تقرير 80 مجزرة لتهجيرهم..الفلسطينيون خرجوا من بلادهم مقاومين لا مستسلمين

الساعة 05:52 ص|14 مايو 2013

رام الله (خاص)

تستذكر "رقية" بنت قرية الطنطورة الواقعة إلى الجنوب من مدينة حيفا ان والدها رفض أن يخرج من قريته رغم سقوط القرى القريبة منها... وحاول عمها أبو الأمين إقناعه بذلك ولكن عبثا...قال له "لا نترك بلادنا ونهرب سنقاتل حتى نموت".

وفي شهادة رقية، تسكن في لبنان حاليا، والتي وثقتها الكاتبة رضوى عاشور في "حكاية الطنطورية"، خرج العم وبقي الأب "صادق" وأبنائه حتى استشهدوا في القرية، قتلهم الصهاينة وألقوا بهم في ساحة البلدة.

وحال الصادق، والد رقية، حال الكثيرين من الفلسطينيين الذين أثروا البقاء في بلادهم يدافعون عنها، بما تيسر لهم من عتاد وسلاح وكثير من شرف وكرامة، وهو ما يدحض الرواية الصهيونية بأن الفلسطينيين غادروا بلادهم "دون أيه مقاومة" منهم.

يقول المؤرخ الفلسطيني متخصص بقضايا اللجوء وأحداث النكبة الفلسطينية د. صالح عبد الجواد أن ما جرى في العام 1948 ليس فقط قصة هزيمة وهروب جماعي للفلسطينيين، بحسب الرواية الصهيونية، بل قصة انتصار وبطولة، هناك جوانب مشرقة حتى الآن لم تعرف.

و تابع عبد الجواد في حديث خاص ل"فلسطين اليوم":" من يعرف منا ان هناك 175 مقاتلا صمدوا في البقعة و الدامون و حاصروا أربعة ألاف جندي صهيوني لعدة أشهر حتى سقطت المنطقة في نيسان، و أن من بينهم الآن لا يزال منهم أحياء الى اليوم، كما ان القيادة الفلسطينية الرئيسية في حرب النكبة استشهدوا في المعارك (حسن سلامة، إبراهيم أبو ديه، و الحسيني)".

وقال عبد الجواد: "الاحتلال يحاول ان يصور ان الفلسطينيين خرجوا من ديارهم وبلداتهم وقراهم في العام 1948 خوفا، ولا يتم الحديث عن هول الجرائم التي ارتكبها هذا الكيان الغاصب لطرد الفلسطينيين من أرضهم، وما يتم تداوله الحديث عن عدد قليل من هذه الجرائم".

وبحسب عبد الجواد:" الجماعات الصهيونية نفذت ما يقرب من 80 مذبحة ودمر 400 قرية فلسطينية بشكل كامل، وذلك من خلال استخدامه للعنف حيث أدركت العصابات ان الفلسطيني لن يخرج من أرضه وبلاده دون هذا المستوى الكبير من العنف والدماء".

وهذا العنف كان وسيلة مهمة جدا للاحتلال في حرب نفسيه القصد منها تشكيل معادلة " أما الموت أو الرحيل" وهذا مهم جدا أن يكون واضحا لشعبنا وللعالم أجمع، وأن كل ذلك كان ضمن خطة تفصيلية لتفريغ الأرض من سكانها.

وقال عبد الجواد:" الاحتلال الصهيوني ومن خلال العصابات التي نشطت أثناء تلك الفترة طبقت العديد من أنماط المذابح والمجازر، فمذابح نفذت بالأسرى وإطلاق النار عليهم وهم مقيدين، ومذابح نفذت بالطائرات وخاصة في اللد في تموز من العام 1948، ومذابح أخرى من خلال تطويق القرى وتفجير المنازل".

و قال عبد الجواد فقط تأخرت عمليات التوثيق للنكبة الفلسطينية بشكل افقدها الكثير من أهميتها، وخاصة فيما يتعلق بالتأريخ و توثيق الرواية الشفوية الفلسطينية فيما يتعلق بالتهجير، فأول توثيق للجوء الفلسطيني كان في وسط التسعينات، من خلال جهد د. وليد الخالدي في كتاب كي لا ننسى، وكانت التجربة الأفضل للتوثيق وكان عمل شامل و ركز على قضية المجازر في العام 2003.

و أسباب هذا التأخر كما يقول هو عدم وجود دولة تحتضن مشاريع التوثيق، إلى جانب عدم الالتفات إلى القضايا الخاصة بما يتعلق بالنكبة و الحديث عن العموميات، كما ان الفلسطينيين كانوا مستغرقين بالعمل الدبلوماسي السياسي لحل هذه القضية دون إعطاء أهمية للبعد التاريخي العملي التطبيقي لما جرى على أرض.

 إلا أن استدراك الفلسطينيين لأهمية التوثيق وتقديم رواية مفصلة عما جرى جعل الرواية الصهيونية تتراجع في العام خلال الأعوام القليلة الفائتة.

 ودعا عبد الجواد إلى تسويق الرواية الفلسطينية بشكل اكبر و اشمل من خلال الحديث عن الجرائم و البطولات على حد سواء، ليس بشكل عمومي و إنما تحويل كل حالة و مذبحة و قصة قرية و لاجئ إلى قصص تتحول إلى صور و تنقش في الذاكرة الجماعية الفلسطينية ليعرف كل الفلسطينيين بداية ما جرى أثناء اللجوء.