خبر رشوة أم تنمية -هآرتس

الساعة 08:31 ص|03 يونيو 2013

رشوة أم تنمية -هآرتس

بقلم: عميرة هاس

        (المضمون: بدلا من الاعلان بانه لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية بدون اتفاق سلام، ينبغي أن ترفع الى كيري وبلير قائمة خطوات عيهما أن يفرضاها على إسرائيل على الفور، اذا كانا يرغبان في تحقيق رؤيا استثماراتهم وتنميتهم - المصدر).

        ما فعله العالم البريطاني ستيفان هوكنغ، رفض الجلوس معا في حدث جماهيري رسمي مع الرئيس شمعون بيرس – لا يمكن أن يسمح لنفسه به عمله الرئيس الفلسطيني محمود عباس. فقد حطم قرار هوكنغ هالة اليسارية الدولية التي يتمتع بها بيرس. ولكن هذه الصدوع طمست في مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي في الاردن الاسبوع الماضي، حين تبادل عباس مرة اخرى الابتسامات مع بيرس وغطت كلمات الرئيس الاسرائيلي مرة اخرى على افعاله بعيدة السنين من أجل تقليص المجال الفلسطيني وبتره الى جيوب.

        سحابة كثيفة من الشبهات والتهكمات قطعت كحاجز بين المؤتمر المتبسم الذي بادر اليه المنتدى الاقتصادي العالمي وبين الشعب الفلسطيني البسيط. وتكثفت السحابة فقط حين أعلن وزير الخارجية الامريكي جون كيري عن خطته بذات الاربع مليار دولار لتطوير القطاع الفلسطيني الخاص في الضفة وفي غزة (مثير للغضب: معظم التقارير الصحفية تحدثت فقط عن الضفة الغربية. كيري تجاهل شرقي القدس، ولكن دبلوماسي اوروبي يؤيد الخطة قال لـ "هآرتس": بالنسبة لنا القدس الشرقية هي جزء من الضفة).

        منذ اطلاق اتفاق اوسلو يكرر المسؤولون الامريكيون الشعار القائل ان التنمية الاقتصادية وتشجيع القطاع الخاص هام للسلام والسلام هام للقطاع الخاص. والنتيجة؟ مثلما قرر البنك الدولي بصراحة، في تقرير من اذار من هذا العام، فانه منذ 1994 وبالتوازي مع مسيرة اوسلو، طرأ تردٍ ثابت في القطاع الانتاجي الفلسطيني وفي قدرته على التصدير، بسبب سياسة القيود الاسرائيلية.

        وبالمقابل، فان تشجيع القطاع الخاص كجزء من مسيرة المفاوضات اضاف بعضا من رجال المخابرات والقادة العسكريين السابقين الى القائمة المبجلة من رجال الاعمال الاسرائيليين. كما حسن بدلات بعض كبار رجالات م.ت.ف ممن عادوا من تونس وبعض الفلسطينيين من خريجي السجون الاسرائيلية. لقد فشل الزعماء في تنفيذ الوعد بتوفير دولة لشعبهم، ولكنهم خدموا بيتهم الخاص.

        فهل ثمة صلة بين عجز القيادة الفلسطينية واخفاقاتها السياسية وبين ثرائها وثراء مقربيها؟ ثمة فلسطينيون ممن لا يطرحون علامة استفهام في نهاية الجملة السابقة بل مقتنعون بان هذا هو الوضع.  الاحاديث عن أربع مليار دولار تبدو لهم اليوم ايضا كعرض رشوة كي تعود القيادة الفلسطينية الى طاولة المفاوضات لغرض المفاوضات، وان تنسى الامم المتحدة وتمتنع عن المقاومة الشعبية من التعاظم والتصاعد.الكثير من وجع الراس ستعفى منه اوروبا والولايات المتحدة اذا كف ممثلو م.ت.ف عن طرح "شروط مسبقة" وتحدثوا مع اسرائيل بينما هي تواصل التجذر في الارض بشروطها المسبقة.

