خبر غضب في إسرائيل حول نسبة تصدير الغاز:الحكومة تراوغ لمصلحة الشركات

الساعة 07:00 ص|21 يونيو 2013

حلمي موسى

أثار قرار الحكومة الإسرائيلية بشأن تخصيص 60 في المئة من احتياطي الغاز للسوق المحلية والسماح بتصدير الباقي ردود فعل متضاربة من جهات مختلفة في إسرائيل. فقد أعلنت المعارضة العمالية أن القرار فضائحي ويخدم أصحاب رؤوس الأموال، وقالت إنها ستقدم التماساً للمحكمة العليا لمنع تنفيذ القرار. كما أعلنت جهات بيئية ومجتمعية أنها دعت لتنظيم تظاهرات لمنع ضخ الأموال العامة في خزائن حيتان المال الكبار. وفي المقابل، رأت شركات استثمار الغاز الكبرى أن القرار يضيع عليها فرصاً تجارية كبيرة، خصوصاً أنه قد يطرد شركاء كبارا كانوا ينوون الاستثمار في قطاع الغاز، مثل شركة «غازبروم» الروسية و«وودسايد» الأسترالية.
وقد جاءت كل ردود الفعل هذه وأكثر منها حتى الآن على المؤتمر الصحافي، الذي عقده أمس الأول، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بحضور كل من وزيري المالية يائير لبيد والطاقة سيلفان شالوم، ومحافظ مصرف إسرائيل ستانلي فيشر. وقد حاول ثلاثتهم تبيان أن القرار كان متوازناً، وأنه يوفق بين المصالح العامة والخاصة بما يعزز المنافسة ويجلب الاستثمارات.
وكان جلياً للكثيرين أن الضغوط الشعبية أثمرت عملياً بزيادة حصة الاقتصاد الإسرائيلي من احتياطي الغاز من 50 في المئة إلى 60 في المئة، فضلاً عن إجراءات أخرى. ولكن هذه الزيادة، كما هو واضح، غير كافية في نظر المعارضين، الذين يحسبون من الآن الأموال التي ستضخ في جيوب كبار الرأسماليين في هذا القطاع.
وتعتبر هذه الأوساط أن قرار الحكومة، الذي سيصدر رسمياً يوم الأحد المقبل، هو في الواقع «اختطاف»، وأنه أصلاً ليس من حق الحكومة اتخاذه، وكان ينبغي أن تتركه للكنيست لتقرر بشأنه. وكما سلف فإن المحكمة العليا ستضطر للبحث في الأمر، واتخاذ القرار المناسب في وقت لاحق، ما يعني أن القرار الرسمي لن ينفذ قريباً، بل يحتاج إلى مزيد من الوقت.
وكانت لجنة «تسيمح» الوزارية قد أوصت بتخصيص 450 مليار متر مكعب من الغاز للسوق الإسرائيلية بما يكفيها لـ25 عاماً، وهي الكمية التي أبدى أصحاب حق الامتياز في حقلي «تمار» و«لفيتان» قبولهم بها. ولكن القرار بتخصيص 540 مليار متر مكعب لهذه السوق أغضب الشركات المستثمرة من ناحية، ولم يفرح معارضي التصدير. فأصحاب الشركات لاحظوا أيضاً حجم الضرائب، التي ستفرضها الحكومة الإسرائيلية على صادرات الغاز، ما سيرفع سعره وبالتالي تكلفة تصديره. كما أن أصحاب الأسهم الصغيرة في شركات الغاز، خصوصاً في حقل «تمار» والحقول الأصغر، يشعرون بأن القرار لا ينصفهم، وأنه عملياً يسمح بتصدير الغاز فقط من حقل «لفيتان».
ويعتقد خبراء أن حديث الحكومة الإسرائيلية عن تخصيص حصة أكبر للسوق المحلية مضلل، خصوصاً أن توصية لجنة «تسيمح» صدرت قبل عدد من الاكتشافات الغازية، التي رفعت احتياطي الغاز بحوالي مئة مليار متر مكعب. وبالتالي فإن نقل هذه الزيادة إلى السوق المحلية، هو نوع من تحصيل حاصل يصعب تسجيله في خانة نتنياهو وحكومته.
وقالت زعيمة المعارضة شيلي يحيموفيتش: «إننا شهدنا عرضاً مخجلاً للخنوع لضغوط هائلة من عمالقة الغاز تحت ستار قرار مهني. لقد تم الأمر اختطافاً، وبسرعة لا مبرر لها، لأن الأمر يتعلق بقرار مصيري لمستقبل أبنائنا، اتخذه أربعة أشخاص أغنياء سيلحق الضرر بالغالبية المطلقة من مواطني دولة إسرائيل. فالقرار المتسرع بالسماح بتصدير الغاز بنسبة 40 في المئة يقيد الدولة أبداً، ويمنع كل احتمال في المستقبل لتغيير العقود المبرمة».
وأضافت يحيموفيتش إن «هذا تخريب للفرصة الرائعة المتوفرة لإسرائيل. فمكامن الغاز ملك لكل مواطني الدولة ويمكنها أن تسمح باستقلال الطاقة، وتخفيض حاد في أسعار الطاقة والمياه، وتطوير صناعات جديدة، والإسهام كثيراً في جودة البيئة، والازدهار الاقتصادي وتعظيم أمن الدولة. فالتنازل سلفاً عن 40 في المئة من احتياطي الغاز يعبر عن قلة إصغاء نتنياهو وليبيد لمعارضة الجمهور للتصدير، ولا يبقى سوى الاستنتاج بأن هذه الجماعة كانت تنوي سلفاً التنازل للأجانب عن كل ذخائر الدولة».
وفي كل حال، فإن حكومة نتنياهو تأمل من خلال قرارها بدء تصدير الغاز فعلاً إلى دول مجاورة، وفي مقدمتها الأردن ابتداء من العام 2014، ما سيجلب للخزينة ضرائب تزيد مداخيلها.
ومعروف أن حصة الدولة العبرية من تصدير الغاز ستكون بحدود 62 في المئة موزعة على النحو التالي: 12,5 في المئة عائد مبيع، 25 في المئة ضريبة الشركات، و«ضريبة شيشنسكي» (لتحصيل حصة الدولة من شركات الغاز) تصل إلى 35,5 في المئة، ما يوفر لخزينة الدولة 200 مليار شيكل في العشرين سنة المقبلة. وبحسب المخطط، فإن نصف هذه العائدات تدخل خزينة الدولة مباشرة، ونصفها الآخر ينقل لصندوق استثماري تقرر إنشاؤه لاستيعاب عائدات الغاز، ولمنع إغراق السوق الإسرائيلية بالعملات الأجنبية.
واعتبر عضو الكنيست عن «الجبهة الديموقراطية للسلام» دوف حنين، أن حكومة نتنياهو صادقت «على السطو الكبير على الغاز. فالأمر ليس تسوية ولا توازنا بين المصالح. وإنما سرقة في وضح النهار لمورد ثمين وغالي القيمة يعود للجمهور الإسرائيلي بأسره. ولم يسبق أن اتخذ قرار دراماتيكي بمثل هذا الشكل السطحي والمرفوض. هذه خطوة تلحق الضرر بالاقتصاد الإسرائيلي بأسره، بانتاج الكهرباء وبالصناعة».