خبر أبو مازن لا يذهب الى أي مكان- معاريف

الساعة 08:43 ص|16 يونيو 2013

بقلم: أساف جبور

اضطر وزير الخارجية الامريكية جون كيري الاسبوع الماضي الى الغاء زيارته الى القدس ورام الله بسبب المباحثات العاجلة التي تجريها الادارة في الموضوع السوري. ولكن ما أن علم بانه سيضطر الى التخلي عن الزيارة، حتى سارع كيري للاتصال بابو مازن كي يوضح له بان الولايات المتحدة مصممة على مواصلة مساعيها لاستئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. ويدل هذا الاطلاع الهاتفي السريع على الاهمية التي يوليها الامريكيون لاستئناف المسيرة السياسية، وهذه الحقيقة تساعد ابو مازن، لاول مرة منذ زمن بعيد على ان يصبح مرة اخرى ذا صلة وأن يتمتع ببعض من الاستقرار السلطوي.

من نواحٍ عديدة يمكن الادعاء بان في وضعها الحالي تدير السلطة الفلسطينية معركة بقاء. فالوضع الاقتصادي سيء وتيار السيولة النقدية، الذي يوجد في انخفاض مستمر، يجبر السلطات على تحويل رواتب موظفي السلطة على دفعتين. وفي أجهزة الامن الفلسطينية يحذرون من أن تأخير الدفعات ستكون له آثار، ويشكون من نقص وسائل فرض القانون والنظام. وقد أدى ارتفاع الضرائب والاسعار الى مظاهرات احتجاج، واستقالة رئيس الوزراء سلام فياض، الذي على الاقل في نظر الغرب يعتبر رمز التغيير الاقتصادي والاداري في السلطة، لم تبشر بالخير.

ولكن على نحو مفعم بالمفارقة، فان الوضع السيء الذي علقت فيه السلطة يساعد بالذات على استقرار ابو مازن بصفته الشخصية الوحيدة التي بوسعها تغيير الصورة. فعلى خلفية مشاكل حماس مع مصر ومع الايرانيين، فان عيون الفلسطينيين والامريكيين تتطلع الان الى الرئيس القديم للسلطة.

لا يبحث عن مصالحة مع حماس

غير مرة هدد ابو مازن المحبط بالاستقالة من منصبه وترك مشاكل السلطة الصعبة لعناية شخص آخر. ولكن في الوضع الحالي، عندما يعانقه الامريكيون وخصومه من حماس منشغلون بمشاكل اخرى، فان التقدير هو انه لا يعتزم الاستقالة، ليس قريبا على الاقل. قائمة بدائله المحتملين، والتي تضمنت في الماضي اسماء كمروان البرغوثي، جبريل الرجوب، محمد دحلان وآخرين، اختفت عن الخطاب الجماهيري. كما أن الشارع الفلسطيني يفهم، على ما يبدو بان في الوقت الحالي لا بديل لابو مازن.

وكما أسلفنا، حسب الخطة الامريكية لاستئناف المسيرة السياسية، يفترض بابو مازن أن يكون المحور المركزي في الطرف الفلسطيني. ورئيس السلطة واع لذلك، ولهذا فانه يبدي تصلبا وغير مستعد لان يتنازل عن الشروط المسبقة التي وضعها لاستئناف المفاوضات وعلى رأسها تجميد البناء في المستوطنات. تحرير 107 سجينا "ثقيلا" كانوا اعتقلوا قبل اتفاق اوسلو يعتبر هو ايضا شرطا مركزيا للسلطة، ولكن مسؤولا فلسطينيا اشار في الماضي في حديث مع "معاريف" بان حتى لو وافقت اسرائيل على تحريرهم فان الامر لن يؤدي بالضرورة الى استئناف المفاوضات.

رغم ذلك، توجد في السلطة محافل تخشى من أن يؤدي الرفض العنيد لاستئناف المسيرة السياسية والتوجه الى المسار احادي الجانب في الامم المتحدة الى عقوبات كوقف المساعدات الاقتصادية من جانب الولايات المتحدة أو تقليصها بشكل كبير. ولكن رغم المشاكل الاقتصادية والمصاعب في دفع الرواتب لرجال أجهزة الامن، لا يتردد ابو مازن في اصدار الاوامر لاعتقال نشطاء حماس وجهات اخرى. وفي بعض الحالات تكون اسرائيل هي التي تنقل الى ابو مازن الاسماء. رجال الاجهزة ينفذون اوامر رئيس السلطة بشكل جيد مما يدل على أنهم يعتبرون أبو مازن الزعيم الفلسطيني غير المشكوك به على الاقل صحيح حتى الان.

كما أن تعيين رامي الحمدالله رئيسا للوزراء، بدلا من سلام فياض الذي كان خصما لابو مازن، هو دليل على قوة رئيس السلطة. وعمل الحمدالله كمستشار قريب لابو مازن ويعتبر موالٍ جدا له. اضافة الى ذلك فان تعيين شخص لا يرتبط باي شكل بحماس أثبت بان ابو مازن يشعر بما يكفي من الثقة بالنفس وليس مؤكدا على الاطلاق ان يكون يبحث عن مصالحة مع المنظمة. يبدو أن من ناحيته الدعم الامريكي أهم. وحماس بالذات، التي تهتز مكانتها بسبب الكتف الباردة من مصر واغلاق المكتب السياسي للمنظمة في دمشق، معنية اكثر بكثير من ابو مازن بالمصالحة.

الحرب في سوريا والصراع على رئاسة المكتب السياسي، والذي في نهاية المطاف ابقياها في يد خالد مشعل، ضعضع قوة المنظمة وساهم في النزاعات الداخلية فيه. وعندما خرج الى الشوارع في غزة في الذكرى السنوية لتأسيس فتح نحو 300 ألف من مؤيديها، كان هذا دليلا على اهتزاز قوة الردع لحماس. في الضفة، حيث يمارس ابو مازن ضغطا زائدا على نشطاء حماس، وجدت المنظمة نفسها في حالة دفاع حقا. وهكذا بقي رئيس السلطة، الذي سارع كثيرون الى تأبينه، الجهة الاقوى والاكثر استقرارا في الطرف الفلسطيني.