خبر ما الذي تغير يا جون كيري؟ .. هآرتس

الساعة 07:24 ص|07 يونيو 2013

بقلم: اسرائيل هرئيل

(المضمون: ان الوقت الان غير مناسب لانشاء دولة فلسطينية ولا سيما مع انتقاد عرى دول عربية اخرى في المنطقة بخلاف ما يزعمه جون كيري - المصدر).

ان جون كيري مثالي. ولا شك في أنه راغب في الخير لاسرائيل. ولا يحل أن يكون التوجه نحوه تهكميا. نجا العالم في القرن العشرين ثلاث مرات على الاقل بفضل المثالية الامريكية "الساذجة" التي ضحت بابنائها ومواردها لانقاذه من الطغيان. فيجب ان تكون الحقائق هي وسائل التباحث لا الشعور التهكمي.

لم يحجب جون كيري بخطبته في المؤتمر السنوي للهيئة اليهودية الامريكية الذي عقد في مطلع الاسبوع في واشنطن، سوط انتقاده عن قادة اسرائيل المحافظين والمترددين. فعليهم لذلك ان يعلموا أن المنعة لن تبقى الى الابد والى الوضع الراهن قد يتدهور الى عنف عام. وعنده لمنع ذلك شيء ما في جعبته وستتضح الامور "بعد بضعة ايام".

يمكن أن نتهم قادة اسرائيل الكبار بتهم – صحيحة – مختلفة. لكن اكثرهم يخرجن أنقياء كالثلج من تهمة واحدة اتهمهم بها كيري. ان كل رؤساء الوزراء تقريبا في الاربعين سنة الاخيرة أي منذ طأطأت صدمة حرب يوم الغفران هاماتنا، كانوا مستعدين للمصالحة على التصور الامريكي للسلام والسير نحو تنازلات مبالغ فيها عن اراضٍ. وكان المسار عكسيا عند الفلسطينيين فكلما زادت اسرائيل في مقدار تنازلها أخذ يزداد الرفض الفلسطيني في التوصل الى تسوية. وكانت ذروة ذلك بعد اتفاقات اوسلو. ففي هذا الوقت خاصة حينما وافقت اسرائيل على التخلي عن كل املاكها تقريبا – ومنها الاماكن المقدسة في القدس – بدأ الفلسطينيون حرب ارهاب كانت اشد الفترات في حياة الدولة.

"ما الذي تغير؟"، سأل كيري (باللغة العبرية) حضور المؤتمر واجاب: ان الثورات في العالم العربي تتيح فرصة "لا يحل اضاعتها" لسلام بين دولة الشعب الفلسطيني المستقبله وبين دولة الشعب اليهودي القائمة. بيد أن كل ما يحدث الان في العالم العربي يثبت – بصورة لا يوجد اوضح منه – عكس ذلك: فهذا اسوأ وقت لانشاء دولة عربية اخرى. واذا نشأت فلا يوجد أي احتمال لان تنشأ علاقات سلام بينها وبين اسرائيل.

ان "الفرص" التي تبدو للناظر في السنوات الاخيرة تتلخص بانهيارات مصحوبة بسفك دماء فظيع في الدول "القومية" العربية التي انشأها البريطانيون والفرنسيون قبل نحو من مئة سنة، مع تحديد تعسفي للحدود وتركيب السكان. والمنظمات الارهابية الاسلامية التي يحارب كلها أو اكثرها الولايات المتحدة ايضا تشارك حتى اعناقها في العنف الذي يضعضع بنية الدولة في تلك الدول.

في هذا الوقت خاصة، وبرغم الزمن الطويل الذي كان للعرب يشكل أنفسهم ويتحول من قبائل الى شعوب، يثبت عدم قدرتهم على انشاء دول قومية فضلا عن أن تكون ديمقراطية. وفي كل مكان بدأت تلوح فيه تباشير ربيع ديمقراطية اصبحت الحمائلية والقبلية والطائفية والصراع الدامي خاصة الذي عمره مئات السنين بين الشيعة والسنيين تهدم ركائز هذه الدول وقدرتها على البقاء.

أثمَ احتمال باني كون مصير فلسطين – التي لا تقل انقساما في الداخل عن كل "اخت" عربية اخرى – مختلفا؟ ومن أي يستمد كيري ثقته بان انتقاد الدول الاخرى خاصة تتيح الفرصة (الاخيرة قبل أن يكون ذلك متأخرا كثيرا) بسلام بين اسرائيل وفلسطين؟ يخطر بالبال ان المنظمات الارهابية الفلسطينية ستحشد القوات في فلسطين سريعا وهكذا سينتقض الاستقلال الفلسطيني وتصبح فلسطين قاعدة متقدمة لحرب استنزاف عربية عامة لاسرائيل.

وهكذا اذا تحققت أولا ايضا رؤيا آخر الزمان عند كيري، فستنهار فلسطين من الداخل. أجل ان الوضع الحالي ليس جيدا لاسرائيل لكن ما سيحدث حينما تصبح القاعدة وسائر المنظمات الارهابية موجودة على طول الخط الاخضر سيكون أسوأ باضعاف مضاعفة.