خبر احتلال؟ من؟ ما؟ أين؟... هآارتس

الساعة 10:39 ص|07 يونيو 2013

بقلم: أوري أفنيري

(المضمون: لا يكفي الاقرار والاعتراف بالخطأ بل واجب ان يرافقهما هجر لطريق الشر. في حالتنا من أجل انقاذ نفسنا ودولتنا، علينا أن نترك. ولكن من أجل أن نترك يتعين علينا أولا ان نقر، وان نعترف - المصدر).

جهاز النكران يستخدمه الانسان للامتناع عن الشعور بالعار، القلق، والذنب والالم الذي ينطوي على التصدي لافعاله المرفوضة. وبدلا من توجيه النظر مباشرة الى الحدث، الاعترف بالواقع والتصدي له، فانه ببساطة ينكره. ولكن النكران يجبي من الناكر ثمنا باهظا. الجهد النفسي الذي ينطوي على الكذب الذاتي من شأنه أن يحدث اضطرابا نفسيا خطيرا. من ينفي الحقائق يشهد على نفسه بانه توجد له مشكلة نفسية وهو بحاجة الى العلاج. منذ 46 سنة ونحن نوجد في وضع كهذا. نحن ننفي احدى الظواهر المركزية لوجودنا الوطني إن لم يكن المركزي فيها: الاحتلال. يمكن لنا أن نستخدم المجاز المهترىء: في منتصف غرفتنا يقف فيل، فيل ضخم ونحن ننفي وجوده. فيل؟ أي فيل؟ أين الفيل؟ عندنا؟ ونحن نسير على أطراف اصابعنا من حول الفيل، نشيح بأنظارنا جانبا كي لا نراه. وبالتالي فهو غير موجود.

نحن نسيطر سيطرة شاملة على شعب آخر. والامر يؤثر على كل مجالات حياتنا الوطنية – المجال السياسي، المجال الاقتصادي، المجال الاخلاقي، المجال العسكري، المجال القضائي، المجال الثقافي، وغيرها. ولكننا لا نريد ولا نريد أن نرى ما يجري على مسافة بضع دقائق من بيتنا، خلف الخط الاسود الذي يسمى الخط الاخضر. اعتدنا جدا على هذا الوضع لدرجة أنه بات يبدو لنا طبيعيا. ولكن الاحتلال هو بحكم طبيعته وضع غير طبيعي، وضع مؤقت.

حسب قانون الشعوب، ينشأ الاحتلال عندما تحتل دولة ما أرض دولة اخرى في اثناء القتال وتحتفظ بها كاحتلال حتى يحل السلام. وبسبب آنية الاحتلال، يفرض القانون الدولي قيود متشددة على دولة الاحتلال. محظور عليها أن تنقل سكانها الى الارض المحتلة، محظور عليها أن تقيم فيها مستوطنات، محظور عليها أن تسلب الارض وهكذا دواليك.

لقد اخترعت اسرائيل أمرا غير مسبوق: احتلال خالد. العقل اليهودي اخترع لنا ابتكارا. في 1967 ولما لم يمارس على اسرائيل ضغط لاعادة المناطق التي احتلتها، طرأ على عقل موشيه دايان الفكرة العبقرية، لمواصلة الاحتلال الى الابد. لو ضمت اسرائيل المناطق لاضطرت الى منح حقوق المواطن للسكان المحتلين. ولكن في وضع الاحتلال يمكنها أن تسيطر دون أن تمنح المحتلين أي حق – لا انساني، لا مدني وبالتأكيد لا حقا وطنيا. تماما بيضة كولومبوس.

نحن شعب أخلاقي – في نظر أنفسنا، على الاقل. كيف يسوى التناقض بين الاخلاقية المبالغ فيها لدينا وبين وضع هو غير اخلاقي على نحو ظاهر؟ ببساطة: نتبع النكران.

"السلطة تفسد"، قال السياسي البريطاني ، "والسلطة المطلقة تفسد بشكل مطلق". الاحتلال هو السلطة الاكثر اطلاقا. وهي تفسد فينا كل جانب طيب. الجيش الذي يقيم الاحتلال، الجنود الذين يضطرون الى ان يستخدموا كل ليلة الارهاب على سكان مدنيين، مؤسسات الحكم التي تتجاوز القانون في الظلمات، المحاكم التي تطبق قوانين الاحتلال، الدولة كلها التي تخرق كل يوم القانون الدولي. اذا سألنا أنفسنا ماذا حصل لدولتنا، ينبغي ببساطة أن نفتح عيوننا وأن نرى الفيل. "من يعترف ويترك يرحم"، يعدنا كتاب لي. بمعنى، لا يكفي الاقرار والاعتراف بالخطأ بل واجب ان يرافقهما هجر لطريق الشر. في حالتنا من أجل انقاذ نفسنا ودولتنا، علينا أن نترك. ولكن من أجل أن نترك يتعين علينا أولا ان نقر، وان نعترف.