خبر اخوان غير أشقاء... هآرتس

الساعة 09:26 ص|05 يوليو 2013

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: التسرع الذي ترافق والغرور – الى جانب الاخفاق الاداري - أوقع الهزيمة الاشد التي نقلت الاخوان المسلمين من كرسي الحكم الى السجن. . ذات الديمقراطية الجديدة التي رفعتهم الى الحكم هي الديمقراطية التي أنزلتهم الى الارض - المصدر).

"بودي أن أذكر من يقف ضد ارادة الناس بان الامة هي مصدر صلاحيات الانظمة وأن الشرعية الشعبية تستوجب الاحترام وأنها تقف فوق مصالح الافراد ولا سيما اولئك الذين ظلموا الناس واخافوهم وهاجموا قدسية المواطنين على مدى السنين"، هكذا أجمل المرشد العام للاخوان المسلمين، د. محمد بديع روح العصر في 4 شباط 2011، قبل اسبوع من الاطاحة بحسني مبارك. هذا الاسبوع اضطر بديع الى دفع ثمن قوله ليرى كيف يحترم رئيسه، محمد مرسي، "ارادة الشعب". ومع أنه ليس انطلاقا من الاحترام ولا الارادة، مثلما شهد في خطابه الغاضب الذي سجل في الخفاء، بعد وقت قصير من وضعه تحت الحراسة العسكرية، حين كان لا يزال ملايين مؤيدي الاخوان مذهولين من الضربة، ولكن نهايته السياسية اصبحت حقيقة. مرسي، محمد بديع وكبار قيادة الاخوان المسلمين لا يحق لهم مغادرة الدولة، بعضهم معتقلون، آخرون لا بد سيعتقلون، ومنذ الان تسمع في مصر نداءات لاعادة الحظر في الدستور الجديد على اقامة احزاب ذات برامج دينية. واذا ما أقر هذا التعديل، فستكون هذه ضربة قاسية للثورة الاصلية التي رأت في الغاء الحظر على نشاط الاخوان المسلمين أحد انجازاتها الهامة في الطريق الى الديمقراطية.

المفارقة التاريخية هي أن التيار المركزي في الاخوان المسلمين لم يرغب على الاطلاق في التنافس على الرئاسة. "لسنا باحثين عن سلطة، لا كرسي ولا احترام، عليه فلن يطرح الاخوان المسلمون مرشحا منهم للانتخابات للرئاسة"، أعلن محمد بديع عشية اسقاط مبارك. وعلى موقف بديع هذا ثار خلاف هائل في حركة الاخوان، وعندما أعلن أحد كبار رجالات الحركة، عبد المنعم ابو الفتوح بانه يعتزم مخالفة رأي المرشد العام والتنافس على الرئاسة، طرد من صفوف الحركة. ولكن بالذات قرار ابو الفتوح وانفصال مسؤولين كبار آخرين من الحركة معه، أحدث الانعطافة في الحركة التي رغم غيظ بديع، قررت التنافس على الرئاسة. وعندما بحث مجلس الشورى في الحركة في شهر اذار 2012 في مسألة ترشيح عضو من الاخوان للرئاسة، صوت 56 عضوا الى جانب القرار مقابل 52 عارضوه. وبين المعارضين كان محمد مرسي ونائب المرشد العام والمليونير المسؤول عن الشبكة الاقتصادية في الحركة، خيرت الشاطر، اللذين اعتقدا بان على الاخوان أن يدعموا مرشحا من خارج الحركة. ولكن في ظل غياب مرشح متفق عليه على خلفية الخلافات مع المجلس العسكري الاعلى الذي عارض في حينه اقتراحات التعديل على الدستور والتي تقدم بها الاخوان، اتخذ في النهاية الحسم باغلبية طفيفة. المرشحان، الشاطر ومرسي قبلا حكم الحركة. الشاطر استبعدته لجنة الانتخابات لوجود ملف جنائي ضده وحسب الدستور لا يمكنه أن يتنافس، ومرسي دفع الى السباق وكأنه يتملكه الشيطان.

مرسي، من مواليد 1951، انضم الى صفوف الاخوان المسلمين وعمره 29 فقط. وهو ليس فقيها مخولا بالفتوى، ولا رجل أعمال مثل زميله خيرت الشاطر، ولا حتى سياسي محنك. ولكنه سياسي يعرف كيف يربط الاطراف. وهكذا مثلا أقام في العام 2004 الجبهة الوطنية للتغيير، مع عزيز صدقي الذي شغل منصب رئيس الوزراء في عهد السادات، والاتحاد الوطني للتغيير في د. محمد البرادعي. وفي العام 2011 أقام التحالف الديمقراطي من اجل مصر الذي ضم 40 حركة وتيارا، معظمهم من العلمانيين. كل هذا فيما كان في بعض الوقت عضو في لجنة مكافحة الصهيونية والتطبيع مع اسرائيل.

