خبر حرب ثقافية- يديعوت

الساعة 08:40 ص|04 يوليو 2013

بقلم: تسفي مزال

الاطاحة بمرسي وتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بادارة شؤون الدولة ليس سوى مرحلة اولى في المساعي لاصلاح الثورة في مصر.

فالجيش تحت قيادة وزير الدفاع السيسي لا يريد أن يكرر اخطاء سلفه محمد طنطاوي الذي أخذ على عاتقه ادارة الفترة الانتقالية وفشل. وكان المجلس العسكري الاعلى بقيادة طنطاوي هو الذي تسبب او سمح للاخوان المسلمين بالوصول الى الحكم فيما أهمل معالجة الموضوع الاقتصادي. واطاح الجيش بمرسي والاخوان المسلمين من الحكم بعد أن حاول السياسي على مدى السنة الاخيرة مرات عديدة احداث حوار بين الاخوان وبين القوى السياسية غير الاسلامية، ولكنه اصطدم برفض مغرور من الاخوان. وجاء تدخل الجيش بالتالي لاعادة التوازن في الساحة السياسية، ولكن في نفس الوقت دفع الى الزاوية بحركة الاخوان المسلمين. الاخوان يوجد الان في حالة صدمة.

تعيش مصر أزمة سياسية اجتماعية ثقافية عميقة، قد تكون أهم من الثورة التي أدت الى سقوط مبارك. في كانون الثاني 2011 كان الهدف الاطاحة بالدكتاتور واقامة حكم جديد من خلال انتخابات حرة تدفع بمصر نحو الحداثة. اما هذه المرة فيدور الحديث عن حرب ثقافية ودينية تهز شخصية مصر. جمهور كبير ثار ضد حكم الاخوان الذي أهمل معالجة الاقتصاد المصري وركز على السيطرة على كل مراكز الحكم بهدف تخليد سيطرة الحركة واقامة دولة اسلامية. يبدو أن 80 في المائة من المصريين على الاقل هم "مسلمون أخيار" ولكنهم لا يريدون دولة اسلامية تفرض الشريعة وتعمل في سبيل الله وليس في سبيل الشعب. ليس هذا صراعا ضد دين الاسلام بل ضد الاسلام السياسي المتطرف الذي يتطلع الى اقامة الخلافة. يمكن بالتأكيد ايجاد حل وسط.

الرئيس مرسي يتمسك بالشرعية التي تقوم على أساس انتخابه لمنصبه في انتخابات حرة. وقد ادعى بان انتخابه كان خطوة ديمقراطية ولا يمكن مقارنة انتصاره في الانتخابات بالوضع الذي ساد في عهد مبارك الذي زور الانتخابات. من ناحية مرسي انذار الجيش كان انقلابا عسكريا. ولم يصدق زعماء الاخوان المسلمين بان الجيش سيعمل ضدهم ويتجاهل شرعيتهم.

غير أن مرسي وزملاءه في الحركة تجاهلوا أن مصر توجد في مرحلة ثورية السيادة فيها للشعب أو حتى للشارع. الشعب هو الذي أطاح بمبارك، وان كان بدعم الجيش. الشعب يواصل كفاحه الثوري لنيل مبتغاه الذي هو حكم ديمقراطي يعمل بشفافية ويركز جهوده على تقدم الاقتصاد والمجتمع في مصر. الثوار الشباب الذين يقودون المظاهرات توقعوا ادعاء الشرعية ولهذا بادروا الى التوقيع على عريضة تدعو الى تنحية الرئيس وجمعوا 22 مليون توقيع – اكثر بكثير من تسعة ملايين صوت اعطاها المقترعون لمرسي.

الجيش والمعارضة عرفا بانه اذا ما أمسك الاخوان المسلمون بالحكم لسنة اخرى أو سنتين فهم بلا شك سيسيطرون على الشرطة، جهاز أمن الدولة، المخابرات والجيش وعندها سيكون من الصعب جدا اسقاطهم من الحكم. ولعل الان هي اللحظة الاخيرة لعمل ذلك.

ان اسقاط حركة الاخوان من الحكم هو ضربة من شأنها أن يدفعها الى الانهيار ويمس شديد المساس بالمنظومة العالمية التي اقامتها كي تحقق هدفها الاساس الذي هو اقامة خلافة عالمية. وتدار المنظمات الاسلامية في اوروبا وفي الولايات المتحدة اليوم من الاخوان المسلمين. والى جانبها تعمل مئات منظمات النساء، الطلاب، الجمعيات الخيرية ظاهرا لجمع الاموال وغيرها ممن هي منظمات وهمية للاخوان المسلمين. وهذه تسعى الى تحطيم الديمقراطية من الداخل وبالتدريج اخذ السلطة. كل هذه المنظومة قد تتضرر مع اسقاط حكم الحزب الام في مصر. كما ينبغي التوقع بان الاخوان لن يستقبلوا الاطاحة بهم بتفهم وانهم سيجدون السبيل لمواصلة كفاحهم. يبدو أنه امام مصر لا تزال تقف مصاعب جمة وفترة طويلة من عدم الاستقرار قبل ان تصل الى اقامة حكم مقبول على العموم.