خبر في مكان يُغرون الكلاب فيه بالبشر- هآرتس

الساعة 08:40 ص|16 يونيو 2013

بقلم: جدعون ليفي

بماذا يُذكركم الكلب؟ وبماذا يُذكركم الراعي الالماني؟ وبماذا يُذكركم جنود مسلحون يُغرون كلب راعٍ الماني بأناس يحاولون التسلل من الحدود ليجدوا لأنفسهم مصدر عيش؟ أكتب هذه السطور من غرفة في فندق في براغ، وهي دولة تعرف شيئا عن الاحتلال والقمع والنضال من اجل الحرية. يُعرض في متحف الشيوعية في المدينة القريب من المقصف بين ما يُعرض صورة لجنود من المانيا الشرقية يُغرون كلاب الراعي الالماني بمهربي حدود. كان هؤلاء مرة الجنود النازيين وجاء بعدهم الجنود الشيوعيون وبقي الكلب الى الأبد.

قبل ايام من زيارتي لهذا المتحف كنت في قرية بيت أولا بالقرب من الخليل حيث لقيت الشاب محمد العملة وكان ظهره وعنقه مُجرحين على طولهما بعضات كلب الجيش الاسرائيلي وهو من نوع الراعي الالماني بالطبع. إن العملة هو عامل مُعسر وأب لبنتين يعمل منذ 12 سنة في اسرائيل: حينما يملك مالا يرشو مقاوله الاسرائيلي بمال كثير (ألفي شيكل كل شهر) كي يحصل له على تصريح عمل في اسرائيل؛ وحينما احتاجت ابنته الصماء الى عملية جراحية في أذنيها ونفد ماله تسلل للعمل في اسرائيل بلا تصريح وكانت النتيجة علاجا في مستشفى مع جراح عميقة في ظهره وعنقه.

كمن له جنود الجيش الاسرائيلي الملثمون ولصديقيه قبل نحو من شهر في المساء بالقرب من منفذ في جدار الفصل وحينما اقتربوا منه وقبل ان ينجحوا في اجتيازه أغروا كلابهم بهم. وبعد أن كان يُخيل الينا ان الجيش الاسرائيلي كف عن إغراء الكلاب بـ "الماكثين غير القانونيين"، عادوا في الآونة الاخيرة الى هذا الاشتغال الفظيع وهو إغراء الكلاب بأناس غير مسلحين. لأنه يجب ان يوجد عمل لوحدة "هعوكتس" العظيمة المجد حتى في فترات الهدوء النسبي.

لا يمكن ان نتجاهل الاحالة التاريخية؛ ولا يمكن ان تبقى غير مكترث بهذا التداعي الحتمي. إن استعمال النار الحية أكثر فتكا، لكن إغراء الكلاب بالبشر أشد قسوة. وكان يجب أن يثير التفكير في جنود اسرائيليين يُغرون الكلاب أكثر من كلمة زعزعة وخجل. لكن الامر ليس كذلك حتى حينما تكون الاحالة صارخة الى السماء. إننا نرسل جنود الجيش الاسرائيلي الى "مسيرات حياة" في اوشفيتس وبعد ذلك ندربهم على إغراء الكلاب بالناس. وقد تخلى متحدث الجيش الاسرائيلي الذي كان يُجهد نفسه ذات مرة في الحفاظ على السمعة الطيبة لـ "أكثر الجيوش اخلاقية في العالم"، تخلى كما يبدو ايضا عن هذا. فقد اكتفى رده الصلف وغير المكترث على وصف ليل الكلاب ذاك بثلاث كلمات سخيفة جدا وهي: "الموضوع تحت الفحص".

والى أن ينتهي "الفحص" الذي لا ينتهي على نحو عام أبدا، يجب ان نسأل أنفسنا بصدق: هل نريد هذا حقا؟ لأنه لو انتهى تسلل مواطن اسرائيلي الى اراضي السلطة الفلسطينية الى إغراء الكلاب به وعلاجه في المستشفى كما حدث للعامل العملة لضجت البلاد وربما العالم ايضا. وكانت آلة التاريخ ستُجند بكامل قوتها بازاء صورة الجندي الفلسطيني الذي يُغري كلبا بيهودي، وليحفظنا الله. فالفلسطينيون حيوانات بشرية تستعمل الكلاب على البشر لكن هذا يجوز بالطبع للجيش الاسرائيلي (ايضا).

إن العملة يتعافى في هذه الاثناء في بيته من جراحه لكنه غير قادر على العمل الى الآن. ويقول ايضا إنه لن يعاود التسلل الى اسرائيل كما اعتاد ان يفعل كل ليلة آلاف طالبي العمل الفلسطينيين بسبب ما أصابه من خوف الكلاب. حينما أطبق الكلب فكيه على عنقه اعتقد عملة أنه يوشك أن يموت. وهذا في ظاهر الامر انجاز كبير آخر لاسرائيل لأن عملة لن يعود الى ترميم بيوتها على نحو غير قانوني. لكنني من غرفتي في الفندق في براغ وهي المدينة التي وجدت فيها إسمي جدتي وجدي اللذين قُتلا منقوشين في لوح حجري، والمدينة التي تُدوي فيها من كل ركن ذكريات الاحتلال النازي والاحتلال السوفييتي و"ربيع براغ" – يقلقني ويثير كآبتي جدا التفكير في جنود اسرائيليين أغروا كلابهم بعملة ويصبح لذلك معنى آخر.