خبر ايران تنتخب ناطقا عن خامنئي... هآارتس

الساعة 08:47 ص|14 يونيو 2013

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: إن الزعيم الروحي الايراني علي خامنئي أصبح شديد الحذر في الآونة الاخيرة بعد ان دعم احمدي نجاد في الانتخابات الماضية وجلب على ايران كارثة اقتصادية وسياسية ولم تعد شعبيته في ذروتها - المصدر).

هذا هو الموسم الأشد اشتعالا في مكاتب الرقابة الايرانية، فمواقع الانترنت تغلق وصفحات الفيس بوك تغلق، ويتحدث محررو صحف عن مكالمات هاتفية تهديدية من مكاتب الحكومة، ويتلقى نشطاء اجتماعيون قصاصات ورق مجهولة عند أبواب بيوتهم ويتم تحذير المرشحون للرئاسة من "تصريحات غير مناسبة". بل إن نائب رئيس هيئة الاركان الايراني الجنرال مسعود جزائري، بالغ حينما أعلن ان النظام سيحاسب مرشحين وجهوا انتقادا على الجيش والنظام في حملتهم الانتخابية. ولم يذكر بصراحة من الذين قصدهم لكنه لا شك ألبتة في ان قصده كان حسن روحاني مرشح الاصلاحيين الاخير الباقي الذي عرّف ايران بأنها "دولة غارقة في الشتاء".

برغم جهود الرقابة، لا يدخر مرشحو الرئاسة الستة بعضهم عن بعض الانتقاد المعلن ولا سيما الرئيس الذي سيترك عمله محمود احمدي نجاد. كانت المدة القصيرة بين موافقة لجنة حراس الدستور على المرشحين وبين الجولة الانتخابية الاولى التي ستجري اليوم، تشبه موسم صيد يجوز فيه شحذ السكاكين ما لم توجه الى الزعيم الأعلى أو الجيش أو المؤسسات الدينية.

وكان هذا ايضا الموسم القصير الذي يؤدون فيه في ايران تقارير عن استطلاعات رأي عجيبة لا يتضح بالضبط من قام بها، وتُبين في كل يوم مرشحا آخر يفوز بالأفضلية. كان ذاك قبل اسبوعين رئيس بلدية طهران محمد باقر كليباف الذي تمتع بفضلها وكان في الاسبوع الماضي المسؤول عن التفاوض في القضية الذرية سعيد جليلي وكان روحاني هذا الاسبوع. "لماذا يجوز الانتقاد في موسم انتخابات فقط؟ هل انهارت الدولة بسبب هذا الانتقاد؟"، تساءل الكاتب الصحفي الايراني عماد أفروق في موقع نادي الصحفيين الايرانيين الشبان، "يحسن ان نستغل هذه الفرصة لأنهم سيغلقون أفواهنا بعد الانتخابات في الحال".

لكن أهم استطلاع وأكثره تأثيرا سيكون ذاك الذي سيجريه الزعيم الأعلى علي خامنئي مع نفسه. تصرف خامنئي ابن الرابعة والسبعين بحكمة سياسية كبيرة ولم يُشر الى الآن الى المرشح الذي يفضله. وسبب ذلك هو ان خامنئي يخشى ان يُسبب تأييده لمرشح ما نتيجة عكسية وبخاصة بعد ان ألقى بثقل وزنه من وراء احمدي نجاد في المعركتين الانتخابيتين الاخيرتين ورأس على الدولة رئيسا جلب عليها كارثة اقتصادية وسياسية. ليست شعبية خامنئي في ذروتها وبرغم أنه ليس مرشحا لانتخابات ما فان انتخاب من لا يؤيده هو سيكون لطمة مجلجلة لسلطته.

وبرغم ذلك يستطيع خامنئي الانتظار في هذه الاثناء، فعلى حسب التقديرات التي عرضها عليه خبراء الحرس الثوري تتوقع في ايران جولة انتخابات ثانية. ويتوقع ان يفضي الانقسام في صفوف المحافظين الى ألا يجمع أحد من المرشحين أكثر من 50 في المائة في الجولة الاولى. واذا تحقق صدق هذه التقديرات فان خامنئي يستطيع ان يعلن مرشحه للجولة الثانية وان يستعمل جميع الاجهزة – من حرس الثورة الى متطوعي الباسيج الى الفقهاء – لضمان فوزه.

مفترق طرق اقتصادي

قد تكون هذه أهم انتخابات رئاسية تُجرى في ايران منذ كانت الثورة الاسلامية في 1979. وليست أهميتها فقط في شخصية الرئيس الذي سيتم انتخابه بل وفي الأساس في مسألة هل تكون نقطة انطلاق لتغيير سياسة ايران الخارجية. صحيح ان السياسة الخارجية كانت في معارك انتخابية سبقت أو اذا شئنا مزيد الدقة سياسة ايران الذرية، كانت مركزا عظيم الوزن لكن يبدو في هذه المرة ان الصلة الوثيقة بين الوضع الاقتصادي والسياسة الذرية تُعرض النظام لتهديد مزدوج: فايران من جهة معرضة لهجوم عسكري، ويُقربها الحصار الاقتصادي من جهة اخرى الى إفلاس.

