خبر الثورة بدأت فقط -يديعوت

الساعة 08:30 ص|07 يوليو 2013

الثورة بدأت فقط -يديعوت

بقلم: سيفر بلوتسكر

        (المضمون: إن عدم الاستقرار الديمقراطي خير وأفضل من الاستقرار غير الديمقراطي تحت حكم الاخوان المسلمين في مصر - المصدر).

        مصر في هياج وهذا حسن، فبعد اسقاط نظام الرئيس السابق مبارك المستبد، سيطر على مصر النظام المستبد لحركة اسلامية فاشية تسمى "الاخوان المسلمين". وقد حظي الاخوان المسلمون في أول انتخابات حرة بعد تنحية مبارك بأن يصبحوا أكبر حزب في مجلس الشعب ويحصلوا على الرئاسة. وأدرك قادتهم فورا ما ينساه الليبراليون احيانا وهو أنه ليس مهما كيف تصل الى الحكم بل المهم ان تغير صورة النظام بحيث لا تخسر أبدا الحكم بعد ذلك.

        ولهذا عمل الاخوان المسلمون في خلال السنة الماضية في جد كبير في القضاء على المؤسسات الهشة أصلا للديمقراطية المصرية الضعيفة. وكان ذلك هدفهم الأعلى وبقي كل ما عدا ذلك هامشيا. وكذلك الاقتصاد، فان نظام الاخوان المسلمين لم يُجهد نفسه في إحداث تحول في الاقتصاد المصري. إن قطاع الاعمال في مصر مهدوم، والتصدير ينهار، والبنى التحتية تتداعى، والدعم الحكومي يلتهم موارد ميزانية ضخمة، وبطالة الشباب في الذروة، والنقص في المنتوجات الأساسية حقيقة حياة، والتفاوض في مساعدة  عاجلة من صندوق النقد الدولي بلغ طريقا مسدودا. وتبين ان الادارة الاسلامية عاجزة وبلا قدرات وبلا خطة ("الاسلام هو الحل") لادارة الاقتصاد، لكن هذا لم يضايقها بصورة خاصة، بل كان يهمها فقط تحصين حكمها.

        وجاءت الذروة غير الديمقراطية مع "اجازة الدستور باستفتاء للشعب"، والتعبير هذا يظهر بين حاصرتين لأن الشعب المصري لم يوافق قط على اقتراح الدستور الذي صاغه الاخوان المسلمون، فقد شارك في استفتاء الشعب 33 في المائة فقط من أصحاب حق الاقتراع. وكان يجب ان تفضي نسبة مشاركة جد منخفضة وهي تعبير سافر عن التصويت بالأقدام الى الغاء الاستفتاء بصورة آلية. في مقابل ذلك افتخر الاخوان المسلمون باحراز أكثرية لاقتراحهم. أما في واقع الامر فان خُمس الشعب في مصر فقط وافق على الدستور الاسلامي. وتجاهل ذلك ساسة ووسائل اعلام كثيرة من خارج مصر، فقد كان العالم يريد الهدوء في مصر ولم يكن يهمه من يقود الهدوء وكيف.

        يمكن ان نُقدر اذا انه لولا التمرد الشعبي في الاسبوع الماضي لأصبحت مصر سريعا دولة اسلامية اخرى ذات حزب واحد. واليكم تذكيرا من الماضي: حصل الحزب النازي وزعيمه أدولف هتلر في 1933 على الحكم في المانيا بتفاوض سياسي من وراء ستار. لكن المستشار هتلر نجح في أقل من سنة بعد توليه الحكم في ان يمحو في المانيا كل ذكر للديمقراطية وكان كل ذلك الوقت يُهديء جأش ساسة اوروبا والولايات المتحدة بخطب مصالحة عن رغبته القوية في السلام ويُقسم ألا يستعمل القوة العسكرية لاحراز غايات مناطقية.

        لنتخيل كيف كان سيتطور التاريخ لو خرج في صيفٍ قبل ثمانين سنة 20 مليون الماني الى شوارع المدن يتظاهرون على النازيين ولو طلبوا مصادرة الحكم من هتلر – ولو أن الجيش الالماني استجاب لنداء الشعب وعزله واعتقل قادة حزبه.

        من شبه المؤكد ان جزءا لا يستهان به من الرأي العام المستنير لو حدث ذلك لندد بالانقلاب العسكري ولعبر عن قلقه من عدم استقرار المانيا الذي يهدد النظام المقدس في كل اوروبا، ويخشى معارك الشوارع التي كانت ستنشب على أثر ذلك وبسبب زعامة النظام العسكري المؤقت. وكان جزء آخر لو حدث ذلك سيباركه.

        إن استعمال تعبيري "لو" و"لنتخيل" في التاريخ يثير البلبلة والتضليل. والمقارنات داحضة على نحو عام. وبرغم ذلك ينبغي ألا نتجاهل الدرس وهو أن الاستقرار غير الديمقراطي اسوأ وأخطر كثيرا من عدم الاستقرار الديمقراطي. الآن فقط وفي هذا الاسبوع فقط بدأت الدولة المصرية تخطو في طريق التحول الديمقراطي الحقيقي. وستكون هذه طريقا معوجة وكثيرة العقبات وطويلة جدا. والحرب الأهلية ايضا هي امكان حقيقي. تحررت دول الكتلة السوفييتية في الشيوعية في 1989 ولم ينته الى الآن ولم يُستكمل النضال من اجل الديمقراطية في أكثرها.

        إن المعركة المصيرية بين السياسة المدنية والسياسة الدينية المتطرفة على مستقبل العالم العربي لم تُحسم بعد، لكنها تجري بكامل القوة على الأقل.