خبر ينبغي الامتناع عن التدخل في حروب آخرين -هآرتس

الساعة 09:18 ص|01 يوليو 2013

بقلم: عاموس هرئيل

        (المضمون: النتيجة المباشرة لاشتغال العرب بأنفسهم هي انخفاض التهديد العسكري التقليدي لاسرائيل لكن يجب عليها ان تستعمل الحذر الزائد ولا سيما في الجبهة السورية - المصدر).

        الثورة تأكل أبناءها. تبدل في سنتين ونصف من الربيع العربي الطموح الأساسي الذي كان يقف وراء اسقاط نظم الحكم ومحاولات الثورة في الدول العربية – وهو الرغبة في تحسين مكانة المواطن العربي وحرياته – فأصبح حروبا أهلية وطائفية ودينية من ليبيا الى العراق. وتُقدم أحداث الايام الاخيرة – ومصر في المقدمة لكنها ليست وحدها على كل حال – تذكيرا بائسا بذلك. على خلفية سفك الدماء في سوريا والخوف من تجدد المواجهات العنيفة في شوارع القاهرة يوجد الآن محللون عرب ينتقدون بشدة زائدة ما يصفونه بأنه غريزة الانتحار التي أصابت الشعوب العربية. إن احتجاج الملايين في مصر بعد سنة من انتخاب محمد مرسي للرئاسة هو المثال الأبرز على تحطم أحلام تحسين حياة المواطنين بعد اسقاط المستبدين القدماء. والوضع في سوريا أشد سوءا. ففي الاسبوع الماضي وعلى حسب ما تقول منظمة حقوق انسان سورية مقرها في لندن، تجاوز عدد القتلى 100 ألف. وتستعد قوات الاسد الآن لهجوم جديد على حمص التي يسيطر المتمردون على أكثرها. ويُليّن الجيش السوري المقاومة بقصف ثقيل فتاك لأحياء مدنية.

        وينزلق لبنان الى حرب خاصة به بمقدار محدود الى الآن. وفي كل اسبوع في الاسابيع الاخيرة يُحصى خمسة قتلى على الأقل وعشرات الجرحى في معارك بين الطوائف في أنحاء الدولة. وفي الاسبوع الماضي بلغ التوتر أقصاه بسبب المواجهة بين متطرفين سنيين وقوات الامن اللبنانية في صيدا. واختفى الشيخ احمد الأسير، وهو أشد منتقدي الامين العام لحزب الله حسن نصر الله، قوة، قد يكون جُرح وقد يكون انتقل الى العمل السري. لكن انتقاد سلوك حزب الله الذي يرسل علنا كتائب للحرب في سوريا، وتجاهل السلطات في بيروت لذلك، يزداد فقط. ويعبر معارضو حزب الله عن الغضب عليه بجرأة قوية وهم الذين يطلقون قذائف صاروخية على القرى الشيعية في البقاع اللبناني وأطلقوها مرة واحدة ايضا على الضاحية الشيعية في بيروت.

        وفي الآونة الاخيرة نشب توتر ايضا بين حزب الله ورجال حماس في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بسبب تأييد حماس المتأخر للاخوة السنيين في الحرب السورية. ولا يكادون في الاعلام الدولي يتحدثون عن العراق حيث يسقط عشرات الضحايا كل اسبوع في حرب السنيين والاكراد لرئيس الوزراء الشيعي. وما زال الاردن يرتجف من تأثيرات الحرب في سوريا وتُغرقه أمواج لاجئين يهربون من المعارك في سوريا والعراق.

        أين يضع كل ذلك اسرائيل؟ نشأ موجهو الدولة وقيادة الجيش الاسرائيلي العليا، وهاتان مجموعتان متطابقتان بمعانٍ كثيرة، على دروس صدمة شعورية تاريخية وروح عمل عام. والصدمة الشعورية هي بالطبع حرب يوم الغفران التي بدأ الجيش في الاسبوع الماضي يحتفي بمرور اربعين سنة على أحداثها – وهي المفاجأة التي فاجأت بها الجيوش العربية الجيش الاسرائيلي وسلبته الاستعداد الدائم المشتق من ذلك. وتفضل الروح العامة أبدا العمل على عدم العمل. فالجيش يُربي ضباطه على علاج تهديد متطور وعلى سبق الداء بالدواء احيانا. كيف كان يقول شعار اتحاد أرباب الصناعة قبل عشرين سنة وأكثر "ماذا نفعل؟ نفعل!".

        بيد ان الصدمة الشعورية التاريخية أصبحت صلتها بالواقع الآن أقل ويبدو أنه يجدر ايضا بحسب ذلك تجميد رد الفعل المشروط على العمل. إن الاختلافات الدامية في العالم العربي ليست جيدة لاسرائيل بالضرورة فقد تكون لها ايضا آثار سلبية مثل ازدياد تهديد منظمات سنية متطرفة تستمد الالهام من القاعدة في سيناء وفي جنوب هضبة الجولان، لكن النتيجة المباشرة لاشتغال العرب بأنفسهم هي انخفاض التهديد العسكري التقليدي لاسرائيل.

        علمتنا جولة في الحدود السورية في الاسبوع الماضي أن الوجود العسكري للاسد كاد يتبخر بالقرب منها. فالدبابات في أكثرها مشغولة بذبح المدنيين في حمص ودمشق. أما الجيش المصري فشديد الاشتغال بتأثيرات الصراع الداخلي على الحكم (وهو يزداد تعلقا بمساعدة امريكية) حتى إنه ليصعب أن نراه يبحث عن مواجهة عسكرية مباشرة مع اسرائيل في الفترة القريبة على الأقل.

        إن نافذة الوقت التاريخية التي نشأت هي التي مكّنت من الاقتطاع المؤقت والمحدود الذي استقر عليه رأي الحكومة من الميزانية الامنية. وهو يوجب على اسرائيل في الوقت القريب ولا سيما في الجبهة السورية ان تستعمل الحذر الزائد. فليست هذه حربنا وكلما كان تدخلنا فيها أقل كان أفضل.