خبر الثورة ضد الثورة .. هآرتس

الساعة 08:43 ص|02 يوليو 2013

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: اخفاقات مرسي بينّة للعيان ولا تحتاج الى برهان. ولكن الثوار ضده علقوا في خطوة لا رجعة عنها إذ طالبوه بالرحيل دون أن تكون لديهم خطة ماذا سيفعلون في اليوم التالي - المصدر).

ميدان مقابل ميدان، "مليون" مقابل "مليون"، "ثورة ضد سالبيها" مقابل "الشرعية – خط أحمر"، هكذا بدأت مصر حرب الجبابرة فيها. الخوف شديد وحقيقي. هي الحجارة التي تطايرت في الاسكندرية وفي القاهرة ستتحول الى اطلاق نار جماعي، فيما أن الدولة مغمورة بملايين قطع السلاح، من مخلفات الثورة الليبية؟ هل الجيش الذي نشر ألويته منذ الان وأدخل في حالة تأهب سلاح الجو لديه سيقاتل في سبيل الحفاظ على الوطن، هذه المرة ضد المواطنين وليس ضد عدو خارجي؟ هل مرسي سيستسلم ويقتبس خطاب الرحيل لمبارك، أو زين العابدين بن علي، أم سيواصل التمسك بقرون الشرعية الديمقراطية التي رفعته الى الحكم؟ والسؤال الاهم هو ماذا سيكون في اليوم التالي لـ 30 حزيران، الذي يرمز في نظر ما لا يقل عن نصف المصريين الى ضياع الديمقراطية التي تمنوها وتحطم ما يصفونه بانه "قيم الثورة"؟

ان اخفاقات مرسي لا تحتاج الى برهان. فمصر غارقة في أزمة اقتصادية عسيرة وصندوقها – الذي اجتذب اليه المليارات من أموال المساعدات – فرغ بذات السرعة التي امتلأ بها. والدستور الذي هرع مرسي الى اقراره في استفتاء شعبي، أشعل لهيب النقد. والقوانين التي نجح في سنها في مجلس الشورى في غياب برلمان فاعل، فاقمت فقط الغضب في ضوء ما بدا  كـ "أخونة" لمصر. العلاقات المشوشة حتى الازمة بين مرسي وبين الجيش، استهداف الجهاز القضائي كهدف للاحتلال وسلسلة من التعليمات غير المناسبة، دحرجت حتى حافة الهوة بالصراع بين النظام والمعارضة.

مرسي محق. فقد انتخب في انتخابات ديمقراطية وحرة. كما أنه محق في ادعائه بانه اذا كان الجمهور غير راض عن ادائه، فان عليه أن يغيره بالطريقة التي منحه بها ولايته: انتخابات ديمقراطية بعد ثلاث سنوات. من يتحدث باسم قيم الثورة لا يمكنه، كما يدعي مرسي ان يعمل بطريقة تتعارض وقيمها. اذا كانت ديمقراطية فحتى النهاية بالتالي. هذا أيضا هو شعار المتظاهرين المؤيدين له.

جبهة الرفض، التي يقودها مرشحون لم ينتخبوا، مثل عمرو موسى وحمدين صباحي، ود. محمد البرادعي، وكذا حركة تمرد التي تدعي بانها نجحت في جمع تواقيع 22 مليون مصري على عريضة لتنحية الرئيس، تركز ادعاءاتها ضد سيطرة الاخوان المسلمين على أجهزة الحكومة وتقف ضد ايديولوجيتهم، ضد تحويل مصر الى دولة شريعة متطرفة وضد استخدام الديمقراطية لفرض جدول أعمال اسلامي.

عالم الاجتماع المصري الهام ونشيط حقوق المواطن، د. سعد الدين ابراهيم، كتب في نهاية الاسبوع في صحيفة "المصري اليوم" ان الثوار صحوا أخيرا وفهموا بان ثورتهم سرقت منهم. ولكنه يتجاهل بان لانتصار الاخوان في الانتخابات للبرلمان (الذي حل) كانت شراكة حركات ليبرالية رأوا في مجرد انتخاب الحركة التي كانت محظورة في عهد مبارك انتصارا كبيرا للثورة وتعبيرا عن التغيير العميق الذي تجتازه مصر. ولكن ابراهيم طرح مسألة هامة اخرى: ماذا سيكون في اليوم التالي؟ هل سيواصل المتظاهرون الاحتجاج في الميادين حتى رحيل مرسي، مثلما فعلوا على مدى 18 يوما قبل رحيل مبارك؟

حسب التعليمات التي أصدرها نشطاء تمرد، فان المتظاهرين مطالبون بالعودة على كل مراحل الثورة السابقة لاحلال نصر آخر هذه المرة، لليبرالية العلمانية. ولكن مسألة اليوم التالي أكثر تعقيدا من استمرار المظاهرات. فهل يوجد في أوساط الليبراليين العلمانيين زعيم قادر على ان يفرض اجراءات اقتصادية متشددة يوافق الجمهور على تبنيها؟ وهل أي منهم قادر على أن يقلص حتى ولو جنيه مصري واحد في الدعم الحكومي الذي يخنق الميزانية؟ من أين سيأتي هذا الزعيم بمزيد من المال بعد أن كانت السعودية وقطر قدمتا نصيبهما بسخاء. ولكن حتى لو افترضنا أن وقعت المعجزة وكيس من المال وضع أمام باب الزعيم الجديد، فمن هو الزعيم الذي يمكنه أن يخلق اجماعا سياسيا، يوحد الصفوف وبناء حكومة يسكن فيها معا ليبراليون واخوان مسلمون، سلفيون وعلمانيون – وكل هذا دون أن يصطدم كل يوم بذات المظاهرات والاحتجاجات. هذه المرة من جانب النصف الاخر من الجمهور؟

يطالب معارضو مرسي بانتخابات مبكرة للرئاسة. وفرضيتهم هي ان هذه المرة سيتكبد الاخوان هزيمة نكراء. واذا ما حاكمنا الامور حسب استطلاعات الرأي العام (ذات المصداقية المشكوك فيها) فان التأييد لمرسي هبط الى 20 – 25 في المائة، ولكن حاليا لا يوجد مرشح علماني ليبرالي يمكنه أن يجترف نصف أصوات الناخبين.

الامكانية الاخرى هي الاعلان عن موعد مبكر للانتخابات للبرلمان، انتخابات ترسم خريطة القوى السياسية الاخيرة. يمكن للبرلمان أيضا أن يغير مواد الدستور موضع الخلاف، وتشريع قوانين تسمح بتطبيق خطة اقتصادية مرتبة. ولكن خصوم مرسي علقوا منذ الان في خطوة لا يبدو انه يوجد امكانية للتراجع عنها: مرسي ملزم بالرحيل، وبعد ذلك سنفكر ما سيكون. كل ما هو أقل من استقالة مرسي سيعتبر فشلا للثورة. ينبغي فقط الامل الا يكون عدد القتلى في ميدان التحرير أو في حي النصر في القاهرة هو الذي يقرر الخطوة السياسية التالية.