خبر إسرائيل مرتاحة لما يحتدم من صراعات عربية وقلقة من المستقبل

الساعة 06:44 م|24 يونيو 2013

حلمي موسى

في الأسبوع الفائت كتب المعلق العسكري في «يديعوت أحرنوت» أليكس فيشمان محذراً إسرائيل من التدخل في الحرب الدائرة في سوريا. واختار لتحذيره عنوان، «دعوا العرب ينتحرون». وكان التحذير والعنوان كافيين لتوضيح الرؤية الجوهرية لمصلحة إسرائيل إزاء ما يجري في المنطقة العربية. ويشير رؤوبين باركو في «إسرائيل اليوم» إلى ما يسـميه حـرب «السوشي» (سين السنة وشين الشيعة) ويرسم الصورة التالية: حينما تُقصف مدن سوريا وتتفكك عُراها، ويعيش أكثر من مليــون لاجــئ في عُسر وضــيق في الدول المجاورة. يستعد الاردن لحماية حدوده الشمالية ويُجــري تدريباً مشتركاً مع قوات غربية لصد احتمال تحويل النظام السوري العنف نحوه. وتوجه تركيا إصبع اتهام الى النظام السوري وتتهم مستخدمي الأسد بتنفيذ عمليات تفجيرية في ارضها وإحداث غليان شعبي باعتباره جزءاً من التظاهرات في «ساحة تقسيم». ويخلص إلى أن «حرب السوشي بدأت، ويبدو أن لا ذنب لنا في ذلك».

وهذا الأسبوع حاول المعلق العسكري في «معاريف»، عمير ربابورات أن يكمل توضيح الصورة، لمن لم يلتقط الفكرة، فكتب تحت عنوان «العرب نسوا إسرائيل» أن الأمور تتغير والعرب منشغلون بصراعاتهم وأن الحرب الكبرى تدور حالياً، بشكل أو بآخر، بين الشيعة بدعم روسي والسنة بدعم أميركي.

وأشار ربابورات إلى أن «الاميركيين يوشكون على تغيير سياستهم والوقوف بشكل أكثر حزماً مما كان حتى الآن خلف المحور السني، الذي يضم المعارضة السورية، تركيا ومصر، السعودية ودول الخليج الاخرى، وكذا حماس في قطاع غزة. ولكن هذا الدعم أقل مما ينبغي ومتأخر اكثر مما ينبغي». واعتبر أن «مشكلة أميركا هي أن الطرف السني ليس من مادة واحدة. ويمكن أن نرى الحرب الاهلية المضرجة بالدماء في سوريا كحالة تمثل ما يجري في المنطقة بأسرها: من جهة الصراع بين الكتلتين الاميركية والاوروبية الغربية وبين روسيا، ومن الجهة الاخرى الحرب الدينية. مقابل الشيعة الموحدين جداً، 70 في المئة من الثوار السنة في سوريا يعتبرون علمانيين أو سلفيين، 20 في المئة منهم ينتمون الى الإخوان المسلمين و 10 في المئة مخلصون لأيديولوجيا القاعدة».

وفي رأيه أن هذه «الحرب الكبرى في العالم الاسلامي تصرف الأنظار عالمياً عن المسألة الاسرائيلية الفلسطينية التي تغدو هامشية. لمبادرة كيري لحل النزاع لا يوجد اي احتمال بالنجاح في مثل هذا الواقع». ثم تساءل: هل هذا جيد أم سيئ لإسرائيل؟

والواقع أن الأجوبة تتعدد في إسرائيل حول هذا السؤال الواضح. فالبعض يجزم بأن ما يجري هو في الجوهر عودة إلى الشرخ التاريخي في العالم العربي، وهناك من يقول إن الأمور سوف تنقلب لاحقاً على إسرائيل. وبديهي أن حكومات إسرائيل المتعاقبة التي عاشت عقوداً على ما يوصف بـ«اقتراض الوقت» تستطيع اعتبار ما يجري فرصة لتعزيز القوة الإسرائيلية وزيادة الفجوة بينها وبين محيطها العربي. وهذا ليس بالضبط رأي خبراء يطمحون لأن تغير إسرائيل صورتها وتعود إلى حسم قضايا خصوصاً المتعلقة بالصراع مع الفلسطينيين للانخراط أكثر في التحالفات الجديدة التي تنشأ في المنطقة.

فقد انتقد رئيس الموساد السابق مئير داغان سياسة بنيامين نتنياهو التي لا تأخذ بالحسبان التغييرات الدراماتيكية في المنطقة، وقال إن «لدى إسرائيل فرصة نادرة لإبرام تحالفات مختلفة في المنطقة. وأنا لست معجباً بكل بند في المبادرة العربية ولكن الحاجة للتفاوض حيوية. فالجامعة العربية اليوم أقل عدائية لإسرائيل والمبادرة العربية يمكن أن تشكل قاعدة لبدء المفاوضات». وأضاف أنه «توجد تغييرات دراماتيكية في المنطقة. ولم تتوقف السياقات بعد، ومن الصعب جداً القول ماذا ستكون النتيجة. الكثير من الزعماء في العالم العربي اختفوا تماماً».

كما أن خلافات بدأت بالظهور داخل حكومة نتنياهو بخصوص التسوية مع الفلسطينيين وخشية مواجهة ضغوط أميركية على وجه الخصوص. وينبع الخوف الإسرائيلي هذه الأيام من أمرين أولهما احتمال أن تقود نتائج الانتخابات الإيرانية ووصول حسن روحاني إلى سدة الرئاسة إلى تلطيف الضغوط الأميركية والخلافات الإيرانية الخليجية، وبالتالي احتمال التوافق على تسوية تجعل الشرق الأوسط خالياً من أسلحة الدمار الشامل. والثاني احتمال أن تتقدم أميركا بخطوات فعلية للتدخل في المنطقة بهدف حسم الصراع لمصلحة المقربين منها وبالتالي التوجه لاحقاً للضغط على إسرائيل لتحقيق تسوية ترضي حلفاءها العرب وتكون باهظة التكلفة إسرائيلياً.

ولكن نظرة بسيطة إلى تطورات الظروف والحملات العربية المتبادلة وقطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وسوريا والمناورات الدولية في الأردن وقرارات تسليح المعارضة السورية المتوالية، كلها تشير إلى تطورات تراقبها حكومة إسرائيل بارتياح، على الأقل في الظروف الراهنة. وبرغم الإشارات الأميركية المتتالية عن الميل للإحجام عن التدخل في الصراع الدائر في سوريا إلا أن الرئيس الأميركي أعلنها صراحة أنه لأسباب تتعلق بأمن إسرائيل والأردن قد لا يكون هناك مفر من التدخل. كما أن البعض يعتقدون أنه برغم إشارات الإحجام فإن التدخل الأميركي قائم فعلياً على الأرض وعلى أكثر من صعيد.