خبر جيش في ورطة... معاريف

الساعة 11:01 ص|17 مايو 2013

بقلم: عمير ربابورت

(المضمون: ظواهر الحرج التي يبدو فيها جنود الجيش الاسرائيلي يفرون أمام هجمات الجماهير الفلسطينية غير المسلحة تنشأ عن الورطة التي يعيشها الجنود في ظل اشكالية التعليمات العسكرية في الحزم وفي نفس الوقت عدم ايقاع اصابات تثير الهياج -  المصدر).

في ذروة حملة "عمود السحاب" في شهر تشرين الثاني سافرت سيارة جيب تقل جنود احتياط الى قاعدتها في منطقة مافو دوتان في شمالي السامرة. واراد رجال الاحتياط عبور الطريق الذي يجتاز منطقة جنين، مثلما في كل يوم، ولكنهم اصطدموا بحاجز للشرطة الفلسطينية. قال أفراد الشرطة من السلطة لرجال الاحتياط بان الطريق مغلق الان. رجال الاحتياط لم يحاولوا الجدال – عادوا على أعقابهم وسافروا الى القاعدة في طريق التفافي، استغرق اكثر من ساعة سفر.

أفراد الشرطة من جنين الذين منعوا عبور جيب الجيش الاسرائيلي، اصبحوا ابطالا وطنيين في المناطق على مدى اسبوع. في وسائل الاعلام الاسرائيلية، بالمقابل، لم يسمعوا حتى عن الحدث (رجال الاحتياط تلقوا فقط من قادتهم شرحا لفظيا بانهم كان ينبغي لهم أن يصروا على العبور في الطريق)، وهنا بالضبط تكمن المشكلة – ما يعتبر في نظر الجيش الاسرائيلي والجمهور الاسرائيلي كأحداث صغيرة عديمة الاهمية يمكنها بسهولة أن تتطور لتصبح فكرة فلسطينية جديدة: فالتاريخ يدل على أنه في أعقاب الانتفاضة الاولى جاءت اتفاقات اوسلو، التي بنت الفكرة الفلسطينية التي تقول ان الحجر انتصر على البندقية الاسرائيلية.

التحقيق الصحفي الذي أجراه كوتس بار في "معاريف" يلقي الضوء على ظاهرة معروفة جدا في الجيش، ولكنها لم تصل الا الى هوامش الاخبار حتى الان: من ناحية الجيش الاسرائيلي، فان معالجة الجنود النظاميين لاعمال الاخلال بالنظام في المناطق اكثر موضوعية وحزما من اداء رجال الاحتياط، وكقاعدة يفضل القادة الامتناع عن مرابطة رجال الاحتياط في يهودا والسامرة.

الوضع على الارض معقد، والى ان يبدأوا بدراسته تنتهي فترة الخدمة الاحتياط وتأتي وردية اخرى وهلمجرا. كما أن رجال الاحتياط أكثر ترددا بكثير في استخدام السلاح. وعندما لا تكون المهمة الميدانية واضحة، فانهم يتطلعون الى انهاء الخدمة والعودة الى البيت بسلام. وبالتأكيد تكون المهمة مرات عديدة غير واضحة.

في العقد الماضي لم يبعث الجيش الاسرائيلي برجال الاحتياط الى المناطق، بل بعث بهم ليرابطوا في جبهات تعتبر هادئة، الجبهة السورية والمصرية. والمشكلة هي أن في هذه الاثناء اصبحت هاتان الجبهتان جبهات ساخنة للغاية وهي تجتذب اليها الان القوات النظامية النوعية. ولكن لا يمكن ايقاع الذنب عما يحصل في المناطق على رجال الاحتياط أنفسهم. الحقيقة هي أن الجيش الاسرائيلي يوجد في ورطة. القادة ينقلون للمقاتلين بالفعل رسائل متضاربة. من جهة الامتناع بكل وسيلة عن ايقاع اصابات بين الفلسطينيين مما سيثير الخواطر أكثر فأكثر، ومن الجهة الاخرى الامتناع عن صور مهينة تظهر الجنود يهربون من امام الجمهور الفلسطيني. من الصعب جدا الامساك بالعصا من طرفيها، ويتعين على الجيش الاسرائيلي ان يواصل التطور كي يفي بالمهمة مع الحد الادنى من اثارة المنطقة.

احد السبل الممكنة هو استخدام كميات اكبر من الوسائل القتالية الاقل فتكا (الجيش الاسرائيلي يشتريها الان وبكميات)، ولكن هذا لا يكفي. مطلوب تعليمات واضحة للقوات ومن منظومة رجال الاحتياط ايضا. ومع ذلك يجب العمل بتصميم في كل اشتباك على الارض. والا فان الهدوء النسبي السائد اليوم سنشتريه بثمن الفوضى غدا.