تقرير تهرب أم انشغال.. صحفيون يبحثون عن الحقيقة ومسؤولون يتمنعون

الساعة 07:11 ص|27 مايو 2013

غزة (خـاص)

بين الصحفي والمسؤول علاقة لا يمكن الفصل بينهما، يتفقان في خدمة المواطنين، ويختلفان على توصيل المعلومات وتوضيح المشاكل والأزمات لهم، فالإعلامي يبحث عن الحقيقة لينشرها والمسؤول يتحفظ أو يتهرب في بعض الأحيان من "كشف المعلومات".

فبغض النظر عن طبيعة هذه المعلومات إن كانت سرية أو غيرها، فبات البحث عن حقيقة المعلومات والتأكد منها مشكلة يعاني منها الصحفيون الفلسطينيون، حيث يعانون من تهرب المسؤولين من الرد عليهم أو الإجابة على تفسيرات عدة لمشاكل يتعرض لها المواطنون.

فعند حدوث أزمة أو مشكلة ما، يتسارع الإعلاميون للوصول للحقيقة، والكشف عنها وتحقيق السبق الصحفي، ليتفاجؤوا بعدم رد المسؤولين، أو التهرب من الإجابة، أو البحث عن ردود دبلوماسية لا تُرضي الصحفي.

"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" حاولت الحديث في هذه القضية للوصول لإجابات حول الحدود التي يمكن أن يقف عندها الصحفي، والمسموح والممنوع للمسؤول في الرد على أسئلة الصحفيين.

مسؤولية اجتماعية

الصحفي عادل الزعنون قال في حديث لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": من الطبيعي أن يتهرب المسؤولون من الصحفيين، ومن الإجابة عن أسئلة الصحفيين، كونه لا يملك إجابة أو رد أو لديه ضعف في الرد على السؤال، على الرغم من أن القوة تقتضي أن يرد على الصحفيين وهذا يحدث في كل الدول، لكنه في فلسطين موجود بكثرة وأكثر من أي مكان آخر.

وعزا الزعنون، عدم رد المسؤولين إلى جانبين أولهما، المستوى المهني لدى المسؤول حيث لا يملك الإجابة، ويتهرب من أي شئ حول الموضوع مثار الانتباه والتركيز، ومن الممكن أن إجابته قد تخلق أزمات أو مشاكل، على الرغم من أن الوضع الطبيعي يستلزم أن يكون المسؤول صريحاً.

 أما الجانب الآخر، حسب الزعنون، فيتمثل في المسائل الشخصية، فمن الممكن أن يكون الصحفي متعمقاً في أسئلته ويبحث ويمحص عن الإجابات، كما تكون أحياناً أسئلته فظة لا يحتملها المسؤولون.

وأشار في ذات السياق، إلى أن الأمر يتعلق بالجهة المسؤولة، حيث يجب أن يكون أكثر مرونة وليونة في هذا الخصوص.

فيما أكد الصحفي الزعنون، على ضرورة أن يتحلى الجميع بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية، فالصحفي عليه طرح القضايا التي تهم المواطنين والبحث عنها، وعليه أيضاً أن يطمئن المسؤول بأن إجابته وردوده لن يتم تحريفها أو تغييرها.

والحدود في هذه القضية، كما وضح الزعنون، تقف عند المتلقي أو المواطن الذي من حقه أن يعرف الحقيقة، فعلى الصحفي أن يقوم بتوجيه الأسئلة للمسؤول، وعلى الأخير أن يعرض المشكلة للمواطنين ويوضحها، فمن حق المواطن الحصول على المعلومة.

لا يوجد مُبرر

الإعلامي الفلسطيني مصطفى الصواف، قال في هذا الموضوع: "لا يوجد مبرر لعدم الرد فالمسؤول سوى أنه لا يملك أي معلومة في القضية المراد طرحها أو مناقشتها، أو أنه يخشى مواجهة الصحافة، أو أنه غير مخول من الجهة المسؤولة بالحديث لوسائل الإعلام"، مؤكداً على ضرورة معرفة السبب والتواصل مع الجهات العليا في حال كان الشخص مختصاً.

وتابع الصواف في حديث لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": ليس من الحكمة أن يتهرب المسؤول، أو عدم الإجابة على التساؤلات، لذلك طالما أنه مُكلف من هذه الجهة، فعليه الرد، أو يتنحى جانباً ليترك المجال لغيره.

