خبر لا سبب لليأس- هآرتس

الساعة 08:40 ص|19 يونيو 2013

بقلم: آفي شيلون

        (المضمون: برغم ان مسار التسوية الفلسطينية الاسرائيلية وتقاسم البلاد بطيء يبدو ان هناك اسبابا تدعو الى عدم اليأس من ذلك - المصدر).

        إن اعلان نفتالي بينيت بأن فكرة الدولة الفلسطينية أصبحت "وراءنا"، ينبع من تصوره العام وربما من تقديرات سياسية ايضا – لكن ليس من الصدفة أنه قيل بهذا القدر من الثقة، فهو يتلقى الدعم من معسكر السلام على الخصوص. فقبل نحو من شهر مثلا بُث في القناة الثانية تقرير أثار أصداءا عن نهاية حل الدولتين وكان اليساريون أساسا هم الذين أبّنوا الحلم المطوي. في يوم السبت وبعد ان شارك صحفي ذو شعبية في احدى الجولات التي شاعت في الآونة الاخيرة في المناطق غرّد قائلا إن الدولة الفلسطينية لن تنشأ. وناصر كثيرون في التويتر كلامه بأسى.

        يكمن السبب الموضوعي لليأس في الخشية من ان انتشار مئات آلاف المستوطنين في المناطق يمنع بالفعل خيار فلسطين بسبب صعوبة الفصل بين السكان. لكن يبدو ان معظم المشكلة كامن في الجانب الذاتي فقد نشأ ما يشبه التعب العقلي من فكرة كلما أصبحت من نصيب المجموع بقيت بمنزلة فانتازيا.

        لا حاجة الى الاكثار في الكلام على كون حل الدولتين ضروري. إن ما هو مهم تأكيده هو ان التشاؤم الذي يستمد من الشعور بأننا تأخرنا عن الأجل ينبع من قصر نظر وعدم صبر.

        إن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بخلاف صراعات قومية اخرى أكثر تعقيدا لأنه نشأ في خلال تشكل الشعور القومي الفلسطيني وتحديد أهدافه. لم يتم الحديث كما تعلمون في التاسع والعشرين من تشرين الثاني عن دولة فلسطينية بل عن دولة عربية. وحينما تم انشاء م.ت.ف في سنة 1964 طالبت بفلسطين كلها. واحتاج ياسر عرفات الى 24 سنة اخرى كي يعلن استعداده لتقسيم البلاد والى 5 اخرى كي يبدأ مسيرة اوسلو.

        وكان الاعتراف الاسرائيلي ايضا بكون التقسيم ضروريا بطيئا لكنه متواصل. واحتاج الزعيم الاول الذي تفضل بمنح الفلسطينيين حكما ذاتيا – وإن يكن اداريا – وكان يسمي الفلسطينيين "عرب ارض اسرائيل" الى 30 سنة نضج. حينما نشأت الدولة كانت حركة "حيروت" لمناحيم بيغن ما زالت تطالب بضفتي الاردن.

        وكان المسار الذي قطعه اليسار ايضا طويلا. يكفي ان نذكر ان اسحق رابين وهو الرجل المسؤول عن اتفاق اوسلو، كان يصعب عليه ان ينطق بالكلمة الصريحة "فلسطين" حتى يومه الأخير. كان يبدو في الحقيقة منذ كان مؤتمر كامب ديفيد في سنة 2000 أننا نسير في مكاننا لكن اسرائيل في الوقت الذي مر انفصلت عن قطاع غزة واعترف شارون ونتنياهو بتقسيم البلاد وترك الفلسطينيون الكفاح المسلح.

        اذا أتينا مثلا بالسلام مع مصر لم ينشأ في لحظة مع هبوط السادات من الطائرة، فقد حُددت مباديء الاتفاق على نحو عام في مبادرة روجرز قبل التوقيع الاحتفالي في البيت الابيض بعشر سنوات لكن احتيج الى سنوات كي تنضج الظروف والشجاعة لتحقيقه.

        وهكذا فان ما يبدو أنه مواجهة لا مخرج منها هو مسار بطيء في الحقيقة لكنه نحو الاتجاه الصحيح. وستكون الظروف الميدانية أقل تعقيدا حينما نقف أمام اتفاق لأن الاعلان عن سلام سيثير تغييرا في الوعي يجعل قضية المستوطنات قابلة للحل من جهة مسار الاخلاء ومن جهة خيار ان يبقى قليل منها في ارض اسرائيل تحت سيادة الصديقة الفلسطينية.

        من السابق لأوانه أن نُقدر كيف سيبدو الشرق الاوسط – لكن الأحداث فيه ومنها التظاهرات في تركيا ونتائج الانتخابات في ايران والاحتجاج في اسرائيل تشهد على ان المستقبل للجماهير. وقد انقضى العهد الذي كان الواقع فيه يُشكل بحسب ارادة الزعماء فقط، فقد أصبحت الشعوب تقول قولها بالانتخابات أو بالقوة. وهذه ايضا هي الرسالة العميقة التي نقلها اوباما في زيارته لاسرائيل وهي أنه يجب على الشعبين ان يحثا الزعماء لا العكس. إن التفكير في تظاهرات مشتركة في اسرائيل والمناطق تطالب بدولتين يبدو خياليا لكن لا أكثر من أحداث اخرى جربناها في الآونة الاخيرة. وعلى كل حال فان هناك اسبابا ومسؤولية ايضا تدعو مؤيدي التقسيم الى عدم اليأس.