خبر على هامش المشكلة.. عبد الرحمن شهاب

الساعة 06:45 م|24 يونيو 2013


يحكى انه في احد القرى  قتل الديك ، فقال حكيم القرية ابحثوا عن قاتل الديك. وبعد يوم قتلت غزالة، فهب الناس للبحث عن قاتل الغزال، فقال لهم حكيم القرية ابحثوا عن قاتل الديك. ثم بعد يوم قتل خيل فهبوا للبحث عن قاتل الخيل والغزال في اذهانهم, فقال حكيم القرية ابحثوا عن قاتل الديك.

هذا مثال يقال للذين يتشتتون في علاج قضاياهم ومشاكلهم ، لانهم يستنزفون ويفقدون البوصلة ثم لا يصلون الي ايه نتيجة. فهم  يذهبون  قدراتهم وطاقاتهم في البحث عن الادوات هنا وهناك وينسون علاج جذور المشكلة. بالأمس فقدنا مقاوما شجاعا نتيجة خطأ  في التعامل مع قنوات التنسيق بين الاجهزة الأمنية والمقاومين. بالإجمال، حصل خلل في التعامل بين حماة الوطن وحماه القانون. لاشك ان السلاح بأيدي حماة القانون لا يمكن ان يوجه الي رؤوس حماة الوطن ولا العكس . ولا شك ان ما حصل هو نتيجة ما يسود في قطاع غزة من ان جميع حملة السلاح يتعاملون مع انفسهم انهم فوق القانون "لا سلطه لقانون ولا سيادة  لقضاء" . مؤكد انه لو   يلتزم الجميع  حدود القانون فلن نصل الى الصدام .

هناك مشكله حصلت وادت الى فقدان عزيز.  كان على الجميع ان يدرك كيف يتدارك الازمة، وكان يجب على الحكومة ان تدرك ان هناك خلل في تعامل الاجهزة الامنية وتتخذ الاجراءات السريعة لإبعاد الاحتكاك  وابعاد الاشخاص المعروفين في الاجهزة بانهم غير منضبطين ومشهورين بذلك , ابعادهم عن منطقة الحدث.

من الحكمة ان يبتعد المسلحون عن الخروج في الجنازات التي يتخللها الحزن والشعور بالظلم  . ومن الخطأ الشنيع ان تشارك في الجنازة عناصر امن مسلحة معروفة بالغوغائية والفوضى  وعدم الانضباط مثلما حصل في الجنازة

من جانب اخر ، لدينا مشكلة نحن الفلسطينيين. وعلى مدار تاريخنا ،  كثيرا ما نحمل الاحتلال مسؤولية اخطاءنا . كيف يمكن ان افهم مجموعة الصواريخ التي اطلقت على المستعمرات الصهيونية في محيط غزة سوى انها تعبير عن غضب داخلي بعد ان تعذر علاج المشكلة ويمكن ان يتحول في لحظة الى تفريغ كبت واهدار مقدرات المقاومة بغير استراتيجية.

لست ضد المقاومة لكن ليس للتخلص من ازمات داخلية تعيشها الحالة الفلسطينية في مواجهة ذاتها ، رفضت ذلك حين مارسته حماس يوما مع فتح وارفضه حين تمارسه فتح مع حماس وايضا اذا مارسه الجهاد نكاية بحماس. انا لا اقبله ولا اظن ان الفصائل تراه مناسبا في لحظات صدق مع النفس. 
اطلاق الصواريخ  لا يغني عن علاج  المشكلة من اساسها وذلك بتشكيل لجنة من مهنيين وذوي اختصاص لتخلص الى نتائج  واستخلاص عبر ترفع الى المعنيين في الحكومة والفصائل وحتى الشعب ليلتزم بمقتضاها الجميع حتى لا تتكرر مثل هذه الاحداث المؤسفة . يمكن ان اتفهم  ايقاف التنسيق بين الجهاد وحماس ولكن بدون ادخال الاحتلال الى الاجواء ، لان في ادخاله  ندخل في متاهة جديدة تضييع  فيها الحقيقة والمحاسبة وتفوت  فرصة الاستفادة من الحدث .

اتوقع من الجهاد الاسلامي ان يكون وقافاً عند مصلحة الشعب ومصلحة طلاب التوجيهي في هذه الأيام وان يدركوا ان المقاومة الحقيقية ليست غضباً ولا تأثراً وانما برنامجاً مدروساً ضمن مشروع واستراتيجية واضحة لا تتحرك بدوافع نفسية ولا شخصية.

اتوقع من الجهاد الاسلامي ان يوضح للأخوة في حركة حماس تجاوزات الشرطة واجهزة الأمن للقانون والتي للآسف نسمع عنها كثير, شاهدت بنفسي كيف خرج حراس محكمة لاعتقال طفل عمره 13 سنة   كرد اعتبار  لعميد  في الشرطة القضائية . 
كنت اتوقع من الجهاد الإسلامي وباقي الفصائل ان ترفع صوتها عاليا دفاعا عن مصالح الناس في وجه كل تجاوز تقدم عليه سلطة حماس في غزة او سلطة فتح في رام الله في كل الميادين الحياتية والاجتماعية والاقتصادية . وان لا يقتصر احتجاجها عندما يطال الامر احد عناصرها. 
واخيراً رسالتي من قلبي للأخوة في حركة حماس ان يكون الناس كل الناس سواسية امام القانون وان تكون اشد صرامة حين يتعلق الامر بزلات وتجاوزات المقربين في مواقع المسئولية  فعيون الناس بصيرة ومن لا يتكلم في العلن يتكلم في السر .