خبر الدبلوترافيا لجون كيري... هآرتس

الساعة 09:02 ص|28 يونيو 2013

 

بقلم: باراك رابيد

(المضمون: حتى الان فضل كيري التعامل مع نتنياهو وابو مازن بقفازات من الحرير بدلا من العلاج بالصدمة. يحتمل أن قريبا سيقرر ترك طريقة التعزيزات الايجابية لينتقل الى طريق النبوت - المصدر).

مئات من الساعات الدبلوماسية استثمرها وزير الخارجة الامريكي جون كيري في المسألة الاسرائيلية – الفلسطينية منذ بدأ حملته المكوكية بين القدس ورام الله قبل ثلاثة اشهر. في اطار محاولاته كسر الطريق المسدود في المسيرة السلمية التقى كيري سبع مرات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) ومع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. أما عدد مكالماته الهاتفية مع الرجلين فقد كفوا في مكتب رئيس الوزراء وفي المقاطعة عن احصائه.

يمكن أن نشبه جهود كيري بعلاج الازواج. دبلوترافيا (العلاج الدبلوماسي). ولو كان يجبي من نتنياهو وابو مازن أجر ساعة عالم نفس رفيع المستوى لكان يتعين عليه أن يزيد التقليص في ميزانية الدفاع. في هذه المرحلة يتم العلاج لكل واحد على حده. كيري مقتنع بان معرفته الشخصية للمعالجين والثقة الكبيرة التي يكناها له ستتيحان له حملهما على الموافقة على الجلوس معا في ذات الغرفة والحديث مرة اخرى الواحد مع الآخر.

الغالبية المطلقة بين كيري وعباس ونتنياهو تجري ثنائيا. كل لقاء يستغرق بضع ساعات. خليط من المداولات الدبلوماسية وبين احاديث الروح، بين الاتصالات السياسية والتدريب على التمكين الشخصي. كيري يستمع كثيرا، يعطي تعزيزات ايجابية، يحاول تبديد المخاوف واثارة الدافعية.

كيري يشرح بانه يحاول أن يخلق لدى نتنياهو وعباس احساسا كبيرا قدر الامكان بالثقة بالنسبة للدخول الى المسيرة التي يحاول تحريكها. وهو يعمل على رزمة مبادىء وبادرات طيبة متبادلة تسمح باستئناف المفاوضات. وقال كيري في مؤتمر صحفي في الكويت يوم الاربعاء: "اني احاول خلق وضع يشعر فيه الطرفان بانه من المجدي لهما المجيء الى الطاولة. لا تزال حاجة الى بناء الضمانات، ينبغي التغلب على عدم الثقة وينبغي بلورة سلسلة من التفاهمات من اجل الامتناع عن خيبات الامل والاخفاقات الماضية".

حتى الان، العلاج الدبلوماسي لكيري لم يحقق تقدما. فالطرفان يبديان مرونة جزئية فقط ترمي اساسا الى ارضاء كيري ومنع وضع يلقى فيه الذنب بالفشل عليهما. وسبب ذلك هو أنه بين نتنياهو وعباس تفتح فاها هوة عميقة من الاشتباه والعداء. فالرجلان لا يصدقان كلمة واحدة تخرج من فم نظيرهما.

عباس يرى نتنياهو كمخادع يريد فقط بناء المستوطنات، كسب الوقت وتضليل كل العالم. نتنياهو غير مقتنع بان عباس هو على الاطلاق شريك للسلام. وهو يشتبه بان عباس يتآمر لان يلقي عليه المسؤولية عن فشل جهود كيري فقط كي يخرج بعد ذلك في حملة ضد اسرائيل في مؤسسات الامم المتحدة.

يشعر نتنياهو بانه نجح في اقناع كيري بجدية نواياه، ولكنه محبط من أن الفلسطينيين يرفضون الاقتناع. كل وزراء حكومة نتنياهو مقتنعون هم ايضا بان شيئا ما لديه تحرك. ليس انطلاقا من الايديولوجيا، بل انطلاقا من الخوف. فهو لم يقع في عشق الفلسطينيين ولم يصبح يسرويا، ولكنه قلق من التهديدات بمقاطعة دولية وبعقوبات تشل الاقتصاد وتهرب المستثمرين. "اسرائيل تريد السلام ولا تريد دولة ثنائية القومية"، قال نتنياهو أمس. "ولكننا لن نوهم انفسنا بان الاتفاق مع الفلسطينيين سيصفي التشهيرات منفلتة العقال ضد دولة اليهود".

وكان نتنياهو التقى أمس بكيري في وجبة عشاء على مدى ثلاث ساعات، ويا لها من مفارقة، في جناح اسحق رابين في فندق قلعة داود. في الغرفة المجاورة جلست وزيرة العدل تسيبي لفني والمبعوث المحامي اسحق مولخو مع مستشاري كيري. وبين الحين والاخر كان يدعى واحدا منهم لدخول الغرفة ولكن معظم الحديث جرى هذه المرة ايضا ثنائيا.

ظهر اليوم يلتقي كيري ابو مازن في عمان قبل دخول السبت سيعود الى القدس للقاء آخر مع نتنياهو. كما ستصل الى عمان اليوم لفني ومولخو ليلتقيا بكيري قبل اللقاء بينه وبين أبو مازن. خيال كيري هو عقد لقاء على مستوى منخفض بين لفني ومولخو وبين رئيس الفريق الفلسطيني المفاوض صائب عريقات، ولكن في هذه المرحلة لا يبدو أن الامر سيتم. اذا شعر كيري بانه حقق تقدما، فانه سيأتي الى القد مرة اخرى، في منتهى السبت، ويلتقي مرة اخرى ايضا مع ابو مازن.

كيري لا يزال متفائلا، تجاه الخارج على الاقل، ويعتقد ان الخاضعين للعلاج  لديه جديان. "ما كنت لآتي هنا خمس مرات لو لم اكن أؤمن بان هذا ممكن"، شدد هذا الاسبوع. ورغم أن كيري يبث الاحساس بان لديه الصبر فانه هو ايضا يقترب من اللحظة التي يتعين عليه فيها أن يقرر اذا كان سيرفع يديه، يستقيل من مهامة المعالج الدبلوماسي وينتقل للانشغال بالعلاقات الامريكية المتدهورة مع الصين وروسيا. كيري هو الاخر ينتبه بان الرئيس اوباما شكاك جدا بالنسبة لفرص نجاحه ويمتنع منذ عدة اسابيع عن منحه اسنادا علنيا.

هذا الاسبوع تحدث كيري لاول مرة عن تاريخ موعد الجمعية العمومية للامم المتحدة في نهاية ايلول. حتى ذلك الحين يتوقع التقدم. اجازة الصيف في الولايات المتحدة، صوم رمضان واعياد تشري العبرية لا تدع كثيرا من الوقت. حتى الان فضل كيري التعامل مع نتنياهو وابو مازن بقفازات من الحرير بدلا من العلاج بالصدمة. يحتمل أن قريبا سيقرر ترك طريقة التعزيزات الايجابية لينتقل الى طريق النبوت.