نجحت ايران في صد التهديد العسكري الى الآن بفضل المعركة الانتخابية التي جعلت الولايات المتحدة (واسرائيل بعد ذلك) تمنح السياسة الايرانية فرصة لتغيير السياسة الخارجية. ويعتمد التقدير الامريكي على فرض ان الشقاق بين احمدي نجاد وخامنئي جعل هذا الاخير يتمسك بموقف حازم لمنع الرئيس الخارج من جمع ثروة سياسية كان يمكنها ان تخلص ايران من الازمة بعقب ازالة العقوبات. واذا انتُخب في الوقت نفسه رئيس يرعاه خامنئي (مثل جليلي أو علي أكبر ولايتي) – فسيطمح خامنئي الى مساعدته على التغلب على الازمة الاقتصادية بأن يجد طريقة للتصالح على تخصيب اليورانيوم على نحو يفضي الى تسهيلات اقتصادية.

إن هذا التقدير، مهما يكن منطقيا، لا يأخذ في حسابه تصور خامنئي العقائدي الذي يرى تطوير البنية التحتية التقنية – الذرية للاهداف السلمية أساسا وطنيا يُجمع عليه كل المرشحين للرئاسة. والمناقضة المنطقية هي أنه اذا فاز مرشح الاصلاحيين حسن روحاني فقد يواجهه الزعيم الأعلى خاصة في المسألة الذرية لمنعه إنجازه. وفي مقابل ذلك قد يسبب رئيس محافظ تغيير السياسة.

يدرك روحاني هذا الفخ، وذكر في المواجهة التلفازية التي تمت في نهاية الاسبوع الماضي بصراحة انه كان هو خاصة في فترة ولايته أمانة سر مجلس الامن القومي هو الذي "وجه الى الولايات المتحدة أقسى ضربة" بأن أقنع الامم المتحدة بأن تعترف بأن المشروع الذري الايراني هو برنامج للاهداف السلمية. وأوضح ايضا ان البرنامج الذري "هو أهم موضوع لكن حسن حياة المواطنين مهم ايضا". ويتساوق كلامه هذا مع النقد الذي صدر مؤخرا عن ولايتي، مستشار خامنئي السياسي القريب الذي أنب جليلي على عدائيته الدبلوماسية. "ترمي الدبلوماسية الى حفظ مصالح ايران في الشأن الذري لا الى توسيع العقوبات عليها"، قال. وربما يكون ولايتي القريب جدا من أذن خامنئي قد أصبح يعلم شيئا عن نية الزعيم الأعلى ولهذا لا يخشى ان يقول قوله بصوت جهير.

موسيقى آيات الله

أصبح روحاني حديث الناس في ايران على أثر رفض ترشح الرئيس السابق رفسنجاني واعتزال الاصلاحي رضا عارف المنافسة بطلب من الرئيس السابق محمد خاتمي. ويعبر ذوو مدونات ايرانيون ومحللون لم تغلق حسابات الفيس بوك التي لهم وآلاف التغريدات في التويتر عن تأييد كثيف لروحاني الذي يقول فريق منهم انه "بث روحا جديدة ومشجعة في المعركة الانتخابية". ستكون نسبة المشاركة في الانتخابات في الحقيقة من المقاييس المهمة لا لثقة الجمهور الايراني بطريقة الانتخابات فقط ولا سيما بعد الازمة الكبيرة التي أحدثتها انتخابات 2009، بل لتحول في موقف الاصلاحيين الذين تحيروا الى الآن في مسألة توجههم الى صناديق الاقتراع من اجل زعزعة شرعية الانتخابات ونتائجها.

لن يكون الرئيس الايراني هو الذي سيقرر مباديء السياسة الخارجية والسياسة الذرية الايرانية فهذه امور متروكة لخامنئي. بل ستكون أهمية الرئيس التالي في تلحين موسيقى تصاحب السياسة الخارجية. من المهم ان نذكر ان البرنامج الذري قد تطور في فترة ولاية رؤساء اصلاحيين خصوصا مثل خاتمي ورفسنجاني لكنهما تحدثا ايضا عن "حوار بين الحضارات"، ولم يقرعا طبول القضاء على اسرائيل ولم يُنكرا المحرقة. وقد عُرف التهديد الذري في فترة ولايتهما بأنه خطر محتمل قياسا بفترة احمدي نجاد حينما عُرف التهديد بأنه ملموس وفوري. وهذا فرق مهم جدا لأنه في الوقت الذي حولت فيه خطابة احمدي نجاد القتالية في نظر الغرب، البرنامج الذري الى سلاح موجود برغم ان ايران لا تملك قنبلة ذرية، نجحت خطابة الرؤساء الذين سبقوه في التقليل من الخوف. وبقي ان ننتظر الآن فقط ونرى من سيستولي على السماعة الايرانية.