بالصور « الشقاقي » و« زرنوقة » حكاية عشق مهرُها « الشهادة » !!

الساعة 01:58 م|14 مايو 2013

تقرير (خاص)

في تلك السطور الملحمية التي استمدت قوتها وحِدتها وجمالها، من عشق نُثر كنتيجة حتمية لقائد جيش الجيوش لتحرير "محبوبته" "زرنوقة"، نروي في ذكرى النكبة الخامسة والستون الأليمة قصة أسطورية لرجل يفيض قلبه عشقاً وحباً لوطنه وقريته، حباً وانتماءاً وعشقاً توارثه من صلب الإسلام والعروبة، العنوان الأبرز لتلك القصة أستمد من كلمات ذلك العاشق الجهادي "حتماً سنرجع يوماً".. إنه العاشق "الشقاقي".

توارث الشهيد القائد فتحي الشقاقي حبه لوطنه من التراث الإسلامي الذي اختاره شريعة لمقاومة ومقارعة جنود الاحتلال، إضافة إلى تراث عائلته المجاهدة التي لطالما قارعت الاحتلال على حدود يافا وحيفا فترة  النكبة والهجرات اليهودية وكان على رأس عائلته جده  المجاهد عبد العزيز وأبيه "ابراهيم" مؤذن إحدى مساجد "زرنوقة".

وتنحدر أسرة الشهيد الشقاقي من قرية زرنوقة الفلسطينية التي احتلت من قبل عصابات الغزو الصهيوني بتاريخ 27 أيار 1948م في عملية للعصابات الصهيونية على القرية سميت عملية (براك) والتي نفذتها كتيبة(جفعاني) ومساحتها تقارب 6068 دونم احتوت القرية على مدرستين تعليميتين الأولى عام 1924 والثانية عام 1943 تبعد القرية عن مدينة الرملة 10 كيلو متر وتبعد عن مدينة يافا 25 كيلو متر وترتفع قرية زرنوقة عن سطح البحر بمعدل 50 كيلو متر وأهم المغتصبات التي أقيمت على البلدة بعد احتلالها من قبل الصهاينة مستعمرتي "غان شلومو" و"غفعات بيرنر".

 

عشق الوطن ..

"فلسطين اليوم" التقت بشقيق المؤسس الشهيد د. فتحي الشقاقي "عبد العزيز" لتسلط المشهد حول الشقاقي الطفل والإنسان والقائد و"طريد الوطن".

د. عبدالعزيز أوضح في بداية حديثه جملة من "الثوابت" التي كانت العنوان الأبرز في مراحل حياة المفكر الشقاقي فأوضح أن الشقاقي منذ نعومة أظافره كان يردد أسم بلدته التي هُجر منها أينما حل وأرتحل، وكان الراوي الصادق لأمجاد تلك المدينة وروعة جمالها، حتى انه كان يحاجج كبار المؤرخين وهو في العاشرة من عمره حول جغرافيتها وخيراتها وموقعها وتميزها وجهادها.

كثيراً ما كان "الشقاقي" الطفل يستوسد فخذة أبيه الحاج "ابراهيم"  ويصرُ على إشباع غزيته المعلوماتية حول تلك القريبة المنكوبة، فيلحُ على والده أن يَقُصَ عليه ما كان يعرف بـ"حدوته زرنوقة"، حتى بات يجيد نقل تلك الرواية عن ظهر قلب.

"الشقاقي رحمه الله استطاع أن يجسد صورة العاشق والمجاهد الوفي والمخلص في اجلِ صوره تجاه فلسطين كل فلسطين ومن ضمنها بلدة أجداده "زرنوقة"، وكانت تلك السيرة الدافع الرئيسي للمسيرة الجهادية التي انتهجها والتي شكلت محور حياته" قول عبدالعزيز الشقاقي.

 

طاقة ومقاومة

وصبَ المؤسس الشقاقي جل اهتماماته وطاقاته لتشكيل "رأي عام" مناصر ومدافع عن قضايا اللاجئين، وتذكيرهم بمدنهم التي هجروا منها، ومحاولة إعطاء قضية اللاجئين الفلسطينيين ومعاناة الهجرة الفلسطينية بعدها العربي والإسلامي، وكان من أجمل المقولات التي تحدث بها هي (فلسطين قلب العرب وقلب المسلمين ومركز الصراع الكونى اليوم بين تمام الحق وتمام الباطل).

