خبر لا « حسن » الى الأبد- يديعوت

الساعة 08:32 ص|16 مايو 2013

لا "حسن" الى الأبد- يديعوت

بقلم: رونين بيرغمان

        (المضمون: أساء حسن نصر الله الى صورته عند الجماهير العربية إساءة شديدة بتدخله السافر لمساعدة حليفه بشار الاسد على ذبح السنيين في سوريا – المصدر).

        ستفضي الحرب في سوريا الى نهاية الحياة العامة لزعيمين بارزين في الشرق الاوسط. الاولى وهي للرئيس بشار الاسد، ستنتهي سريعا بل قد تكون بضربة سيف أو بتنكيل في ميدان المدينة. أما الثانية فستكون ابطأ لكن أصبح من الممكن الآن أن نقول في جزم إن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قد أنهى دوره التاريخي.

        قد يستطيع نصر الله الداهية بدعم ايراني أن يبقى رسميا في عمله زمنا طويلا بعد لكنه لن يحقق الهدف المركزي الذي وضعه لنفسه وهو ان يصبح زعيما لبنانيا عاما وعربيا عاما. إن الذي أُعلم بأنه عدو اسرائيل الاستراتيجي المركزي قد دفن بيديه انجازاته وأفضى الى نهاية الحلم الشيعي في لبنان.

        وكانت انجازاته كثيرة. لقد فهم نصر الله قبلنا الحساسية الاسرائيلية بحياة المواطنين وقابلية الجبهة الداخلية للاصابة والنظرة التي لا تناسب فيها الى موضوع الأسرى والمفقودين، وأسس على ذلك نظرية قتالية تقوم على حرب استنزاف طويلة الى جانب توازن ردع مهدِّد. ونجح بفضل فهمه لاسرائيل في ان يطرد الجيش الاسرائيلي عن لبنان في سنة 2000 ويعلن بعد ذلك نصرا في 2006.

        ورث نصر الله عن سلفه في منصبه الشيخ عباس موسوي قبعتين: الأمين العام للمنظمة، وممثل الحاكم الروحي (زعيم ايران) في لبنان. وقد حصر موسوي عنايته في القبعة الثانية وحاول ان ينشيء للشيعة في لبنان جهازا بديلا منفصلا يشمل كل مجالات الحياة: التربية والثقافة، والمجتمع، والصحة، والمساعدة الاجتماعية، والاقتصاد وبناء قوة عسكرية ايضا.

        ورقص نصر الله في موهبة كبيرة في العرسين: فقد نجح في الحصول على دعم عسكري ومالي من ايران ونجح مع ذلك في أن يصبح زعيم الجميع. فقد أمر رجاله مثلا بعدم التعرض لناس جيش لبنان الجنوبي بعد انسحاب اسرائيل وعامل المسيحيين باحترام وتسامح. وكذلك بذل مجهودا ضخما ليُخلص من السجن الاسرائيلي سمير قنطار وهو درزي لم يعمل في خدمته أصلا.

        وكان نصر الله يعتبر مدة بضع سنوات بحسب استطلاعات الرأي، أكثر الزعماء العرب شعبية، وهو الزعيم الذي يواطيء لسانه قلبه، وليس هو فاسدا مثل المستبدين وسلاطين النفط، والذي يتحدى اسرائيل ويقدر عليها. وتحول الى رمز السياسة الجديدة في الشرق الاوسط، فهو يتحدث بلغة تناسب كل انسان، وهو لا يطمس على الحقائق ولا يتهرب وهو مستعد للاعتراف بالأخطاء، مع شيء من الفكاهة وشيء من التهكم، ومع استعمال كل أنواع وسائل الاتصال في عصر الانترنت.

        ثم جاءت الحرب في سوريا.

        من المؤكد ان نصر الله كان سيفرحه ان يتخلى عن السنتين الاخيرتين، وهي فترة لا يُعلم هل جُر فيها أم هب لحماية صديقه من دمشق. واذا كان نصر الله قد آمن في البداية ان من الممكن انقاذ حكم الاسد فلم يعد على يقين من ذلك منذ زمن. وبرغم ذلك أطاع إطاعة كاملة أوامر طهران وأرسل آلافا من أفضل مقاتليه لمساعدة النظام العلوي.

        لم تكن اسرائيل تستطيع أن تأمل معجزة أكبر من هذه. فالقتال لم ينقض عُرى أقوى جيش كان يواجهنا فقط ولم يُضعف قوة حزب الله العملياتية جدا فقط، بل صدّع تماما صورة نصر الله ايضا. فهذا الرجل الذي سوغ بقاء حزب الله كقوة مسلحة في لبنان لمحاربة اسرائيل يرسل المنظمة لمساعدة سلطة متعطشة للدم على ذبح السنيين.

        كانت ضائقة نصر الله لموت مقاتليه في سوريا كبيرة جدا حتى إنه أمر بدفنهم ليلا بلا مراسم. وأصبحت المسافة قصيرة من هنا الى التورط في أكاذيب وطمس على حقائق واعمال قتل سياسي وفساد كبار المسؤولين وسائر الطرق المعروفة جدا من سياسة المنطقة القديمة.

        كان نصر الله يحلم بالسيطرة على لبنان وبجعلها دولة دينية تقوم على أكثرية شيعية، لكنها تهتم ايضا برفاه مواطنيها جميعا. وسينهي عمله بدل ذلك مثل دمية ايرانية كاذبة، يهتم بمصالح ضيقة لمجموعة صغيرة ويساعد مستبدا متعطشا للدم على ذبح شعبه.