خبر ما أصغره وما أشد إيلامه- يديعوت

الساعة 09:18 ص|24 يونيو 2013

بقلم: ناحوم برنياع

في اثناء مؤتمر الرئيس في الاسبوع الماضي دعا نتنياهو الى اللقاء مجموعة صغيرة من أصحاب الملايين اليهود جاءوا الى المؤتمر. فقد أراد أن يجند مالهم وعلاقاتهم لمحاربة حركة القطيعة مع اسرائيل. إن هذه الحركة التي أُسست في المناطق في 2005 معروفة بالحروف الاولى لأهدافها "بي.دي.إس" (قطيعة ومنع استثمارات وعقوبات). وقد بدأت تؤثر في الدول الغربية وتلاحظ علاماتها على الجهاز الاكاديمي وقرارات اقتصادية لجهات أعمالية وسياسية وفي وسائل الاعلام وأخذ ضررها يزداد.

إن من يتابع هذه الحركة من بعيد يستطيع ان يراها اغلاق دائرة تاريخية، فالقطيعة العربية التي جعلت اندماج اسرائيل في الاقتصاد العالمي صعبا ذوت بمسيرة اوسلو. فكان من الطبيعي ان تبرز من جديد باسم جديد وخطة حديثة بعد سنوات جمود للمسيرة السياسية.

عُقد في يوم السبت في بيت لحم المؤتمر السنوي لمبادرة الـ "بي.دي.إس" الفلسطينية التي بدأت المسار الدولي. وبارك ذلك من السجن مروان البرغوثي وأحمد سعدات. وحينما بدأ جواد ناجي، وهو وزير في حكومة السلطة، خطبته اتهمه المساركون بالتعاون مع اسرائيل وطردوه من القاعة. وتحدثوا معترضين على مركز بيرس للسلام، وعلى بذور سلام وعلى المدينة الجديدة "روابي". وكانت الخطب قريبة من جهة الاسلوب والمضمون من الخطب في المؤتمر الذي عقده مجلس "يشع" قبل ذلك ببضعة ايام.

إن تأثير حركة القطيعة في الضفة قليل الشأن. فليست القطيعة في الضفة هي التي يجب ان تقلق اسرائيل بل التغييرات بالنسبة إلينا في الغرب.

يوجد في اليسار في اسرائيل أناس يدعمون توسع القطيعة بمباركة. وهم يؤمنون بسابقة جنوب افريقيا حينما أفضت قطيعة اكاديمية وعقوبات اقتصادية الى تغيير سياسة. إن دعمهم للقطيعة – لقطيعة الجامعات التي تنفق عليهم احيانا – يمنحهم بطاقة دخول محترمة لليسار الراديكالي في اوروبا ويتوجهم بأنهم ضحايا المؤسسة الاسرائيلية. ولا يوجد شيء أحب اليهم من أن يصبحوا ضحايا.

        وفي اليمين ايضا من تُفرحه القطيعة، فهي في نظر متطرفي اليمين برهان قاطع على صدق التصور الذي يقول إن المشكلة ليست الاحتلال ولا جمود التفاوض بل كراهية اسرائيل. فالعالم يريد القضاء علينا دائما ولا يهم ماذا نفعل. فالدعوة الى القطيعة هي معاداة سامية تنكرت بلباس نضال من اجل حقوق الانسان.

        إن الحقيقة هي ان لليسار الراديكالي في الغرب مشكلة لأن انتقاض نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا تركه بغير دولة معادية يمكن ان يكرهها. وهم يتظاهرون على رؤساء الدول الغنية ويتظاهرون على الاتحادات الصناعية وعلى البورصة لكن هذا لا يُحدث نفس تفجر الكراهية الخالصة، الكراهية الصافية التي كان يثيرها نظام الفصل العنصري. ولولا ان هوليوود مليئة بيهود صالحين مصابين بمشاعر الذنب لحظينا بأن نرى فيلما آخر من سلسلة "سلاح فتاك" مع أوغاد شقر هذه المرة في القنصلية الاسرائيلية بدل أوغاد شقر في قنصلية جنوب افريقيا.

        ليس من العدل ان استطلاعات الرأي الدولية الأخيرة تجعلنا في ذروة الدول المكروهة الى جانب ايران وكوريا الشمالية. فالحياة ليست عادلة دائما. والسؤال هو ما الذي تفعله الدولة بازاء هذا الوضع: هل تكتم المشكلة أم تواجهها، أوتأخذ مسكن أوجاع أم تأخذ علاجا كيميائيا؟.

        من الحقائق أنه لم يكن للدعوات الى القطيعة مع اسرائيل أي صدى ما كان يوجد تفاوض. إن الانقطاع بين القدس ورام الله يجعل القطيعة خصبة أما المحادثات فتُبطلها، فاسرائيل مُحتاجة الى التفاوض كاحتياج التنفس الى الهواء.

        في مقابلة صحفية أجراها نتنياهو مع صحيفة "واشنطن بوست" في نهاية الاسبوع قال انه مستعد لأن يسكن خيمة وأن يفاوض أبو مازن في الليل والنهار. إن استعداد نتنياهو للخروج من التكييف الهوائي في حرارة الصيف يؤثر في القلب لكنه لا يواجه المشكلة. ولم يثمر التوجه الى أصحاب الملايين ايضا سوى انفاق مال على دعاية فارغة. يجب ان تفعل اسرائيل شيئا دراماتيا إما باعلان تجميد البناء وإما بافراج كثيف عن سجناء، وإما بفتح المنطقة ج للبناء الفلسطيني وإما بكل ذلك معا. لأنه اذا لم يتم تجديد المحادثات فسيتوجه الفلسطينيون في الخريف الى مؤسسات الامم المتحدة وستُنبت حركة القطيعة جناحين.

        شبّه نفتالي بينيت الفلسطينيين في الاسبوع الماضي بشظية في مؤخرة اسرائيل. وأسهم بذلك بنصيبه في الحملة الدعائية المعادية لاسرائيل من قبل مؤيدي القطيعة. ولندع لحظة كون التعبير مشروعا. إن اسرائيل هي المؤخرة لكن ما هي هوية الشظية التي تُصعب الامر عليها في كل مرة تريد الجلوس فيها؟ أهي خوف نتنياهو من ازمة حكومية؟ أوهي سيطرة المتطرفين على حزب الليكود؟ إن الشظية في المؤخرة ربما تكون حزب البيت اليهودي للأخ بينيت، فما أصغره وما أشد إيلامه.