خبر المشروع الصفوي.. اسرائيل اليوم

الساعة 10:35 ص|07 يونيو 2013

بقلم: دوري غولد

(المضمون: يصرح قادة ايرانيون كثيرون عن ان ايران دولة فصلت منها اجزاء كانت لها في الماضي على عهد الدولة الصفوية وهي تطمح الى استعادتها اليوم ولهذا فان امتلاك ايران للسلاح الذري يجعل ردع هذه المطالب والمطامح صعبا جدا - المصدر).

في مقابلة صحفية مع قناة "الجزيرة" في شهر ايار بيّن قائد جيش سوريا الحر، الجنرال سليم ادريس ان نقل قوات حزب الله من لبنان الى سوريا للمشاركة في الحرب الاهلية هو جزء من خطة "صفوية" للشرق الاوسط. وبعد أن ندد الزعيم السني – المسلم الكبير التأثير الشيخ يوسف القرضاوي في الاونة الاخيرة بطهران بسبب عملياتها في سوريا، حذر الزعماء السنيون في لبنان من أنهم يواجهون "انتشار المشروع الصفوي".

وقد اصبح تعبير "صفوي" في العقد الاخير على ألسنة زعماء عرب كلمة ذم شائعة بالنظر الى ايران. وقد وصف الصحفي الامريكي بوب ود وورد في احد كتبه حديثا شديد اللهجة بين الملك عبدالله من العربية السعودية وبين شخص امريكي رفيع المستوى تتعلق بحرب العراق في 2003 أعلن الزعيم السعودي في اثنائها قوله: "مكنتم الفرس الصفويين من السيطرة على العراق". من كان الصفويون؟ ولماذا يذكرونهم الان؟

كانت الدولة الصفوية موجودة في ايران في السنين 1501 – 1722 ميلادي. وقد جعل مؤسسها الشاه اسماعيل الاسلام الشيعي هو دين الدولة وقاد حروبا للدولة السنية الكبرى القائدة في ذلك الوقت وهي الدولة العثمانية. وقد زعمت دوائر سنية متطرفة احيانا ان الدولة العثمانية كانت تستطيع أن تحتل اوروبا والانتصار في المعركة الشهيرة على ابواب فيينا لولا ان طعنها الصفويون في ظهرها وفتحوا جبهة اخرى مقابلة لها.

كانت الدولة الصفوية في ذروة مجدها تسيطر على مناطق أوسع من المناطق التي تسيطر عليها ايران اليوم وقد اشتملت في الشرق على مناطق واسعة من افغانستان وباكستان وتركمانستان. وسيطرت في الغرب على نصف العراق وعلى بغداد في ضمن ذلك بل على قسم من سوريا الشرقية. واستقدم الزعماء الصفويون الاوائل فقهاء شيعة من جنوب لبنان كي يساعدوهم على نشر الاسلام الشيعي في أنحاء فارس (ايران). أيمكن ان نرى علاقات بين ايران ولبنان في القرن السادس عشر الميلادي.

المحافظة الخامسة والثلاثون من ايران

بلغت الدولة الصفوية في الجنوب الى الساحل العربي للخليج الفارسي أما في الشمال فشملت ما اصبح اليوم أذربيجان وارمينيا وجورجيا. ولا تدعي القيادة الايرانية اليوم بصورة رسمية ملكية الحدود القديمة للدولة الصفوية لكن من المؤكد انه صدرت عنها تصريحات تشير بصورة خفية الى أن هذه الحدود تعبر عن بعض طموحاتها القومية.

على سبيل المثال كتب حسين شريعة مداري الذي عمل متحدثا غير رسمي للزعيم الايراني الاعلى آية الله علي خمينئي في سنة 2007 مقالة أكد فيها أن الدول العربية في الخليج الفارسي أسست نتاج تدخل الغرب. واصر على أن الشعوب العربية في شبه الجزيرة العربية لم تكن مشاركة البتة في تأسيس حكوماتها. وزعم بعد ذلك بصراحة أن البحرين هي جزء من أرض ايران. وفي 2009 سمى علي اكبر ناطق نوري مرشح خمينئي للرئاسة في 1997، سمى البحرين بصراحة "المحافظة الرابعة عشرة" من ايران.