وأشار الإعلامي الصواف، إلى أن المسؤول في حال اعتذاره عن الرد فهو (أمر ايجابي)، أما عدم الرد نهائياً فهو ( أم سلبي).

وفي رأيه حول اختيار بعض المسؤولين لوسيلة عن غيرها، فقال الصواف:" الانتقائية غير سليمة، وعلى المسؤولين عدم التفرقة بين وسيلة وأخرى، وبين وسيلة مقربة وإعلامي غير مقرب، فيجب التعامل مع كافة الإعلاميين، فالمسؤول بحاجة للجميع لذا يجب التعامل مع الجميع بسواسية.

وفي ذات السياق، أكد الصواف، على ضرورة أن تلتزم الوسائل الإعلامية بقدر الإمكان بالمسؤولية، مشيراً إلى أن بعض الصحفيين يقومون باجتزاء الأقوال والتصريحات فتأتي مشوهة، مطالباً الإعلاميين أن يكونوا حياديين ومهنيين وموضوعين وعدم اجتزاء التصريحات فتخسر الوسيلة الإعلامية مصدر مهم.

حق مكفول للصحفي

الباحث الحقوق في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان محمد أبو هاشم، أوضح في حديث لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، أن الدولة أو الجهاد المسؤولة لديها التزام قانوني وأخلاقي بتوفير المعلومات، وحرية الرأي والتعبير لا تكتمل بدون الحصول على معلومة، فكيف يمكن أن يتم تكوين رأي دون الوصول للمعلومة.

وبين أبو هاشم، أن قانون المطبوعات والنشر – رغم المآخذ عليه-  في المادة رقم (6) ينص على أنه تعمل الجهات الرسمة على تسهيل مهمة الصحفي والباحث في الإطلاع على برامجها ومشاريعها.

وأضاف أبو هاشم، أنه من الصحفي الإطلاع على المعلومات، وفي حال لو كانت المعلومات سرية، فيمكن أن يحدد أن هذه المعلومات سرية، أما لو كانت غير سرية فلا يجب إخفاء الحقائق.

وفيما يتعلق بالصحفي، فالمادة رقم (4) تنص على أنه من حق المطبوعة الصحفية ووكالة الأنباء والمحرر والصحفي في إبقاء مصادر المعلومات أو الأخبار التي يتم الحصول عليها سرية إلا إذا قررت المحكمة غير ذلك أثناء النظر بالدعاوي الجزائية حماية لأمن الدولة أو لمنع الجريمة أو تحقيقاً للعدالة.

وأكد أبو هاشم، على أن الشفافية تفيد الصحفي والمسؤول والمواطنين، حيث أن عدم الشفافية تسمح بنشر الإشاعات، منوهاً إلى أن القانون ينظم حرية الوصول للمعلومات، فهناك معلومات لا يجوز الاطلاع عليها كالمعلومات العسكرية المتعلقة بالدول الخارجية والمخابرات والجواسيس، كذلك ما يتعلق بالحياة الشخصية.

واستدرك الناشط الحقوقي، أن من حق الصحفي الاطلاع على المعلومات التي تتعلق بالشأن العام وهي معلومات عامة، فلا يجوز اعتبار المعلومات العامة "سرية"، مضيفاً في ذات السياق أنه في الدول الأخرى يتم الكشف عن المعلومات السرية بعد خمس سنوات أو عشرة أو عشرين وذلك حسب سرية هذه المعلومات.

وفي سؤال حول نشر معلومات خاطئة على لسان المسؤول، أضاف أبو هاشم، أن المفترض أن يلجأ المسؤول للصحيفة لإجبارها على تعديل الخطأ في نفس الصفحة والمكان الذي تم نشر الخبر فيه، وهناك من يقوم برفع قضية تعويض على الصحيفة.

ولكنه أضاف، أن المسؤول يمكنه الخروج من الأمر بتسجيل المكالمة أو المقابلة ليواجه فيه الصحفي، ولكن من الأجدى أن يكون المسؤول واضح في كلامه ومحنك ويوضح نفسه فهذه مسؤولية تقع عليه.

أما يتعلق بالجرائم التي تقع وتتسارع الوسائل الإعلامية لنشرها، فشدد أبو هاشم أن الجهة المسموح لها بخروج المعلومات بما يتعلق بالجرائم هي النيابة، والصحفي عليه مسؤولية كبيرة في هذه القضية، بتحري الدقة وعدم نشر الأسماء، لأن التسرع قد يوجه التهمة لأشخاص ليس لهم علاقة بالموضوع.