خبر فخ تركي - معاريف

الساعة 11:14 ص|13 مايو 2013

ترجمة خاصة

فخ تركي - معاريف

بقلم: أفرايم سنيه

(المضمون: تصدير الغاز عبر انبوب يمر في تركيا هو فكرة خطيرة – محظور ايداع قناة التصدير الاهم لنا في يد اردوغان. الحل هو حلف اقتصادي مع قبرص - المصدر).

قبل ثلاثة أشهر منعت شركة الطيران الوطنية التركية "تيركش ايرلاينز"، تقديم مشروبات روحية في معظم رحلاتها الجوية. كما أنها غيرت بزات المضيفات الى فساتين طويلة مع أكمام طويلة وحجاب جزئي. وهذا الاسبوع منعت الشركة التركية عاملاتها من استخدام أحمر الشفاه "أو اي لون مثير آخر". ظاهرا هذا نبأ هامشي. توجد شركات اخرى من دول عربية تتصرف هكذا. ولكن التغيير، الميل، هما ما يجعلان هذا النبأ هاما.

"تيركش ايرلاينز" ليست مجرد شركة اخرى. فهي أداة رسمية لتعظيم النفوذ التركي في العالم. وفي السنوات الاخيرة ضاعفت من  75 الى 150 عدد مقاصدها الدولية. وترمز الانظمة الجديدة الى التحول السريع لتركيا الى دولة اسلامية، أكثر دينية بكثير. فالانخفاض الحاد في عدد النساء اللواتي يتبوأن مناصب أساس في الساحة العامة في تركيا هو تعبير خطير أكثر عن هذا الميل من حظر أحمر الشفاه.

ثمة صلة وثيقة بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية. فأردوغان يتطلع ليس فقط الى تحويل تركيا الى قوة عظمى اسلامية اولى، بل اساسا ان يكون زعيم العالم العربي والاسلامي. خطابه الفظ المناهض لاسرائيل هو أداة لتحقيق هذا الهدف. ومن يخطيء بالوهن في أنه في أعقاب اعتذار رئيس الوزراء نتنياهو ستعود علاقاتنا مع تركيا الى ما كانت عليه، لا يفهم استراتيجية اردوغان وداوداغلو وزير خارجيته ومستشاره شديد النفوذ.

الاعتذار حسن أن تم، تطبيع العلاقات الدبلوماسية بركة وهام أن تتواصل العلاقات التجارية. ولكن تركيا اردوغان لن تكون شريكا لاسرائيل في أي موضوع اقليمي هام، ولا أيضا في الطريقة التي تريد أن ترى فيها سوريا في المستقبل. حلفاء تركيا الاقليميون هم "الاخوان المسلمون" والحكام الذين ينتمون اليهم أو يدعمونهم، ولا سيما في مصر وفي قطر. المثلث الاسلامي الاقليمي هو تركيا – مصر – قطر، وحركة حماس تحظى بدعمه.

من المهم أن نفهم هذه السياقات كي نمتنع عن الاخطاء الاستراتيجية. وأقصد الفكرة السائدة مؤخرا لتصدير الغاز الاسرائيلي عبر انبوب يبنى الى تركيا وعلى اراضيها. الغاز يجب أن يصدر. بالطبع يجب ضمان اللازم منه للاقتصاد الاسرائيلي، ولكن سيكون من قبيل الانتحار الاقتصادي ان نبقي في اعماق البحر الذخر الذي بات يصل اليوم الى تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. فالاستخدام العاقل والعادل للضريبة الهامة التي فرضت عليه، كفيل بان يغير وجه المجتمع الاسرائيلي.

ان قناة التصدير الاسرائيلية الاهم محظور ايداعها تحت سيطرة اردوغان. واذا كان لتركيا مصلحة في هذا الانبوب مثلما يقال، فانها تنبع من القدرة التي سيوفرها لها في الامساك باسرائيل من اعضائها الحساسة والضغط عندما يكون في ذلك منفعة سياسية لزعيمها. لو أنه تبلورت الان تسوية شاملة لمسألة قبرص لعله كان منطق في انبوب يربط الغاز القبرصي والاسرائيلي بتركيا، كجزء من رزمة مصالحة وتعاون بين شعوب المنطقة. ولكن اردوغان، الذي لطف مؤخرا علاقاته مع الاكراد، لن يخاطر الان سياسيا بالحلول الوسط في ساحة اخرى. وحتى لو حصل هذا، فمشكوك أن يرغب القبارصة اليونانيون في المخاطرة وايداع أملهم الاقتصادي الاخير تحت رحمة تركيا. ان قبرص بحاجة ماسة الى تصدير الغاز الذي اكتشف في مياهها. وهذه السنة سيبدأون بتنقيبات اضافية، وليس لقبرص مخرج من ازمتها الاقتصادية غير تحولها الى مصدرة للغاز.

يمكن لاسرائيل وينبغي لها ان ترتبط بقبرص في تسييل الغاز وتصديره. وفي الوقت الذي لم يتفق فيه بعد عندنا على مكان المنشأة لاستيعاب الغاز الطبيعي في الشاطيء، فقد خصصت حكومة قبرص أرضا مناسبة لاقامة منشأة لتسييل الغاز ونقله. لا يوجد أي احتمال لان تقام مثل هذه المنشأة، التي تفجرها هائل، في شواطىء اسرائيل. في واقع تعزيز الاسلام المتطرف، فانه في الحلف الاقتصادي مع دولة غير اسلامية، صلتها وانتمائها هما للاتحاد الاوروبي، يكمن تفوق استراتيجي لاسرائيل.