خبر انتحار رائع -هآرتس

الساعة 09:28 ص|13 يونيو 2013

انتحار رائع -هآرتس

بقلم: آري شبيط

        (المضمون: لا تفعل الحكومة الاسرائيلية الجديدة وهي حكومة يمينية أي شيء لوقف توسع المشروع الاستيطاني الذي سيغرق اسرائيل ويفضي بها الى الانتحار - المصدر).

        صرف قليلون انتباها الى الأخبار: في الربع الاول من 2013 تم البدء في بناء 865 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات. وقد زاد عدد بدايات البناء في المناطق بنسبة 176 في المائة قياسا بالفترة الموازية من العام الماضي، وزادت النسبة فيها بـ 355 في المائة قياسا بالربع الاخير من 2012. ولما كان 4 من بين كل 100 اسرائيلي فقط مستوطنين فانه تُبنى من بين كل 100 شقة جديدة بدأ بناؤها هذا العام، 8 شقق ونصف في المستوطنات.

        وفي حين يوجد البناء الجديد في اسرائيل السيادية في انخفاض يبلغ مقدار البناء الجديد في يهودا والسامرة في هذه الايام ذروة سبع سنوات. والتوجه واضح: ففي غضون وقت قصير سيزيد عدد المستوطنين زيادة حادة وسيستطيعون صد كل محاولة لتقسيم البلاد. واذا استمرت حكومة نتنياهو ولبيد وبينيت على حالها فانها ستقضي على حل الدولتين وعلى الكيان اليهودي الديمقراطي وعلى الحلم الصهيوني.

        ليست المسألة مسألة سلام لأنه لن يوجد في السنوات القريبة سلام بين اسرائيل والفلسطينيين. وليست المسألة ايضا مسألة انسحاب مطلق فوري لأن اسرائيل لن تستطيع في السنوات القريبة ان تنقل الضفة الغربية الى الفلسطينيين بنفس سرعة نقلها قطاع غزة اليهم. لكن المسألة هي مسألة وجود. فهل ستوقف اسرائيل في آخر لحظة اغراق الاراضي المحتلة بمستوطنين؟ وهل سيحتفظ المشروع الصهيوني بامكانية العودة لأن يكون مشروعا اخلاقيا؟ وهل ستختار دولة اليهود الحياة أو تتلاشى دون ان تعلم في احتلال يتحول الى احتلال أبدي؟.

        من الصحيح الى الآن أن الأجوبة واضحة وهي لا ثم لا ثم لا. فليكود داني دنون يفضل ارض اسرائيل على دولة اسرائيل، والبيت اليهودي لنفتالي بينيت مصمم على اغراق البيت الوطني اليهودي في مستنقع عفن استعماري. ويظهر حزب يوجد مستقبل ليئير لبيد بمظهر حزب غموض انتهازي يدير ظهره للمستقبل الصهيوني. وكما قالت شيلي يحيموفيتش بالضبط في الاسبوع الماضي في الكنيست، قالت إن المعسكر الوطني من العمل وميرتس وكديما موجود اليوم في المعارضة في حين حكومة اليمين اليمين اليمين هي حكومة ثنائية القومية توشك ان تقرر واقعا ثنائي القومية لا تعديل له.

        كل شيء صالح من وجهة نظر المستوطنين لأن وضعهم لم يكن قط جد مريح كاليوم. والمجتمع الدولي يستوعب رويدا رويدا حقيقة ان مشكلة الشرق الاوسط الأساسية ليست الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بل ثقافة العالم العربي السياسية المريضة. والولايات المتحدة واوروبا أشد تعبا من أن تواجها التصميم المُجّد لمتابعي نهج غوش ايمونيم. أما اسرائيل الساحل فتبيع برنامج طرق بمليار دولار وتضيع في نفس الوقت طريقها. وبذلك لا توجد قوة في داخل اسرائيل ولا توجد قوة من خارج اسرائيل تُجبر اسرائيل على انقاذ نفسها من مستوطنيها. يستطيع أهم وزير في الحكومة وهو أوري اريئيل الاستمرار في الزخم الذي بدأه في الربع الاول من هذه السنة. فحكومة "لا يوجد مستقبل" تُمكّنه من الاستمرار في تحطيم ارقام قياسية للاستيطان في يهودا والسامرة. إن وزير الاسكان يدفن الصهيونية بجبال في وقت يشغل فيه 20 وزيرا أنفسهم بسخافات مختلفة.

        لكن الامر غير صالح بالنسبة للاسرائيليين. غير صالح جدا جدا. صحيح أنه بعد قليل ستوجد ميزانية وبعد قليل ستوجد مساواة في العبء ويوجد أحلى صيف. فتمتليء مطاعم الساحل وتمتليء النوادي الليلية وتضج الحياة في تل ابيب كما هي الحال دائما. لكن حقيقة ان الاسرائيليين لم يجدوا بعد في سنة 2013 حزبا سليم العقل يحميهم بصورة سليمة من المستوطنات تُسبب فناءهم في وقت احتفالهم. وهم ينتحرون في الوقت الذي ينتصرون فيه. وقد رأت هذه البلاد في الماضي عدة انتحارات جماعية لكنها لم ترَ قط انتحارا رائعا وحلوا ولا داعي اليه كالانتحار الهاديء الذي ننفذه الآن.