خبر الوهم الأردني -هآرتس

الساعة 08:29 ص|30 يونيو 2013

بقلم: تشيلو روزنبرغ

مؤرخ وخبير في الامن القومي

        (المضمون: حل الدولتين بعيد ولكن ايضا الاقتراح لاقامة كونفدرالية اردنية فلسطينية هو رؤيا مخادعة، وكذا فكرة ضم المناطق هي غبية في اسوأ الاحوال وسخيفة في أحسنها - المصدر).

        جولة محادثات اخرى برئاسة وزير الخارجية الامريكي جون كيري يفترض أن ترسم خطة لبدء المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. وقبيل المباحثات، تطلق في الهواء الاعلامي احبولات مختلفة، مخططات احتياطية، تصريحات مضادة وتضليلات اعلامية. ليس في هذا اي جديد.

        يعلن نتنياهو من على كل منصة بانه مستعد للسير نحو تنازلات أليمة، فقط اذا ما وافق الفلسطينيون على ترتيبات أمنية. وابو مازن من جهته وافق على الا يشترط اللقاء مع نتنياهو بمختلف أنواع الشروط. غير أن كل شيء ظاهرا، للاسف الشديد، لان احتمال الوصول الى تسوية صفر. هذه هي مفارقة السلام، هذه هي المأساة: كلما أعلن عن رغبة اكبر في الوصول الى التسوية، هكذا تبتعد التسوية أكثر فأكثر.

        في مقابلة تلفزيونية تحدث اللواء احتياط غيورا ايلند، رئيس قيادة الامن القومي سابقا، بأن برأيه حل الدولتين ليس ممكنا، والبديل الذي يبدو في نظره هو الافضل هو كونفدرالية اردنية – فلسطينية. اذا ما تحقق توقع ايلند، يمكن القول ان "بعث الموتى" هو حقيقة قائمة وعبثا اضيعت 26 سنة منذ سقوط اتفاق لندن، مع كل المعاني والمآسي في هذه الفترة.

        التاريخ مليء بسخافة الزعماء، بالعودة الى حلول طرحت في الماضي، ولكن التاريخ لا يكرر نفسه. فالفرصة التي اضيعت لن تعود ابدا بذات الشكل. وفرضية ايلند الاساس التي بسببها عاد الى الخيار الاردني، صحيحة جدا: ليس في اسرائيل ولا في اوساط الفلسطينيين سيتوفر في المستقبل القريب زعماء يكونون مستعدين لتنازلات متبادلة. ببساطة لا يوجد احتمال. مهما بذل الامريكيون من جهود هائلة، فان حل اقامة الدولة الفلسطينية لن يتحقق.

        غير ان البديل الذي يقترحه ايلند يبدو أبعد حتى من حل اقامة الدولة الفلسطينية. في العام 1987 كان لا يزال ممكنا الحديث عن حلول مختلفة ومتنوعة من فوق رأس الفلسطينيين وذلك لان قيادة م.ت.ف كانت تعتبر غير شرعية في الساحة الدولية، وحماس لم تكن موجودة، وكان بوسع اسرائيل أن تتسلى بالتفكير بان الزمن سيلعب في صالحها. اما اليوم، فالوضع مختلف تماما: توجد سلطة فلسطينية معترف بها في العالم، وقعت اتفاقات معها والعالم يرى فيها عنوانا وحيدا لادارة المفاوضات مع اسرائيل.

        غير أن كل شيء ظاهرا: السلطة الفلسطينية اضعف من اي وقت مضى؛ غزة تسيطر عليها حماس التي تعارض بشدة كل اتفاق مع اسرائيل؛ ابو مازن غير قادر على أن يقر أي قرار تاريخي بشأن "حق العودة" او التسويات الاقليمية، وبالتأكيد ليس في القدس. وبالمقابل، فان الشريك الفلسطيني هو الاخر غير مستعد، ولن يكون مستعدا حتى في المستقبل المنظور، لتنازلات تعرض للخطر وجود اسرائيل او طابعها اليهودي. الاقتراح لضم المناطق الى اسرائيل وجعل سكان يهودا والسامرة مواطنين اسرائيليين هو اقتراح سخيف، في افضل الاحوال، وغبي في اسوأ الاحوال.

        لهذه الاعتبارات وغيرها يعتقد ايلند بانه يمكن الوصول الى حل الكونفدرالية مع الاردن. هذا، لاسفي الشديد خداع وليس أكثر من ذلك. فلا الفلسطينيين في يهودا والسامرة سيوافقون على ذلك، ولا السلطة الفلسطينية، لان مجرد الموافقة هي اعتراف بحلها، وبالتأكيد ليس حماس. ولن تكون مبالغة ان قلنا ان الملك الاردني ايضا لن يقبل حل الكونفدرالية ومنح حكم ذاتي للفلسطينيين وذلك لان المعنى هو التصفية الذاتية للسلالة الهاشمية. فاذا كان للفلسطينيين اليوم أغلبية واضحة في المملكة الاردنية، فيمكننا ان نفهم بسهولة ماذا سيحصل عندما ستضم المناطق اليها. بسبب كل هذا واسباب عديدة اخرى، لاسفنا الشديد، الخيار الاردني هو رؤيا مخادعة فقط.