خبر محور القاهرة – اسطنبول- يديعوت

الساعة 08:59 ص|02 يونيو 2013

شوارع مشتعلة

بقلم: سمدار بيري

(المضمون: "يعقوبيان" و "اسطنبول" روايتان تنبأتا بالثورة في ميداني التحرير وتقسيم في مصر وتركيا – المصدر).

في احدى المشاهد القوية من الرواية المصرية التي أصبحت فيلما ومسلسلا تلفزيونيا "عمارة يعقوبيان" يستدعى رجل الاعمال الميسور الذي يحلم بان يصبح مستورد سيارات من انتاج اليابان، الى لقاء مع "الكبير". ويمكنه فقط أن يخمن من سيلتقي وما هو الغرض: اجمال حجم الرشوة لقاء الرخصة، مع العلم انه اذا حاول التملص – فلن تكون صفقة. يصل رجل الاعمال الى فيلا فاخرة ويفاجأ بان يسمع بان "الكبير" يطلب منه 10 مليون دولار دون أن يرف له جفن. موضوع واحد واضح: اذا التزم، لن يكسب. اذا رفض، سيتورط مع القيادة.

في مشهد آخر، بثينة، عاملة في محل لملابس النساء، يتحرش بها بفظاظة رب عملها. يبعث بها الى المخزن، ينضم اليها على نحو مفاجىء ويغلق الباب. الفتاة البائسة تعرف بانها اذا لم تسلم نفسها، فانها ستخسر رزق عائلتها المتعلقة بها. وبصدمة الاهانة تلغي خطوبتها من طه، الطالب المتميز الذي لم يقبل الى الشرطة بسبب مهنة أبيه المتواضعة – بواب مبنى سكني. ويسقط خائب الامل طه في اذرع الاسلاميين، يلقى القبض عليه ويموت تحت التعذيب في السجن.

طبيب الاسنان علاء الاسواني نشر "عمارة يعقوبيان" على اسم مبنى سكني فاخر كان موجودا في القاهرة قبل تسع سنوات من ملء الملايين الميادين في مصر في مظاهرات غضب اسقطت الحكم. وبالتوازي نشر اورهان فاموك التركي رواية "الثلج" وبعدها "اسطنبول" وتنبأ بصعود الاسلاميين من حزب "العدالة والرفاه". فاموك، مثل زميله من القاهرة، وصف التشوش وفقدان الهوية في اوساط الشباب بسبب صراعات الغرب والشرق في داخل بحر من الاحجبة والحكم الواثق بان كل شيء مسموح له تقريبا. قرأت الكتابين دون توقف. سلسلة قصص من الحياة تراوح بين الذل والغنى الفاحش، بين البؤس وانعدام الامل وبين طغيان الحكم الفاسد. كل ما اخرج المتظاهرين الى شوارع العالم العربي، كل بذور الثورة مكتوبة هناك أسود على أبيض. تسعة ابطال، تسع قصص، منثورة الواحدة داخل الاخرى لتشكل وصفة نبوءة.

ولكن "عمارة يعقوبيان"، مثل "الثلج"، هي مجرد أدارة وزن. وصف لمجتمع عفن. في الطوابق السبع في القاهرة يسكن أغنياء، بلطجية، موظفون كبار وضباط جيش وكذا صحفي كبير وغني. لوطي، يفرض نفسه على رجل وسيم، يحتاج ابنه الى علاج طبي باهظ وليس لديه من اين يدفع. والى سطح العمارة اقتحم بؤساء الحياة وعديمو الحظ. عيونهم ممزقة حسدا امام التبذير المنفلت، السيارات الفاخرة وحفلات الشهوة في الطوابق السفلى.

في احدى زياراتي الى القاهرة حل لي من كان في قائمة أبطال يعقوبيان، وكلهم شخصيات معروفة في السياسة والمجتمع اللامع، حلوا لي اللغز. سبعة منهم، وعلى رأسهم "الكبير"، يمكثون منذ سنتين خلف القضبان في سجن طرة.

لقد ترجم يعقوبيان الى 23 لغة. اما فاموك فترك الى 60 لغة. ونال فاموك جائزة نوبل، اما الاسواني فاصبح ايقونة. فاموك ترجم بل واجريت معه مقابلات عندنا، اما الاسواني فرد كل الجهود لبيع حقوق الترجمة الى العبرية. فاموك انتقد مذبحة الارمن، وكاد يصل الى السجن.

في الاسبوع الماضي تعرفت، في دولة عربية، كيف يدل "يعقوبيان" و "اسطنبول" على الطريق الى الميادين. تركيا تصعد الان الى خريطة المظاهرات، الشباب الغاضبون اجتاحوا ميدان تقسيم في نهاية الاسبوع. الاسواني، الذي اصدر الان رواية جديدة (ورائعة) لا بد سيتحدث الناس عنها، واثق مثل فاموك بان الشوارع ستشتعل في الاماكن التي لم يفكر احد في القيادة النزاعة الى القوة فيها، بالضبط مثل مبارك واردوغان.