والى ذلك عرف ايضا كيف يدير الازمات الصعبة التي نشبت داخل الحركة، بما في ذلك تمرد الجيل الشاب الذي طالب بالاصلاحات في طرق عمل الحركة وجعلها اكثر ديمقراطية. وكانت هذه أزمة صعبة نشبت في العام 2007 وبدأ فيها مدونون من الحركة ينتقدون علنا الدكتاتورية الداخلية. وكلف مرسي في حينه من المرشد العام لاجراء حوار مع المتمردين بل وحظى بتقدير كبير من جانبهم. ومع أن الازمة لم تتوقف، وانسحبت مجموعة النشطاء لاقامة حزب "النهضة"، الا ان عشية الانتخابات للرئاسة حظي مرسي بتأييد كل أجنحة الحركة. وحتى جزء من زعماء الحركات العلمانية وحركات الشباب مثل وائل غنيم، زعيم ثورة الانترنت، الكاتب علاء السناوي، ومثقفلون ليبراليون آخرون أيدوا مرسي ورأوا في انتصاره انتصارا للثورة على النظام القديم.

ومن هنا ايضا العجب الكبير – كيف فوت الخبير في ادارة الازمات الفرص لحل الازمة الاكبر في حياته وايجاد تسوية مرضية مع خصومه؟ الجواب على ذلك يكمن على ما يبدو في الضغوط الهائلة التي مارستها عليه قيادة الاخوان. فحسب بعض التقارير كان خيرت الشاطر هو الذي عمل ضده بالتشاور مع المرشد العام حين عارض الحلول الوسط السابق التي اتفق عليها مرسي مع خصومه السياسيين. فقد طالب بديع بانجازا فورية للحركة كي يبرر دخولها الى السباق السياسي، أما مرسي الذي أدار حوارات مع خصومه فقد اعتقد بانه يجب ابطاء الوتيرة. التسرع الذي ترافق والغرور – الى جانب الاخفاق الاداري - أوقع الهزيمة الاشد التي نقلت الاخوان المسلمين من كرسي الحكم الى السجن.

الاخوان المسلمون يجدون أنفسهم مرة اخرى في مكانة اعتادوا على أن يكونوا فيها على مدى عشرات السنين. حركة مشبوهة، مطاردة، زعماؤها معتقلون، غير أن هذه المرة يأتي السقوط المدوي بعد القمة التاريخية التي وصل اليها اعضاؤها. ذات الديمقراطية الجديدة التي رفعتهم الى الحكم هي الديمقراطية التي أنزلتهم الى الارض.

الديمقراطية الغربية ليست سوى "حرية الكفر، حرية عبادة الاصنام، هدم أسس الايمان، أمام كل هذه تنفتح الابواب في ذات الديمقراطية المستوردة"، هكذا حذر سيد قطب، المسرحي المتطرف من الحركة الذي اعدم في العام 1966. اما القيم الحقيقية كالحرية والتحرر، فلا تصدر الى دول العالم الثالث خشية أن يستخدمها مواطنوها للثورة ضد العولمة، وصف قطب مخاطر تلك الديمقراطية. واختلف مع قطب (وتلميذه الحديث محمد بديع) الكثيرون في الحركة، بمن فيهم من كان نائب المرشد العام، محمد حبيب الذي انفصل عن الحركة في العام 2009 على خلفية خلاف فكري مع زعمائها. "الجمود السياسي الذي تعاني منه مصر خلق وضعا مأزوما. فقد ألقى بظلاله السيئة على مشاكل التخلف العلمي، التكنولوجي والثقافي بشكل عام، وعلى الدور الثقافي والاستراتيجي لمصر تجاه مسألة العربة والاسلام بشكل خاص"، هكذا اتهم حبيب. ودفع حبيب نحو الاصلاح سواء في حركة الاخوان أم في الدولة، والتحول الديمقراطي الحقيقي وليس السطحي، ليس لهدف سيطرة الاخوان، هو الذي كان احد اهدافه. وأول أمس، عندما اعلن عبد الفتاح السيسي عن عزل مرسي، كان حبيب بين الاوائل الذين تنبأوا بان من الان فصاعدا سيبدأ الجيش بتصفية قيادة الحركة، حبس قيادتها وتعطيل نشاطها السياسي. وشرح قائلا انه "في سنة واحدة فقدت الحركة كل شعبيتها".

كيف سيعمل الاخوان الان؟ مع أن العنف هو خيار، ولكن يبدو انهم سيفضلون اطارا سياسيا. حركات الاحتجاج والمعارضة لا تعارض اشراكهم في الحكم ولكن ليس كمصيغي ايديولوجيا وطنية. رسميا، ترى القيادة في الثورة العسكرية سرقة للحكم، ولكن خصومهم السياسيين ايضا يعرفون بانه دون حركة الاخوان، سيصعب على كل قيادة جديدة أداء مهامها.