خبر الإسلام ينزل والفوضى تزداد –هآرتس

الساعة 08:38 ص|04 يوليو 2013

بقلم: آري شبيط

في الاسبوع الذي نُحي فيه حسني مبارك سُئل مسؤول اسرائيلي كبير ماذا سيحدث في مصر. وأجاب المسؤول الكبير باللغة التي يحبها وهي الانجليزية: تركيا الاولى أو تركيا الثانية أو ايران: فاما نظام ديمقراطي في ظاهر الامر يُديره الجيش وإما نظام ديمقراطي في ظاهر الامر يُديره الاسلام وإما جمهورية اسلامية. وأصبح واضحا بعد ذلك بسنتين ونصف ان احتمال ان يكون مثل ايران في مصر قد انحط. فلن تتحول ارض النيل في المستقبل القريب الى نظام حكم ديني يحكمها الاخوان المسلمون. لكن الامكانين الآخرين منذ مطلع 2011 ما زالا يتصادمان في القاهرة.

إن ما يحدث أمام أعيننا هو محاولة مصرية منظمة جيدا كي يُستبدل بالبديل التركي الجديد وهو حكم الدين بزينة ديمقراطية البديل التركي القديم وهو حكم الجيش بزينة ديمقراطية. لكن في الوقت الذي تحل فيه تركيا الاولى محل تركيا الثانية يُثار الآن امكان ثالث ايضا وهو عدم نظام. ففي الوقت الذي نكص فيه التهديد الاسلامي لمستقبل مصر أصبح التهديد الجديد الذي يزداد قوة هو تهديد الفوضى.

إن الأنباء الطيبة، الطيبة جدا، هي ان الاسلام السياسي ليس قوة سياسية لا تُهزم. وليس الطوفان الديني الذي أغرق الشرق الاوسط في السنتين الاخيرتين هو آخر طوفان تاريخي. إن الاخوان المسلمين بحسب الواقع اليوم فشلوا في محاولة إقرار نظام دائم وواقع دائم. وفي حين انشأت الثورة السوفييتية حكم استبداد استمر سبعين سنة، لم تنشيء الثورة الاسلامية السنية جهاز دولة يؤدي عمله ويحافظ على هيمنته ولو سنة واحدة. وظهر وهْم من كان يخشى 100 سنة خلافة مظلمة. وكان على حق من آمن بقوى الحياة وتوق المصريين الجدد للحرية. وقد تعلم جيراننا من الجنوب في وقت قصير أن الاسلام ليس الحل وأنه يجب عليهم ان يبحثوا عن الحل في مكان آخر.

لكن الأنباء المقلقة المقلقة هي ان مصر تبدو الآن دولة بلا حل. فالاقتصاد من جهة ينهار ويقترب سريعا من نقطة الانصهار. ومن جهة اخرى لا توجد قوة مدنية تُغلِّب القانون والنظام. إن توقعات عصر "غوغل" هي توقعات عالية أما واقع الأفواه الجائعة فهو واقع لا يُطاق. ولا توجد نقطة التقاء بين التوقعات والواقع، ولا توجد نقطة انطلاق بين روح الحرية والجمهورية المُنحلة. وتصبح مصر نتيجة ذلك دولة لا تؤدي عملها ولا بقاء لها ولا يمكن حكمها. وفي المكان الذي فشل فيه مبارك وفشل فيه مرسي من المنطق ان نفترض ان يحدث فشل آخر.

تجتمع عند أسفل الأهرام الآن ظاهرتان مختلفتان. الاولى عولمية وهي تمرد الطبقة الوسطى المدنية. إن ما بدأ في التحرير وانتقل الى روتشيلد وثار في اسطنبول واشتعل في ريو دي جنيرو عاد الى التحرير بصورة كبيرة. والحال في مصر كما هي في سائر العالم وهي ان الشباب المتصلين بالانترنت لم يعودوا مستعدين للتسليم بحقيقة ألا تكون لهم صلة بمراكز الحكم، ولهذا يُضعضعونها. والظاهرة الثانية عربية وهي ان انهيار الاستبداد العلماني وفشل الاستبداد الديني أحدثا عدم هدوء دائماً. ومع عدم وجود مستبد قوي ومع عدم وجود قاض حكيم ومع عدم وجود ديمقراطية جفيرسونية، فلا جهة تُنظم الحياة العامة وتضبط الجموع.

إن اجتماع التمرد العالمي مع زوال الخوف العربي هو الذي أطلق في القاهرة في 2013 الموجة الارتدادية التي لا يستطيع أي نظام الثبات لها، لا النظام السابق ولا الحالي ولا النظام التالي. وهكذا نشأ وضع مخيف مثير للحماسة هو وضع شغب الشعب مع عدم وجود نظام. وسيشغب الشعب ويفضي ببلده الى شفا هاوية. وسيكون الاحتمال الوحيد آخر الامر هو تركيا الاولى. ففي مصر الحالية وفي الشرق الاوسط الحالي كل من أمل أكثر مما يستطيع جنرالات متنورون إعطاءه سيحصل على أقل من ذلك. لكن سؤال هل سيستطيع الجيش المصري أن يمنح الشعب المصري تنويرا عصريا بقي بلا جواب، والفوضى قريبة كامنة. والخطر الجديد الذي يغطي الشرق الاوسط هو خطر عدم نظام مطلق.