن، ويدعوها بصفتها سلطة احتلال.