خبر إرث كانيوك -هآرتس

الساعة 09:16 ص|10 يونيو 2013

بقلم: أسرة التحرير

        يورام كانيوك مات وقلبه ثقيل على الدولة، التي تمنى قيامها، وفي سبيلها قاتل بل واصيب في 1948. كانيوك كان كاتبا مزين الصدر بالجوائز، مثمرا ومشاركا، ومع مرور الايام أصبح شعبيا ومقدرا اكثر من أي وقت مضى. في السنوات الاخيرة أكثر من الحديث بحدة شديدة ضد ميول مختلفة في المجتمع الاسرائيلي وفي الدولة. وقد وقف ضد العنصرية وسلطة الدين، معاملة الشيوخ والكُتّاب والاحتلال. في احد مقالاته الاخيرة في "هآرتس" كتب: "في أعقاب التحريض ضد المهاجرين من افريقيا والاذن بنشر كتاب "عقيدة الملك": ليلة البلور الاسرائيلية ورخص نشر "كفاحي" عبري يعززان الاحساس بان اسرائيل أصبحت مختلفة. لكل اولئك الذين يريدون دولة شريعة مكفهرة الوجه ويمينية متطرفة سيكون المجد".

        نحو سنتين قبل وفاته رفع كانيوك التماسا الى المحكمة مطالبا بالسماح له "بالتحرر من الدين اليهودي" وتسجيله كعديم دين، بالضبط مثلما تعاملت الدولة مع حفيده، الذي أمه لا تعتبر يهودية. وفي التماسه شرح كانيوك بان ليس في رغبته ان يكون جزءا من "ايران يهودية". في هذا الصراع حقق انتصارا وسمح له بان يسجل كعديم دين. وقد رأى كانيوك بذلك إذنا لكل انسان بان يحدد هويته، حسب ضميره. لشدة الاسف، في باقي صراعاته لم يحقق انتصارات مشابهة، ومن هنا استياءه من الدولة التي اليها التزم جدا في كل سنوات حياته وهي خيبة أمله العميقة جدا. كانيوك ليس وحيدا: فقد كان لسانا لقسم كبير من ابناء الجيل الاول من الاسرائيليين.

        لقد كان وطنيا اسرائيليا في كل روحه، وأحد محدثي الثقافة والفن الاسرائيلي الذي ينشأ هنا منذ قيام الدولة. ابداعه الادبي عني بحجارة طريق التاريخ اليهودي والاسرائيلي، من الكارثة وحتى النهضة، وقد خاف ليس فقط على مستقبل الدولة بل وايضا على مستقبل اللغة المستخدمة فيها. وفي موته أول أمس عن عمر يناهز 83 سنة، بعد عذابات جسدية كثيرة وطويلة، خلف إرثا محظور تجاهله.

        لقد كان كانيوك قدوة لمشاركة المفكرين. هو ورفاقه كافحوا بداية في سبيل قيام دولة لليهود، وفور ذلك في سبيل قيام دولة عادلة، علمانية، ديمقراطية ومتساوية. وقد نجحوا في مشروعهم الاول، وفشلوا في سياقه. اسرائيل 2013 ليست الدولة التي حلموا بها وقاتلوا في سبيلها. كانيوك لم يكن أول خائبي الامل منها، ولشدة الاسف ليس الاخير فيها ايضا. كان ينبغي الانصات اكثر لكانيوك في حياته، ومحظور نسيان كفاحه بعد موته أيضا.