خبر المعركة في سوريا تنتقل الى لبنان -هآرتس

الساعة 08:25 ص|27 مايو 2013

بقلم: عاموس هرئيل

        (المضمون: ان العنف المفرط الذي يستعمله النظام السوري يساعد الى الآن في وقف سقوطه. ويتبين بالتدريج ان الاسد قد يكون أقوى بقليل مما تُظهره وسائل الاعلام واليو تيوب - المصدر).

        لم تُحدث أشهر معارك دامية في شمال لبنان وشرقه جلبة كبيرة كالتي أحدثتها قذيفتا الكاتيوشا اللتان سقطتا أمس (الاحد) صباحا في الضاحية وهي الحي الشيعي في جنوب بيروت وجرحتا اربعة سكان. إن لبنان، اذا كان يُحتاج الى الآن الى برهان على ذلك، ينزلق على الدوام الى الحرب الأهلية القاتلة في سوريا.

        لم تتضح بعد هوية مُطلقي القذيفتين الدقيقة لكن يُخيل إلينا أنه لا توجد صعوبة في فهم البواعث وراء هذا العمل: فان اطلاق القذيفتين كهجمات سابقة للمتمردين السوريين ومجموعات سنية لبنانية مناصرة وجهت على أهداف حزب الله في داخل لبنان، ينقل المعركة السورية الى قلب الدولة والى بيروت نفسها هذه المرة. في 2008 عرضت اسرائيل نظريتها المتعلقة بالضاحية والتي هددت بتدمير الحي الشيعي من بيروت في حال وقوع هجوم آخر من حزب الله على الجليل. وأمس عُرضت نظرية الضاحية السنية التي تقول إنه اذا شارك حزب الله علنا في المعارك في سوريا الى جانب نظام الاسد وساعده على ذبح معارضين فسيوجد من يهتم بالرد على ذلك في بيته هو.

        جاء الاطلاق بعد أقل من يوم من خطبة الامين العام لحزب الله حسن نصر الله التي اعترف فيها أول أمس علنا بمشاركة منظمته في القتال في سوريا لكنه دعا اعضاءه الى عدم الرد بحرب في طرابلس في لبنان بل الى اجراء الحرب على الارض السورية. وتم الحصول على رد على هذا الكلام باطلاق النار على الضاحية. إن نصر الله الذي بدا أكثر انضغاطا مما هو في العادة، استعمل خطابة شديدة لا اعتذار فيها. وقد أعلن بأنه سيساعد الاسد على الحفاظ على حكمه في وجه جهود الولايات المتحدة واسرائيل والمتمردين السوريين لاسقاطه.

        وحذر نصر الله في مبالغة متعمدة من ان سقوط الاسد سيفضي الى سقوط فلسطين. وتبتعد السلطة الفلسطينية في الضفة وحماس في غزة ايضا في واقع الامر الآن على علم عن تأييد ما لنظام الاسد. فللسلطة حساب طويل مع الطاغية السوري لكن حتى مسؤول حماس الكبير موسى أبو مرزوق الذي كان يتمتع الى ما قبل سنة وأكثر شيئا ما بضيافة الرئيس في دمشق، قد دعا الاسد في الآونة الاخيرة الى التنحي عن منصبه.

        في سوريا نفسها يتابع جيش الاسد ورجال حزب الله حصار آخر مواقع المتمردين في بلدة القصير في مركز الدولة، قرب الحدود مع لبنان. وفي المعارك في المدينة في الاسبوع الماضي التي فاز فيها النظام بانتصار غير عادي قتل أكثر من 30 من رجال حزب الله. وعلى العموم فان هذه الفترة غير سيئة بالنسبة للاسد بعد شهور كثيرة نالته فيها في الأساس هزائم نقطية على أيدي المتمردين وفقد بالتدريج سيطرة على أجزاء من الدولة.

        ما زالت سوريا تنتقض عُراها لكن النظام القديم لا يهرب الآن الى المنطقة العلوية في شمال غرب الدولة بل يتابع القتال للسيطرة على دمشق وعلى الممر المفضي منها الى حمص وحلب والمنطقة العلوية. وما زال الاسد ايضا يسيطر على مخزونات السلاح الكبيرة لجيشه وفيها سلاح غير تقليدي برغم أنه يبدو انه تخلى في هذه المرحلة عن نية محاولة اعادة السيطرة على المناطق التي انتقلت الى العصابات المسلحة الطائفية كالمنطقة الكردية في شرقي الدولة.

        ويتبين بالتدريج ان العنف المفرط الذي يستعمله النظام يساعد الى الآن في وقف اسقاطه. وهذا صحيح بالطبع الى اللحظة التي نُبشر فيها بأن المعارضة نجحت في نهاية الامر في جهودها للقضاء على الرئيس. ويُثار في هذه الاثناء سؤال اذا كانت الحرب في سوريا التي خُيل الينا أن أكثرنا اعتمدنا في استنتاجاتنا عنها بقدر كبير على الاستعراض في الشبكات الاجتماعية وعلى النهج المعادي للنظام السافر لقناة "الجزيرة"، تجري على نحو يختلف عما بدا عليه الى الآن. ويتضح بالتدريج ان الاسد قد يكون ضعيفا في اليو تيوب لكنه أقل ضعفا على الارض.

        من بين الخبراء الاسرائيليين في الاستخبارات والجامعات ووسائل الاعلام كان البروفيسور ايال زيسر هو الاول الذي انتهج نهجا متشككا دائما في احتمال سقوط الاسد سريعا. وكتب زيسر في نشرة عن مركز ديان في جامعة تل ابيب نشرت أمس (الاحد) أن "النظام السوري ما زال واقفا على رجليه بل إنه يرد الحرب الصاع صاعين. وقد نجح في الحفاظ على تكتله وعلى وحدة الصف بين الجيش وقوات الامن".