خبر توماس فريدمان: لا أحد يعرف ما الذى يمكن أن يحدث فى 30 يونيو

الساعة 05:48 م|18 يونيو 2013

وكالات

لم يتخل المعلق ــ الصحفى الأمريكى توماس فريدمان عن تحفظه وحذره وهو يتحدث على مائدة «الشروق» عن حال مصر وما ينتظرها فى مظاهرات 30 يونيو التى تراهن المعارضة السياسية عليها لتوجيه رسالة حاسمة وربما تكون قاصمة للرئيس محمد مرسى.

  وقال فريدمان  إن مصر ستواجه خطر تشاحن طائفى ــ يتجاوز كثيرا التقسيم المفترض مسبقا بين المسلمين والاقباط ــ إذا لم تسع القيادات السياسية فى الحكم والمجلس الاعلى للقوات المسلحة والمعارضة سواء بسواء إلى تبنى خطة عمل وطنية لإصلاح الحال السياسى والاقتصادى وبالتأكيد المجتمعى بمشاركة الجميع.

 هذا الاسبوع بدا فريدمان مستعدا لابداء قدرا أكبر من القلق. «مصر لديها بالكاد ما يكفى من الوقت، فيما أرى، لو بدأت الآن، والآن تعنى الان، فلم يعد هناك مزيد من الوقت الممكن اهداره»، قال، مضيفا انه ربما لا يرى التوافق المطلوب بين القوى السياسية المعنية فى الحكم وفى المعارضة لبدء ما كان يجب الشروع به قبل عامين أو يزيد عندما قبل الرئيس السابق حسنى مبارك التنحى عن الحكم فيما مثل «لعبة كراس موسيقية أبعد فيها المجلس الاعلى للقوات المسلحة مبارك عن الحكم ليبعد الاخوان المسلمون المجلس الاعلى للقوات المسلحة عنه» دون ان يكون للشباب الذى فجرت طاقته ثورة يناير دور فى الحكم ولا فى غيره.

 «كنت قلقا من درجة الاستقطاب التى كانت موجودة قبل شهور ولكنها وصلت اليوم لمرحلة متقدمة للغاية «ليتحول القلق إلى خوف بحسب الصحفى ــ المعلق بالنيويورك تايمز الأمريكية بعد أسبوع امضاه فى القاهرة ضمن رحلة لبلدان الربيع العربى بدأت فى اليمن.

 رحلة فريدمان كما قال  تبحث فى الأساس عن تأثيرات التغييرات المناخية فى العالم على بلدان الربيع العربى وتداعياتها اجتماعيا واقتصاديا، وصولا إلى تلك اللحظة التى انفجر فيها غضب كان مكبوتا أو ظاهرا بدرجة محدودة.

 يقول فريدمان «البيئة لها قواعد واضحة تحكمها ويمكن على اساس هذه القواعد اصلاح العطب الذى حدث، فمثلا ارتفاع درجات الحرارة الذى اصاب مياه البحر الاحمر جراء طريقة البناء والتنمية المنافية لأبسط قواعد الحفاظ على البيئة فأدت إلى تحول الشعاب المرجانية الملونة إلى شعاب فاقدة للون لتصبح كهيكل عظمى يمكن التعامل معه من خلال التعامل المباشر مع الاضرار التى تتسبب فيها تلك التنمية الكارثية ليعود اللون تدريجيا إلى الشعاب، لكن السياسة تفتقد لتلك القواعد وعندما تتحطم الاشياء فلا أحد يعرف على وجه التأكيد كيف يمكن اصلاحها، بل إن أحدا لا يعرف أن الضرر قد وقع إلا بعد وقوعه فعلا».

 ويضيف بعد عدة جمل متناثرة، «لا احد يعرف ما الذى يمكن ان يحدث مع 30 يونيو، خاصة هؤلاء الذين لا يعيشون هنا ولكنى اظن ايضا انه حتى من يعيشون هنا لديهم اسئلة أيضا... لكن اللبنانيين لم يعرفوا انهم بصدد حرب اهلية ولم يدركوا ان الحرب الاهلية التى استمرت 15 عاما وقعت إلا بعد فترة مما وصفوه فى البدء بالاحداث».