        في ظل الشك بعرض الرشوة، سارع المتحدثون الفلسطينيون الى القول بانه لا توجد أي نية للتراج عن المواقف السياسية مقابل الحوافز الاقتصادية. وكان أحد المصرحين هو مدير صندوق الاستثمار الفلسطيني، د. محمد مصطفى. وتقول مصادر دبلوماسية اوروبية ان برنامج التنمية الذي ألمح به كيري يقوم على اساس خطة كاملة ومفصلة طورها صندوق الاستثمار الرسمي، والتي تقدم له بها مصطفى نفسه.

في جوابه لـ "هآرتس" لم يؤكد مصطفى ولم ينفِ، ولكنه قال: حسب علمي، فان فريق وزير الخارجية كيري والرباعية (برئاسة طوني بلير، الذي كلف بتطبيق الخطة) لم ينهِ بعد الاعداد "لخطته". كل ما نعرفه عن "الخطة" محصور بتصريحات وزير الخارجية. فقد ذكر قطاعات ولكنه لم يذكر مشاريع بعد. القطاعات السبعة أو الثمانية التي ذكرها تغطي تقريبا كل قطاعات التنمية الاقتصادية، والى هذا الحد أو ذاك كل ما هو موجود في خطة الاستثمار للبنى التحتية التي وضعها الصندوق.

"كلنا أمل، بالطبع، في أن المشاريع المخطط لها، ولا سيما للسياحة، تنمية الاملاح المعدنية من مياه البحر الميت، اطلاق شبكة هاتف خلوي للوطنية في غزة وبناء مطار في الضفة الغربية ان تندرج في خطة وزير الخارجية. كما نأمل في أن يسهل الطرف الاسرائيلي المضي قدما في هذا المشاريع وغيرها، في الخطتين".

الفلسطينيون مؤدبون بلا صلاح. "ان يسهل الطرف الاسرائيلي على المضي قدما" – يجب أن تترجم الى أن "تكف اسرائيل عن تخريب الاقتصاد الفلسطيني". الانتداب البريطاني في فلسطين/بلاد اسرائيل أثبت بانه يمكن تنمية الاقتصاد تحت الاحتلال. إذن فبدلا من الاعلان بانه لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية بدون اتفاق سلام، ينبغي أن ترفع الى كيري وبلير قائمة خطوات عيهما أن يفرضاها على اسرائيل على الفور، اذا كانا يرغبان في تحقيق رؤيا استثماراتهم وتنميتهم.

وها هي قائمة جزئية، على سبيل البداية:

•       المنطقة ج تنتقل الى مسؤولية مدنية – ادارية فلسطينية.

•       حرية الحركة عبر حاجز ايرز تعود الى الفلسطينيين.

•       تلغى المحظورات على مكوث سكان غزة في الضفة الغربية.

•       تلغى المحظورات على التصدير من غزة الى الضفة، الى الخارج والى اسرائيل.

•       ازالة قيود التسويق عن المنتوج الفلسطيني في شرقي القدس.

•       وزارة الداخلية تلغي كل التمييزات ضد المواطنين الاجانب الذين غايتهم الضفة الغربية وغزة: تصدر لهم تصاريح عمل (وليس فقط تأشيرة سائح لثلاثة اشهر)، تعترف بحقهم في التحرك في كل البلاد دون قيد. ليس فقط لاصحاب المال بل وايضا للمحاضرين والمعلمين، الوفود الطبية من الخارج، خبراء الحواسيب وما شابه.

•       اقرار مشاريع المياه للسلطة الفلسطينية.

•       زيادة مياه فورية بعشرات ملايين الامتار المكعب في السنة الى قطاع غزة.

•       تغيير تعليمات البناء في شرقي القدس بحث يتمكن الفلسطينيون ايضا من بناء المنازل فيها، وليس فقط اليهود.