وأيد عضو في اللجنة البرلمانية الايرانية للامن القومي والسياسية الخارجية تصريحات شريعة مداري وذكّر الدول العربية بان "اكثرها كانت في الماضي جزءا من ارض ايران". وقد سمى مقرب آخر من خمينئي سوريا منذ زمن غير بعيد ايضا بانها "المحافظة الخامسة والثلاثون" من ايران. ولم يكن مفاجئا حينما كشفت ويكيليكس عن أن ضابطا عُمانيا كبيرا كان خاضعا مباشرة للسلطان قابوس حدّث نظيره الامريكي في 2008 عن وجود "ايديولوجية انتشار ايرانية". وأفادت صحيفة اليومية الكويتية "السياسة" في السنة الماضية ان رئيس أركان ايران قد أعلن ان منطقة الخليج الفارسي "كانت دائما لايران".

بعد أن تولى آية الله علي خمينئي منصبه سوغ النشاط الايراني الجاد الذي هدد الدول العربية. ففي 1991 بيّن في الصحيفة الايرانية اليومية "رسالة" ان استراتيجية ايران الامنية القومية لا تقوم فقط على الحفاظ على سلامة الدولة الايرانية بل على "توسعها" خاصة.

وأعل الجنرال قاسم سليماني قائد قوة القدس من حرس الثورة الاسلامية في 2012 بشأن لبنان والعراق ان "هاتين المنطقتين تخضعان على نحو من الانحاء لسيطرة الجمهورية الاسلامية الايرانية وافكارها". ويعمل سليماني تحت إمرة خمينئي مباشرة وقد عين الان لتركيز كل النشاط العسكري الايراني في سوريا لمواجهة اسرائيل.

تتم في احيان متقاربة في الدبلوماسية تفريق اساسي بين دول الوضع الراهن التي تسلم لمساحاتها ولا تريد توسيع حدودها ودول الاعتراض على الوضع الراهن التي تطمح الى التدخل في ما يجري لدى جاراتها غير السيطرة عليها آخر الامر.

ان الجانب العربي بتسميته الايرانيين "صفويين" يعرف ايران  بانها دولة معترضة على الوضع الراهن تريد أن تعيد لنفسها اراضي الدولة الصفوية المفقودة.

أهي دولة مقطوعة؟

ان هذا النقاش ذو صلة بالجدل الجاري في الغرب المتعلق بآثار ايران الذرية. في الشهر الماضي نشر باحث ايراني امريكي اسمه الرضى نادر من معهد راند في كليفورنيا تقديرا له قال فيه ان ايرن تريد الحصول على سلاح ذري للردع فقط أي لضرورات دفاعية. ويرى ان كل ما تريده ايران هو ان تمنع الغرب من العمل على اسقاط النظام الاسلامي. وتندمج هذه المقالة اندماجا جيدا في التوجه الذي أخذ يزداد تسارعا في واشنطن والذي يدعو ادارة اوباما الى أن تزن من جديد تبني سياسة احتواء تخلت عنها في 2012 من أجل سياسة منع.

وتوجد أراء اخرى ترفض هذه التوصيات. فقد كتب ضابط في الجيش السعودي هو فيصل ابو خشيم في السنة الماضية بحثا اساسيا من أجل معهد القيادة ومقر قيادة جيش الولايات المتحدة خلص فيه الى استنتاجات معاكسة تماما. فقد فصل كيف أنشأت ايران شبكات شيعية درس قادتها في مدارس ايرانية في مدينة قُم من أجل الاغتيالات واعمال التمرد الطائفي والارهاب في البحرين والكويت والعربية السعودية.

لا يوجد أي تشابه بين امتلاك دول الوضع الراهن للسلاح الذري من أجل الدفاع عن انفسها وبين امتلاك دولة تطمح الى ضعضعة الوضع الراهن الدولي، للسلاح الذري. اذا كانت ايران ترى نفسها حقا دولة "مقطوعة" لها الحق في ان تعيد الى نفسها السيطرة على أراضٍ كانت في ضمن سيادتها في ايام الدولة الصفوية فسيكون ردع فاعلية ايران الذرية الاقليمية اصعب كثيرا مما يعتقد كثيرون في الغرب اليوم.