 بعد خمس سنوات من الآن، يقول فريدمان، بغض النظر عما سيأتى فى 30 من يونيو وما بعده من أيام وأسابيع ستأتى لحظة «ويقول فيها الجميع إنه علينا أن نعمل معا لبناء هذا الوطن وتحقيق المصالح التى تجمعنا، وسيكون وقتا كثيرا ضاع وربما دماء غزيرة قد أهدرت».

 لا يخفى الكاتب الأمريكى أن مصر «تمر بأوقات بالغة الصعوبة وتواجه مشاكل كثيرة وكبيرة، معظمها بدأ وتراكم عبر سنوات، وهى تحديات يمكن ان تكون معجزة لافضل القادة والزعماء كفاءة، وهى بالتأكيد تحديات لا يمكن للمصريين ان يتجاوزوها إلا فى ظل توافق وطنى كامل».

 إن الرئيس مرسى هو بالتأكيد رئيس منتخب انتخابا شرعيا، يقول فريدمان، «لكن هناك امرا بالغ الاهمية هنا وهو ان هناك نوعين من السلطة، فهناك السلطة القانونية وتلك تبقى مع مرسى بالتأكيد ولكن هناك ايضا السلطة الاخلاقية وتلك التى يحتاجها أى رئيس فى أى بلد سواء امريكا أو مصر أو غيرهما من رضا الشعب عن ادائه واستشعاره انه يمثله ويعبر عنه فى مجمل الامور».

 إن مصر التى ظلت لسنوات لاعبا رئيسيا فى عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، «اصبحت فى حاجة لعملية سلام داخلية تشمل الجميع لان الجميع يجب ان يتشارك فى الاضطلاع بالمسئولية ويجب ان يشعر الجميع انه صاحب حق فى مشروع اصلاح توافقى وبالتالى عليه دور فى انجاح هذا المشروع»، ويضيف ان ما يميز مصر ربما عن غيرها من دول الربيع العربى هو ذلك الادراك الذى يراه الشباب بوضوح «والشباب هم من منح الطاقة والامل لجعل التغيير محتمل» يدرج الحاجة الماسة «لمشروع يتوافق حوله الجميع ويشارك فيه الجميع، مشروع ينفذه الجميع على مرحلة طويلة وبصورة مستدامة من اجل مستقبل هذا البلد الذى يبقى استقرارا هاما لكل المنطقة بل وما هو أبعد من ذلك».

 يدرك فريدمان فيما يقول للمعلم ومطر ان الامر ليس سهلا لان هناك حالة من الرفض الواضح من قبل قوى المعارضة على تنوعها والتى لولا دعمها لما أنتخب مرسى رئيسا  قبل عام» لاداء الرئيس.

 لكن المشكلة المصرية، بحسب فريدمان، يزيد عليها استمرار التوترات الاقليمية فى انحاء مصر، خاصة فى سوريا التى يخشى ان تنتقل من مرحلة الاحتراب الطائفى داخل البلاد إلى ما هو أوسع من ذلك مع تداخل الخطوط وتقاطع الاطراف.

 لا يبدو فريدمان الامريكى رافضا لتحركات بلاده ولا يتحدث عن نقد مباشر لتدخل عسكرى بصورة أو اخرى فى سوريا ولكنه يحذر من خطأ يقر انه ارتكب فى حق العراق فى اعقاب اسقاط نظام صدام حسين وهو ما اسمى فى حينه بعملية اجتثاث البعث والتى أدت إلى انهيار الدولة وهو ما لا يجب أن يتكرر مع سوريا «لان سوريا يمكن ان تتعرض للانهيار والتقسيم بالمعنى الكامل للكلمة وليس بالمعنى المجازى».

 ونحن الان بصدد النهاية الحقيقية للامبراطورية العثمانية التى بدأت قبل قرن من الزمن ولكن بقى بصورة أو اخرى كثير مما كانت قائمة عليه تلك الامبراطورية»، يقول فريدمان، ويضيف «اظن اننا بصدد سايكس ــ بيكو جديدة لكن هذه المرة ستكون من صنع القوى الفاعلة على الارض بالأساس» وليس بتدخل من الامبراطوريات الغربية.