خبر الانقلاب ضد مرسي بدأ منذ الان... معاريف

الساعة 08:40 ص|02 يوليو 2013

بقلم: عمير ربابورت

(المضمون: في اسرائيل يفهمون بان الرئيس مرسي لم يعد ذا صلة، ولكنهم لا يسارعون للاحتفال بسقوط الاخوان المسلمين الذين في المدى القصير ظهروا كعامل باعث على الاستقرار - المصدر).

قبل سنة، بالضبط في اليوم الذي تسلم فيه الحكم في مصر رجل الاخوان المسلمين محمد مرسي، قدر مصدر امني اسرائيلي كبير في مداولات داخلية بان الرئيس الجديد سيجد صعوبة في البقاء في منصبه حتى ولو 12 شهرا. وتنبأ فقال: "عندما سيتلقى الاخوان المسلمون الحكم، سيفهم الشعب بان القرآن لا يمكنه أن يحل مشاكل البطالة والمجاعة، وسيضطرون الى الانصراف".

ينبغي أن نأخذ الدقة المذهلة لهذا التقدير بحجمه المناسب: فمعظم التطورات العاصفة في السنوات الاخيرة في الشرق الاوسط فات التقاطها من محافل التقدير في اسرائيل وفي الغرب (بما في ذلك الثورة الاولى في مصر). ولكن في هذه الحالة ظهر التقدير بانه دقيق حقا – الذكرى السنوية الاولى لحكم مرسي كانت أيضا أول يوم في ما بدا كانقلاب سلطوي آخر.

من ناحية محافل الامن في اسرائيل، فان الثورة في ذروتها منذ الان. احتمالات ان يبقى مرسي لزمن طويل وراء دفة الحكم، بعد الانذار الذي اصدره الجيش امس، متدنية جدا. ومثلما هو الحال دوما، من الصعب جدا الاستيعاب والفهم في الزمن الحقيقي للاحداث التاريخية الكبرى، مثل تلك التي تقع في مصر هذا الاسبوع، ولكن بات ممكنا منذ الان القول ان اسقاط مرسي (اذا ما استقبل بالفعل) هو مجرد حلقة واحدة اخرى في سلسلة احداث تقع في الشرق الاوسط في السنوات الاخيرة. لقد بدأت الارض في المنطقة تهتز بسبب القوة التي جمعتها الجماهير في عصر الشبكات الاجتماعية على الانترنت منذ العام 2011، ولا يزال لم تتوفر نقطة توازن اقليمية جديدة. في جهاز الامن يقدرون بان المنطقة ستبقى غير مستقرة جدا لخمس سنوات  حتى عشر سنوات اخرى على الاقل، في أفضل الاحوال.

وكالمعتاد، السؤال الاول الذي ينشأ هو هل التطورات الجديدة جيدة لاسرائيل أم ضارة بمصالحنا. هذه المرة الجواب مختلط: من جهة فشل التجربة السلطوية للاخوان المسلمين في مصر هو جيد لاسرائيل في المدى الزمني البعيد. فالاخوان المسلمون المصريون يتخذون خطا ايديولوجيا عديم المساومة، وضع مستقبل اتفاق السلام مع اسرائيل في خطر. ومن شأنهم أن يثبتوا قوتهم وسيطرتهم في كل أرجاء مصر، وعندها يحتمل أن يعلنوا عن تنكرهم للاتفاق الذي وقع عليه أنور السادات قبل نحو 35 سنة.

من جهة اخرى فان البشائر من مصر ليست ايجابية لاسرائيل في المدى الزمني القصير. فقبل كل شيء وفوق كل شيء، فان الاستقرار النسبي الذي ساد مصر في السنة الاخيرة يمكن أن يظهر كأمر مفضل على الفوضى التي لا بد ستعربد هناك، ولا سيما عندما يبقى غير معروف من سيمسك الحكم، في حالة ان يخليه الاخوان المسلمون حقا. فضلا عن ذلك، فقد ظهر الاخوان المسلمون في السنة الاخيرة كبرغماتيين فوق كل التوقعات: فقد سمحوا باستمرار الحوار الامني مع اسرائيل (الحوار الذي يتم كأمر اعتيادي من جانب الاستخبارات العسكرية المصري)، وفي الاشهر الاخيرة أداروا حربا مع اسرائيل، بضغط من الولايات المتحدة، ضد تهريب السلاح من سيناء باتجاه قطاع غزة. ومنذ حملة "عمود السحاب"، وجدت حماس صعوبة في تجديد مخزون صواريخ فجر لديها، والى حد كبير بفضل هذه الحرب.

وحتى هذا ليس كل شيء: فقد ظهر الاخوان المسلمون كجهة باعثة على الاستقرار من ناحية اقليمية، حيث كانوا القوة خلف وقف النار الذي ساد قطاع غزة منذ "عمود السحاب" وفرضوا على حماس مواصلة احترامه، حتى بثمن المواجهة مع منظمات اخرى، مثلما حصل بعد بضع حالات اطلاق نار نحو اسرائيل في الفترة الاخيرة. اضافة الى ذلك، بدأ الاخوان يخوضون حربا ضد مقاتلي الجهاد العالمي المنتشرين في كل ارجاء سيناء. ومؤخرا ايضا وقفوا الى جانب المحور السني في المواجهة الاسلامية الداخلية في وجه المحور الشيعي لايران، سوريا وحزب الله.

تثبت احداث أمس بانه مع كل الاحترام لمرسي، الذي حاول السيطرة على الجيش المصري، فان الجيش لا يزال أقوى منه. وهذه بشرى هامة جدا لاسرائيل. وشيء آخر: الاحداث تبعث خطر الحرب التقليدية في الجبهة المصرية لبضع سنوات طيبة اخرى. فكلما كانت الدول العربية منشغلة اكثر بالحروب الداخلية هكذا تكون لها طاقة ودافعية اقل للاستعداد لمواجهة متجددة معنا.

في اسرائيل لا توجد في هذه المرحلة حالة تأهب وفي مناطق الحدود لا يبدو تأثير للاحداث في مصر. ما يحدث هناك هو صراع قوى داخلي بين الجيش والاخوان المسلمين. الجيش لن يفتح النار ضد الشعب، يحتمل أن يأخذ الحكم مرة اخرى لفترة انتقالية، مثلما حصل بعد سقوط مبارك.