خبر سيأتي كليف ريتشارد -هآرتس

الساعة 08:04 ص|19 مايو 2013

سيأتي كليف ريتشارد -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

        (المضمون: تُنكر اسرائيل على عظماء العالم ومشاهيره أن يستنكروا استمرارها في الاحتلال كما فعلت بنوعم تشومسكي في الماضي وكما تفعل بستيفن هوكينغ الآن - المصدر).

        قد يكون هذا هو العصب الاسرائيلي الأكثر حساسية، فان تجرأت فقط على مسه كان الحكم عليك واحد. إن كل من يقترح القطيعة مع منتوجة اسرائيلية، من كريمات "أهافا" الى "مؤتمر الرئيس"، يُحكم عليه فورا بحملة تشهير وإقصاء وتحقير. وقد بلغ هذا الرد البافلوفي الآن الدرك الأسفل مع اعلان العالِم ستيفن هوكينغ الغاء مشاركته في احتفالات يوم ميلاد شمعون بيرس. وبدل ان تسأل اسرائيل نفسها كيف تدهور وضعها الى وضع يستقر معه رأي شخص عظيم مثل هوكينغ لم يكن يُتهم قط بكراهية اسرائيل، على القطيعة مع مؤتمراتها، تشغل نفسها بحملة تشهيرات. وبدل الاصغاء لصوت العالِم المشلول الاخلاقي الذي تُظهره أجهزة خاصة، تركله اسرائيل بفظاظة وقسوة تشهدان فقط بالطبع على مهانة ادعاءاتها.

        يجوز لهوكينغ ان يستقر رأيه على أنه لا يريد المشاركة في مهرجان اسرائيلي دعائي آخر يرمي الى الطمس على ما يجري في الساحة الخلفية باشراف سيد التضليل، رئيس الدولة. هذا حق هوكينغ وهذا واجبه. إن الذي زارنا هنا اربع مرات في الماضي خلص الى استنتاج أن ذلك لن يكون بعد، فهو لم يعد يرغب في تدليل القدس بحضوره. وكان يحظى في اسرائيل الى ان فتح فمه وتجرأ على القطيعة، بتكريم واحترام محفوظين عندنا فقط لكبار المشاهير. وحينما زارنا هنا في كانون الاول 2006 كان العزيز على الدولة، فقد تم اجراء مقابلة معه في برنامج يئير لبيد، ووصف لقائمة طعامه في الجناح الرئاسي في فندق الملك داود في أعمدة النميمة الصحفية، بل حصل على جائزة "صبّار الذهب" وغير ذلك، بفضل فيلم الدعاية القصير الذي صوره متطوعا من اجل جمعية "قُرب متناول اسرائيل".

        وانقلب الامر كله دفعة واحدة فتحول الحبيب بين عشية وضحاها الى عدو وصاحب الاجلال الى مُشهر به. فقد اتهمه شلومو أفنيري بـ "عمى اخلاقي شديد" بل اتهمه بـ "نتن عنصرية"، لا أقل من ذلك لأنه تجرأ فقط على القطيعة مع اسرائيل ولم يعامل الولايات المتحدة وبريطانيا كذلك ("هآرتس"، 13/5)؛ وأراد صندوق وولف الذي منحه جائزة قبل 25 سنة الانتقام لكرامته فقد قال إن هوكينغ "استجاب لضغوط ليست موضوعية"، وربما يطلب بعد لحظة ايضا ان يعيد المال؛ وقال رئيس "مؤتمر الرئيس"، اسرائيل ميمون، إن قراره "فاضح وغير مناسب"؛ وكان الرد الأحقر هو رد المحامية نتسانا درشون – لايتنر رئيسة "شورات هدين"، وهي جمعية تكافح المنظمات الارهابية، التي اقترحت أن يُزيل هوكينغ جهاز إنتل-كور إي7 الذي هو أحد المركبات في جهازه الصوتي الذي يُمكنه من الاتصال بالعالم والذي صُنع في اسرائيل. وانضم الى هذا الطلب غير الانساني طلب إسكات هوكينغ الفائز بجائزة اسرائيل للصحافة يعقوب احميئير.

        ذلك لأننا نحب علماء العالم وأدباءه حينما يؤيدون كل اعمال اسرائيل بعمى. ونبغضهم حينما يتجرأون على انتقاد سياستها. ففي اليوم الذي كشف فيه الخبير العالمي بـ "الثقوب السوداء" ثقب اسرائيل الاسود حُكم عليه بالتشهير. وفي اليوم الذي خلص فيه مؤلف كتاب "موجز تاريخ الزمان" الى استنتاج أنه حان الوقت لتقصير تاريخ زمان الاحتلال الاسرائيلي أصبح ضحية تنكيل.

        يا لاسرائيلية اتهامه بـ "الخضوع لضغوط غير موضوعية"، وكأنه ليس الحديث عن عبقري ذي آراء مستقلة؛ ويا لبدعة توسيخه الآن واتهامه بالنفاق. يجوز له ان يقاطع اسرائيل وألا يقاطع الولايات المتحدة وبريطانيا لأن الموازنة بينها داحضة. وحتى لو كانتا قامتا بجرائم حرب في العراق فقد كانت لجريمة حربهما نهاية. وعلى العموم يجوز لانسان أن يختار ألا يأكل اللحم وأن يأكل السمك. إن اختيار اسرائيل لتكون رمز عدم الاخلاقية لا يضعف ألبتة حتى لو كانت دول اخرى تسلك سلوكها.

        إن الاشارات الخفية التي تقول إن نوعم تشومسكي هو الذي أقنعه بعدم المجيء تثير السخرية لأنه ما هو الشيء المرفوض في الحوار بين هذين العظيمين؟ أغلقت اسرائيل أبوابها في وجه تشومسكي في واحدة من لحظات حضيضها. وينتظر هوكينغ مصيرا مشابها اذا طلب أن يأتي لغير مهرجان شمعون بيرس. لكن اسرائيل ليست وحدها لأن كليف ريتشارد في الطريق اليها.