ويضيف عبدالعزيز :"كان الشقاقي يتألم عند رؤية اللاجئ الفلسطيني يعذب ويتيه في البلدان العربية، دون وجود أفق وسط تيه القرارات والنكبات والمؤامرات التي توالت ضده، وكنت أرى ذلك الحزن والغضب في عينيه لِما حل في بلادنا فلسطين ولأهلنا خاصة اللاجئين، وكان كثيراً ما يبادلني أطراف الحديث موضحاً حالة الحنق الشديد التي يعانيه خلال تفحصه لويلات المنكوبين واللاجئين من حالات الفقر والمرض والتعب والعوز الخ..".

ولم ييأس الشقاقي من تكرار كلمات الأمل بالعودة إلى مسقط رأس عائلته والى بلدته فكثيراً ما كان يردد "سنرجع يوماً"، وكان يجسد ذلك الأمل من خلال أشعاره وأفكاره ووعظه وخطبه.

ويقول عبدالعزيز "المقاومة المسلحة كانت بالنسبة لأخي فتحي منذ أن نضجت قريحته وحدسه وفكره الطريق والوسيلة لاسترجاع فلسطين، وكان يرى أن السلام بالنسبة لعودة اللاجئين سراب ووهم، لذلك كله بدء بحث الشباب على الجهاد والاستشهاد في سبيل الله لتحرير الوطن والعودة ولتخطي ويلات النكبة، ولقد قال (لا فائدة لوجود أي تنظيم فلسطيني لا يحمل السلاح (".

ويزيد "لقد رفض الشهيد الشقاقي إلى جانب الشرفاء من أبناء الأمة العربية والإسلامية ومن ضمنها الشخصيات الفلسطينية فكرة حل قضية اللاجئين بمسوغات وصفها بـ"المفرطة"، ورفض إلى جانبها فكرة الوطن البديل، والتعايش السلمي على الأرض الفلسطينية مع القبول بوجود دولة يهودية، وكان يتألم كثيراً لذلك ولم يكن ينام ليله عند سماعه تلك الأخبار".

وكان قلم الشقاقي "الكاتب" يهاجم ويدك صروح وعروش العرب الذي فرطوا بحق اللاجئين عبر مبادراتهم الهزيلة والعقيمة.

 

وصايا "عاشق"

ومن مقولات الشقاقي الخالدة والتي لازالت الكلمات والتي تحمل في طياتها أسمى معاني الإخلال للتراب الفلسطيني .. قال:"فلسطين لا تتسع لأكثر من شعب واحد..ولا تتسع لأكثر من سلطة واحدة ..ولا تتسع لأكثر من حضارة واحدة..وعلينا أن نختار لمن تكون السلطة؟ ومن هو هذا الشعب؟ ومن هي الحضارة؟".

ولفت عبدالعزيز أن الشهيد الشقاقي احتفظ حتى الرمق الأخير في حياته بمقتنيات شخصية للعائلة التي توارثها عن والده وجده وهي عبارة عن مجموعة كبيرة من الأوراق الثبوتية الخاصة لبيت وأرض العائلة في قرية "زرنوقة" بالإضافة إلى صكوك وأورق ضريبة العُشر التي كانت تفرض على أجداده، مشيراً أنه كان كثيراً ما يحن إلى النظر في تلك المستندات لتلمس مدينته وبلده عبر "الورق".

وذكر عبدالعزيز عدد من الوصايا التي كان يتحدث بها المؤسس "الشقاقي" والتي كانت ولاتزال بمثابة الطريق والمنهاج لجيل التحرير والتي كان أبرزها التمسك بخيار المقاومة في استرجاع الأرض وتحريرها من دنس الغاصبين، بالإضافة إلى الوحدة في مقارعة العدو الإسرائيلي والتي تجلت في مقولته (إيها المجاهدون اتحدوا للتكريس ووحدة المجاهدين ووحدة المقاومين)، إضافة للتنبه للخطر والمؤامرة العربية في إجهاض القضية الفلسطينية والتفريط في حق اللاجئين والثوابت.

 
الشقاقي
ابراهيم الشقاقي "والد المؤسس فتحي الشقاقي"
الشقاقي

الشقاقي
صورة نادرة من قصف قوات الاحتلال لقرية "زرنوقة" عام 1948م
الشقاقي
مهر "زرنوقة"،، صورة نادرة لإغتيال الشقاقي

الشقاقي

د. عبدالعزيز الشقاقي .. (شقيق الشهيد المؤسس فتحي الشقاقي)