بعد أن رفضته غالبية الفصائل

تقرير خطاب عباس الأخير يفتح شهية المناكفات من أوسع أبوابه

الساعة 07:37 م|27 مايو 2013

تقرير خاص

رغم فقدان الغالبية من الشعب الفلسطيني بالتصريحات التي تخرج من قبل طرفي الانقسام عقب كل اجتماع في القاهرة، والتي تُشعر المواطن بأن المصالحة أصبحت قاب قوسين، وما هي إلا أيام حتى تعود "حليمة لعادتها القديمة" كما يقول المثل الشعبي.. ليؤكدوا من جديد للشارع بأن المصالحة ما هي إلا حبر على ورق. خاصة أن جميع الملفات تم الاتفاق عليها ولم يبق سوى التطبيق.

فما أن صرح الرئيس محمود عباس خلال مشاركته بالمنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا عر رفضه لسياسة خطف الجنود "الإسرائيليين" لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين، واستثنائه لمعاناة سكان غزة الذين يعيشون حصاراً ظالماً، ردّ عليه رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بالقول:" إن الافتخار بالتعاون مع الاحتلال ليس من ثقافة شعبنا" رافضاً ما صرح به الرئيس عباس، ومؤكداً على أن أسر الجنود "الإسرائيليين" ساهم في تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال.

فيما قال مشير المصري النائب في المجلس التشريعي عن حركة حماس:" إن رئيس السلطة محمود عباس لا يستحق أن يمثل  الشعب الفلسطيني, بعد تصريحاته التي استخفت بالمقاومة وطعنت بآلاف الأسرى القابعين خلف السجون (الإسرائيلية)".

وأضاف المصري في تصريح  متلفز مساء الاثنين،:"إن تصريحات عباس لا ينبغي أن تخرج من لسان رجل يمثل الشعب الفلسطيني"، معتبرًا إياها شخصية محضة ولا تعبر إلا عن أبو مازن.

وأكد أن عباس ضيع المواقف الفلسطينية مقابل أموال مُسيّسة من خلال وعود وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بتحسين الوضع الاقتصادي بفلسطين, مشدداً أن الفصائل كافة لن تسمح بتنازلات أخرى.

فكانت تصريحات عباس القشة أمام عودة المناكفة بين الطرفين، ولم يتوقف الأمر عند رد هنية، وما هي إلا ساعات حتى ردت حركة فتح على لسان المتحدث باسمها في الضفة الغربية أسامة القواسمي بشدة، قائلاً : "إن تصريحات هنية مؤشر على عدم دراية في أبجديات السياسة وقوانين إدارة الصراع مع المحتل الإسرائيلي". وقال في تصريح مكتوب، "إن القيادة الفلسطينية تعمل بشفافية مطلقة مع شعبنا، وتصارحه بكل القضايا الوطنية ولا ازدواجية في خطابها السياسي، وبرنامجها العملي، فالقيادة تبنت خيار المقاومة الشعبية وذهبت إلى المحافل الدولية لانتزاع حقوق شعبنا وتكريس الديمقراطية، من باب تعزيز صمود شعبنا على أرضه وفي وطنه، وتعمل جاهدة على إنجاز ملف الوحدة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام التي تسبب بها خلال انقلاب حماس على الشرعية الفلسطينية."

واستهجن القواسمي تصريحات هنية، مؤكدا "أن من يعزز الانقسام، ويعمل على تشويه صورة الشعب الفلسطيني يوميا، ويتعهد لإسرائيل بحماية حدودها مئة بالمئة، ويعقد الاجتماعات السرية مع موفديها في بلدان أوروبية وإقليمية للتآمر على الشرعية، ويعرض على موفدين أوروبيين ما ترفضه القيادة الفلسطينية من حلول تصفوية، ويعتقل المناضلين وأصحاب الرأي، وكل من يفكر بمقاومة الاحتلال ويقمع الحريات ويحارب الثقافة الفلسطينية المتجذرة، ويعمل على "طلبنة" المجتمع الفلسطيني، وينتهك حقوق الإنسان، ويغتني على حساب معاناة شعبنا ونضاله، لا يحق له أن يتطاول على قادة عظام بحجم الرئيس محمود عباس الذي صمد وما زال أمام كل التهديدات المباشرة الإسرائيلية، وتحمّل الضغوطات الأميركية والدولية". كما جاء في البيان.

وقال القواسمي "إننا في حركة فتح ننصح تلك الأصوات الغوغائية المتناغمة مع ضغوطات دولية وتهديدات "إسرائيلية"، النظر لأنفسهم بالمرآة وتقييم تجربتهم جيدا، واستخلاص العبر، فهم سيعلمون أن شعبنا كشف حقيقتهم، وتبين مواقفهم المزيفة المتخفية بشعارات دينية، مستخدمين ديننا الإسلامي الحنيف لخداع شعبنا الذي أدرك التناقض ما بين أقوالهم وأفعالهم". على حد تعبير البيان.

من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطالله لـ مراسل "فلسطين اليوم"  ان سياسة المناكفات الإعلامية بين طرفي الانقسام هي جزء من فلكلور الانقسام، موضحاً إن تصريحات كل من حركتي فتح وحماس تتأثر بالموقع الجغرافي .. فنراهم يتحدثون بإيجابية في القاهرة نظراً للضغوط المصرية التي تدفع باتجاه إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، .. وما تلبث إلا أن تتحرر من هذه الضغوط في غزة والضفة الغربية.

وأضاف أن هناك خصومة كبيرة بين الطرفين ويبدو أن الفصيلين لم يوفقا في إزالة الجليد لدى جمهوريهما.. وأوضح أن المصالحة الفلسطينية ليست إرادة فلسطينية والاتفاقات التي وقعت بين الجانبين حول المصالحة هي استجابة للضغوطات الخارجية. وأن نجاح المصالحة يتوقف على مدى استمرارية مصر في الضغط على الطرفين، وأنه إذا تراجعت الضغوط المصرية لن ترى المصالحة النور على الأرض.

فيما رأى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن السجال والمناكفات تعكس حالة الخلاف بين الطرفين سواء في ظل هذه المرحلة التي يبذل فيها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري جهوداً لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني و"الإسرائيلي". وأوضح أن المناكفات بين حماس وفتح لم تخرج عن الجو العام.

وقال:" رغم الحديث عن الحوار والمصالحة والتصريحات الايجابية إلا أن هناك قضايا دائمة للاشتباك بين الطرفين كالاعتقال السياسي على سبيل الحصر، وأن هذه الاشتباكات ليست مؤشراً لكي نحكم على وجود مصالحة أم لا.

ووصف عوكل، توصيفات كلاً من الناطقين باسم فتح وحماس لبعضهما البعض بالصعبة.

وأوضح أن تصريحات حركة حماس ضد خطابات الرئيس عباس أمام المجتمع الدولي تسبب عائقاً له أمام مشروعه وعلى الأقل لدى "إسرائيل" التي تستخدمها كذريعة للتنصل من أي التزامات مع المجتمع الدولي على اعتبار أن عباس لا يمثل الفلسطينيين وأن نصف الفلسطينيين لا يعترفون به ويقولون عكس ما يقوله عباس.

وأمام اصرار كل طرف من طرفي الانقسام على برنامج وعدم التوصل لبرنامج مشترك.. يبقى السؤال، كيف سترى المصالحة النور في ظل هذا الوضع؟ وهل التصريحات الايجابية من القاهرة حقيقية أم هي استهلاك للوقت؟.