خبر إسرائيل والخوف من فقدان العدو لا يغرّنكم «وهم الاعتدال» الإيراني.. حلمي موسى

الساعة 11:02 ص|17 يونيو 2013

أبدى العالم بأسره، تقريباً، أملاً بأن يشكل انتخاب الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني فاتحة خير وتغييرا في العلاقات بين إيران والكثير من دول العالم. وحدها إسرائيل تعاطت بشعور من التشكيك والخيبة إزاء هذا التطور، وعلى قاعدة أنه لا ينطوي فعلياً على أي تغيير، وحذرت أصدقاءها في الغرب خصوصاً من الوقوع في شرك ما تسميه «وهم الاعتدال».

ومن الجلي أن شعور الخيبة لا ينبع أصلاً من انتخاب روحاني ذاته بقدر ما ينبع من شعور بخسارة ما كانت إسرائيل تعتبره «ذخراً إعلامياً استراتيجياً»، وهو الرئيس الإيراني المنتهية ولايته أحمدي نجاد. فإسرائيل الساعية على الدوام لخلق عدو مركزي كانت تجد في نجاد وطريقته في إطلاق التصريحات جسراً يقربها من حلفائها في الغرب، خصوصاً في أميركا. وكانت على الدوام تنتقي من تصريحاته ومواقفه ما قد يساعدها في اتهامه باللاسامية تارة، وبالسعي لإبادة الدولة اليهودية تارة أخرى. وعلى الدوام كانت تخلق من هذه التصريحات ذرائع لتجييش المواقف ضد إيران عموماً، وضد مشروعها النووي على وجه الخصوص.

أما التشكيك فأبوابه واسعة جداً، أهمها باب الاعتدال الذي قد تحاول الإدارة الأميركية، عبر دخوله، تليين مواقفها من إيران بحجة مساعدة روحاني على ترسيخ سلطته. وإسرائيل لا ترى أن هناك أي تغيير في إيران، وأن نتائج الانتخابات مضللة في خلاصاتها لأن الحاكم الفعلي كان ولا يزال هو نفسه، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي. وتخشى إسرائيل على وجه الخصوص انه في عهد روحاني، يمكن لإيران أن تكسب المزيد من الوقت من الغرب، بحجة انتظار التغييرات التي ستجري، وأن ذلك سيجعل مهمتها في إقناع الغرب بتشديد العقوبات أكثر صعوبة.

وإذا كان مقبولا أن يكون روحاني معتدلاً وهو مرشح، فإن اعتداله لا يساوي شيئاً عندما يكون المطلوب إسرائيلياً أن يغدو شيطاناً. وقد عبر عن ذلك يجئال سارينا في «يديعوت أحرنوت» تحت عنوان: «نريد شيطاناً جديداً». وكتب: «يا حسن روحاني، يا معتدل، من دعاك؟ لماذا أتيت؟ ماذا نفعل من دون الفزاعة، المتطرف أحمدي نجاد؟ يا ويلنا يا إيران أختنا المحبوبة سابقاً، شريكتنا منذ الملك قورش، وحتى التحالف الاستراتيجي الذي أقامه بن غوريون وورثته. اختنا التي درب «شاباكنا» «سافاكها». وكان شاهها يدنا اليمنى. كيف ننسى يوم هبط آية الله في مطار طهران ونحن حزمنا سجاجيدنا، ورجال موسادنا وعدنا إلى بيوتنا». وخلص إلى أن «فرضياتنا كانت مفندة، ولذلك نبوءاتنا فشلت. فإما أن نعود إلى الواقع أو علينا المسارعة للعثور على شيطان جديد». وأضاف: «كيف ذهبت يا أحمدي نجاد، من دون قبلة وداع؟ وماذا نفعل من دون هتلر الفارسي؟ ماذا سيرسم (رئيس الحكومة بنيامين) نتنياهو في الأمم المتحدة؟»

ومنذ اللحظة الأولى لفوزه، بدت قيادة إسرائيل وكأنها في سباق مع الزمن لاثبات أن لا جديد تحت الشمس في إيران. وهي تحاجج القيادات الغربية التي تلتقيها بأن ما يسمعونه عن اعتدال روحاني ليس أكثر من وهم، والدليل هو أنه اجتاز بنجاح اختبارات لجنة التعيينات واعتبر صالحاً في نظر النظام. وحال صدور النتائج، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنه «انتخب في إيران رئيس جديد من بين قائمة مرشحين وافق عليهم خامنئي بعدما استبعد مرشحين لم يناسبوا رؤيته المتطرفة. ومشروع إيران النووي تقرر حتى اليوم بيد خامنئي وليس بيد الرئيس الإيراني».

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون الموجود في أميركا أول من أعلن أن الانتخابات لن تحدث تغييراً في سياسة ايران النووية والخارجية. ودعا يعلون مضيفيه الأميركيين لأن يكونوا أكثر تصلباً مع الإيرانيين في الموضوع النووي.

أما بنيامين نتنياهو، الذي كان قد وصف الانتخابات الإيرانية بأنها «شكلية»، فأوضح في مستهل جلسة حكومته «اننا لا نوهم أنفسنا. محظور على الأسرة الدولية أن تغري نفسها بأهواء، وينبغي تذكر أن الحاكم في إيران في كل الأحوال علي خامنئي، وهو الذي يقرر السياسة النووية». وحذّر نتنياهو الذي انتقد ردود الفعل الغربية المرحبة بفوز روحاني من أن «المشروع النووي الإيراني لا يزال الخطر الأشد على السلم العالمي. والأمر الوحيد الذي قاد إلى تجميد موقت للمشروع النووي الإيراني كان الخوف من هجوم ضدها في العام 2003». كما اعتبر وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي يوفال شتاينتس، أمس، أن الرئيس الإيراني المُنتخب «كان بالفعل أكثر المرشحين اعتدالاً، لكنه ليس شخصاً معتدلاً»، لافتاً إلى أنه «يجب ألا يوهم العالم نفسه بهذا الشأن».

فقط الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز حاول، كعادته، اتخاذ خط مختلف فصب جام غضبه على الرئيس المنتهية ولايته أحمدي نجاد، مطالبا بمحاكمته على ما ارتكب من أفعال في ولايته، وخصوصاً «تبذيره لمئات ملايين الدولارات على فكرة اليورانيوم». واعتبر أن نتائج الانتخابات كانت إيجابية وفاجأت المراقبين، وأن روحاني سيحاكم لاحقاً وفق أفعاله، وأن الخاسر في الانتخابات هو خامنئي نفسه. وأشار إلى أن النتائج تظهر رغبة الشعب الإيراني في التخلص من المتطرفين.