خبر تدخل أدنى، كلام أقصى -هآرتس

الساعة 09:42 ص|20 مايو 2013

تدخل أدنى، كلام أقصى -هآرتس

بقلم: عاموس هرئيل

        (المضمون: أعلن نتنياهو أن الجيش الاسرائيلي سيعترض تهريب السلاح المتقدم من سوريا الى حزب الله لكن تحقيق تهديده سيكون أصعب اذا لم يشأ تحويل المشكلة التكتيكية الى شأن استراتيجي - المصدر).

        بذلت اسرائيل أمس (الاحد) جهدا لبيان موقفها من الوضع الذي أخذ يتعقد في سوريا. وقد أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الجيش الاسرائيلي سيعمل عند الحاجة لاعتراض تهريب السلاح المتقدم من سوريا الى حزب الله. وقد اهتمت حاشية نتنياهو من وراء الستار أن تُبين ان موقف اسرائيل بقي كما كان، فهي لن تتدخل لمصلحة أحد الطرفين بل ستعمل فقط في حال تضررت مصلحتها المباشرة كما في حال نقل سلاح الى لبنان.

        جاء كلام نتنياهو بعد سلسلة تسريبات متناقضة أكثرها لا حاجة اليه، على ألسنة ضباط اسرائيليين لوسائل الاعلام الاجنبية. وقد كان أبرزها التحذير الصريح لرئيس سوريا بشار الاسد في صحيفة "نيويورك تايمز" من أن اسرائيل ستعمل على اسقاط نظام حكمه اذا تجرأ على الرد على الهجمات الجوية على مخازن سلاح وقوافل على ارضه.

        بعد ذلك بأيام قليلة اقتُبس من كلام رجل استخبارات اسرائيلي في "التايمز" اللندنية يقول عكس ذلك على النحو التالي تقريبا: ليس لاسرائيل اهتمام باسقاط الاسد لأن المنظمات الاسلامية التي ستسيطر على سوريا بدل الطاغية اسوأ كثيرا في نظرها. وأُضيف الى تلك الأنباء جملة تقارير اخبارية في وسائل الاعلام الامريكية يبدو أنها من أشخاص في الادارة تتعلق بأسلحة حديثة توشك روسيا أن تسلح جيش سوريا بها – بل كان نبأ نُشر أمس (الاحد) في "الصاندي تايمز" هذه المرة يُبين كأن الاسد وجه جيشه الى توجيه صواريخ "تشرين" (إم600) نحو أهداف في اسرائيل.

        ما الذي تريده اسرائيل حقا؟ إنها تريد تقريبا ما قالته الصيغة المسربة الاخيرة المعدلة وهو أقل قدر من التدخل في سوريا إلا اذا تم تجاوز أحد الخطوط الحمراء التي حددها نتنياهو وهي في الأساس نقل سلاح متقدم (صواريخ مضادة للطائرات مطورة، وصواريخ ارض – ارض دقيقة وصاروخ ساحل – بحر من طراز يحونط أو سلاح كيميائي) من سوريا الى حزب الله. بيد أنه قد يكون أصعب على نتنياهو أن يحقق تهديده الحالي قياسا بالهجمات الجوية الثلاث السابقة التي نُسبت الى اسرائيل التي امتنعت اسرائيل عن تحمل مسؤولية عنها.

        يشيع نظام الاسد ما يكفي من الاشارات الى نيته أن يرد بهجوم منه اذا قصفت اسرائيل. فيستطيع الرئيس السوري مثلا أن يطلق صاروخا على هدف استراتيجي في اسرائيل كمنشأة من منشآت البنى التحتية أو قاعدة سلاح الجو وأن يُعرض نتنياهو لمعضلة خاصة به وهي: هل يرد على ذلك ويُعرض نفسه لخطر تدهور آخر أم يتجاهل. وهكذا ستتحول مشكلة تكتيكية (تهريب السلاح الى لبنان) دفعة واحدة الى شأن استراتيجي (خطر الحرب بين اسرائيل وسوريا). ويجب على نتنياهو ان يأخذ في حسابه تقديرا آخر. لأنه اذا عاد امكان هجوم اسرائيلي على ايران وأُثير للنقاش من جديد بعد الاتخابات الرئاسية هناك في منتصف الشهر القادم، فسيكون السؤال ما هو الشيء الأكثر الحاحا بالنسبة لاسرائيل. إن استنزاف الجيش الاسرائيلي في مواجهة عسكرية مع سوريا وحزب الله ستجعل حشد الجهد بعد ذلك ليوجه على ايران أصعب.

        برغم ان الاسد غير معني كما نعلم بمواجهة عسكرية مع اسرائيل، فانه تجتمع شهادات على أنه قد يرد على قصف آخر في بلده. لكن توجيه صواريخ "تشرين" على اسرائيل ليس أحد الردود. زعمت مصادر أمنية في اسرائيل أن ذلك غير حقيقي. إن منظومات الصواريخ السورية قد غُذيت أصلا بالمعطيات من اجل ان تُطلق على اسرائيل، فلا سبب لافتراض ان هذه الصواريخ تُنشر على الارض مُعرضة لاصابتها قبل ان يُتخذ قرار سوري بالعمل.

        وفي الاثناء سجلت قوات الاسد أمس (الاحد) كما يبدو انجازا ما في القتال حينما تغلبت على أكثر مقاومة المتمردين في مدينة القصير. إن هذه البلدة تُمكّن من سيطرة جزئية على الشارع الذي يصل دمشق بحمص وبالجيب العلوي في شمال غرب الدولة، وهي قريبة ايضا من طريق إمداد المتمردين من حدود لبنان. ومع ذلك فانهم في جهاز الأمن الاسرائيلي لا يتأثرون بتحسن المواقع المحلي للجيش السوري تأثرا زائدا. لأن التقدير الأساسي للاستخبارات يقول إن وضع الاسد لا عودة عنه. إن الرئيس السوري قد فقد السيطرة على ما يجري في أكثر مساحة دولته التي ما زالت تنحل الى أقاليم منفصلة تسيطر عليها طوائف ومجموعات متعادية.

        تنوي روسيا والولايات المتحدة في الشهر القادم ان تعقدا مؤتمرا دوليا يتناول الوضع في سوريا. وتبدو الى الآن احتمالات نجاح المؤتمر ضعيفة جدا. فبحسب أكثر الاشارات ستستمر سوريا في النزف وسيفضي الصراع الدامي الى تدخل قوى خارجية يزداد وهي روسيا وتركيا وايران والدول العربية المؤيدة للمتمردين (قطر للاخوان المسلمين والسعودية للمنظمات السلفية) وربما تتدخل اذا ساءت الظروف ايضا الولايات المتحدة ودول اوروبية. وكلما تعقد الوضع ستضطر اسرائيل الى إظهار حذر أكبر كي لا تُجر هي نفسها الى الحرب.