خبر ما هكذا تورد الابل .. عبد الرحمن شهاب

الساعة 04:10 م|12 يونيو 2013

لفت انتباهي وانا اطالع مواقع الاخبار الفلسطينية؛ عمود للكاتب الصحفي فايز ابو شماله بعنوان " مخالفات غير قانونية ووقحة" يحاول فيه علاج ظواهر اجتماعية تتعلق بحركة  المرور، ويطالب الشرطة بفرض المخالفات القانونية على سائقي الكارات والتكاتك حتى لو اغضب ذلك  من اسماهم بـ منظمات الرأفة بالحيوان . 

ما اود تسجيله في هذا المقال هو:  ان  المثقف لا يهاجم المجتمع ولا يطالب بمعاقبته،  و لا يبدأ التغيير من الأسفل و لا يشجع على تغول السلطة.  المثقفهو الذي يطالب بإيجاد الحلول قبل فرض العقوبات، ولنا في سيرة سيدنا عمر بن الخطاب القدوة؛ حينما اوقف تنفيذ حد السرقة في عام الرمادة . ان السيارات العاملة على الخط و التي تنفث الزيوت هي مصدر رزق لأصحابها الذين لا يتقاضون راتب من السلطة في رام الله ولا من السلطة في غزة. هذا السائق عندما تفرض عليه مخالفة مرورية بـ500 شيكل، يفتح بيت عزاء في بيته هو وأهله و زوجته وأبناءه. وعندما تحصل الحكومة على هذه الغرامة , انما هي تختطفها من رضَاعة طفله.  الكاراتوالتكاتك مصدر رزق أصحابها, التكاتك لا يمكن أن تجاري في سرعتها سيارات 2013 و صاحب التكتك او الكارة لا يرى  الا مصدر رزقه , السائق الذي يقاتل على الشيكل فيقف في وسط الشارع يدرك ان هذه هي الوسيلة الوحيدة لكسب الرزق.

انا هنا لا ابرر سلوك مروري خاطئ، لكن بودي لو ان انبه الى دور المثقف والكاتب الصحفي  في ان يبحث عن جذور المشكلة وان لا يتعلق  بظاهرها .

في كل العالم الناس تلتزم بالقانون حين يرون نموذج يحتذونه بجانب وسائل الالزام. عندما تمر سيارة  موديل 2013بزجاج اسود وبدون لوحات  يملكها شخص  فوق القانون و لا يتجرأ على إيقافها شرطي، ولو حدث وتجرأ شرطي على ايقافها لتوجب عليه الاعتذار وشكر السائق على صبره على سوء تصرف الشرطي.

في شوارع كثيرة , لا يمكن لسيارات السوبارو والسيارات القديمة والكارات والتكاتكا لا ان تمشي باتجاه معاكس لحركة السير لان  الحفر الموجودة في الشارع قد تتسبب بانفلات السيارة او كسر حمالها " اكس"، في حين ان من بيدهم سلطة اصلاح الشوارع    يمشون في الاتجاه الصحيح لأن سياراتهم اما ثقيلة جداً او عالية عن الارض فلا يشعرون ان هناك مشكلة في الشارع،  ويعبرون مطبات الشارع بسرعة فائقة مما يجبر صاحب التكتك ان يأتي من الاتجاه المعاكس.

حين تنتشر اخبار فسادا في احدى البلديات  ويصل الامر الى تدخل الشرطة و الامن،  فيطال اللوم والعقاب صغار العاملين ويبقى المجلس البلدي فوق النقد والمساءلة عندها من المعيب ان  تحرف مرآتك لترى مخالفة القانون تنحصر  في الطبقات الضعيفة مناصحاب  الكارات و التكاتكالا اذا كنت انما أتت اولاً من المؤسسة الرسمية او الحاكمة. عندما يتعرض أربعة مرضى في المستشفى لحالة الخطر نتيجة خطأ في ادخال غاز اول اكسيد الكربون بدلاً من الغاز المخدر ثم يخرج وزير الصحة ليحمل الاحتلال المسؤولية ليعفي نفسه واركان وزارته من تحمل التبعات فلا تلوم المريض او اهله  الذين يخترقون القانون عن واسطة للاهتمام بابنهم, وعندها يموت عدد من المرضى نتيجة أخطاء ممرضين و أطباء و لا يتمخض التحقيق عن تحميل المسؤولية لأحد  و يبقى هناك قاتل يتجول بين المرضى بزي الملائكة الابيض  فلا تلوم المريض ولا أهله عندما يسيرون في الاتجاه المعاكس ويدوسون القانون باقدامهم صباح مساء.

عندما تأتي لزيارة مريضة في قسم الولادة و يرفض الشرطي الحارس هناك ادخال الرجال ثم يأتي شخص يبرز له بطاقة صحافة فيدخله و من معه ليتجولوا بين النساء النائمات أي عل يملك هذا الشرطي  هل ممنوع على الناس و مسموح للصحفي رؤية النساء النائمات هذا عقل مضروب و هذا منطق مقلوب و هذه مؤسسة فاشلة في تسيير القانون, من تريد ان يخالف هذا الشرطي؟ هذا الشرطي سيخالف الضعفاء ويركع امام الاسياد.

عندما تجد الشارع مغلق لحفلة زواج، تحاول ان تبحث عن منفذ اخر فتفاجأ انه مغلق ايضا وتجد ان هذا الاغلاق يتم بترخيص من البلدية لقاء 100 شيكل عن كل اغلاق، اعلم كم مبلغ اهتمام السلطة والمؤسسة بحال الناس.

يخدع نفسه اولا من يظن ان الاصلاح ياتي على هذا النحو الذي يشير له الاستاذ ابو شمالة،  الاصلاح ياتي من اعلى الى اسفل ، لا تفرض على الناس المعدمين وقليلي الحيلة قوانين تخترقها السلطة ورجال الحكم والمتنفذين صباح مساء . على ان اخطر ما لفت انتباهي في المقال غمز الاستاذ ابو شمالة بمنظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني ودعوة الحكومة الى اهمالها . وهي دعوة لضرب مناعة المجتمع المدني في الصميم واطلاق يد السلطة في عمل ما تشاء