خبر الصيدلة والدواء والرقابة الناعمة ..د/ محمد علي

الساعة 07:10 ص|13 مايو 2013

 

إن مهنة الصيدلة تمثل أهمية بالغة في حياة الناس كونها تمس حياتهم وصحة أبدانهم وان تركها للعبث والفوضى دون رقابة يمثل خطورة كبيرة على المجتمع وإن الناظر اليوم إلى واقع الصيدلة والدواء في في قطاع غزة ليعتصر قلبه ألماً لما آلت إليه هذه المهنة الإنسانية من تدهور كبير فيها والعبث والفوضى التي عمت سوق الأدوية ما بات ينذر بكارثة إذا لم يتم تدارك الأمور من قبل وزارة الصحة كونها الجهة المسئولة عن الحفاظ على صحة المواطنين  .                                                        فلقد أصبحت الصيدليات مرتعا للأدوية المهربة مجهولة المصدر والتركيب وخاصة المنشطات الجنسية والتي تعتبر سموم قد تقضي على حياة الإنسان دون سابق إنذار حتى أصبحت الصيدليات تجاهر بوضعها على الأرفف لأنهم يشعرون بضعف الرقابة والمتابعة من قبل الوزارة وان الأمر لا يتعدى كونه الذهاب إلى قسم التفتيش الصيدلي بالوزارة وكتابة تعهد والسلام .                                                             هذا جانب خطير من الواقع الأليم الذي تعانيه  مهنة الصيدلة وهناك جانب مؤسف ولا يقل خطورة على حياة الناس  والذي بات يعرف بدخلاء المهنة حيث تجد أطفال يقومون ببيع الأدوية في الصيدليات وغيرهم من غير المختصين حتى وصل الحال ببعض الصيادلة إلى تعليم ابنه المحاسب الصنعة ليغطي فترة من الوقت في صيدلية الوالد وما يحمله هذا الأمر من مخاطر صحية كبيرة على المواطنين حيث وقعت أخطاء قاتلة في صرف الأدوية بالإضافة إلى انهيار المنظومة الأخلاقية لمهنة الصيدلة  والإجراء المعروف حيال المخالفين التعهد الشهير من قسم التفتيش الصيدلي .                                       أما إذا وصلنا إلى أسعار بيع الأدوية في الصيدليات فانك تجد العجب العجاب إذ لا تستطيع أن تجد سعرا موحدا للدواء في الصيدليات فبيع الأدوية يتم دون ضوابط ووفقاً لأمزجة أرباب فئة قليلة مستفيدة تقوم بالمضاربة ولا تلتزم بالأسعار المقررة على رقاع التسعيرة وتعتمد على ذلك في جلب زبائنها والمتضرر هنا هو الجزء الأكبر من الصيدليات التي لا تستطيع  مجاراة هذه الفئة من الصيدليات في البيع بهذه الأسعار المنخفضة والتي تصل إلى اقل من سعر التكلفة  مما يدفع البعض من ضعاف النفوس إلى إيجاد طرق وأساليب غير مشروعة لكسب الربح واستمرار فتح الصيدلية دون الاضطرار إلى غلقها , أضف إلى ذلك المعاناة التي يلاقيها المرضى في البحث عن الصيدلية التي تبيع الدواء بأرخص الأثمان وما يشكله ذلك من عبء على المواطنين علما أن الدواء سلعة أساسية ويتم تسعيرها من قبل الوزارة وتقوم بمراقبة التزام الصيدليات بهذه الأسعار وهذا ما قرره نظام مزاولة مهنة الصيدلة المعتمد من مجلس الوزراء وهذا يعطي الطمأنينة والثقة لدى الناس ولكن يبدو أن الوزارة بعدم ضبطها للأسعار وترك السوق الدوائي للفوضى تتلذذ على معاناة الناس  فبالرغم مما ذكر من تجاوزات لم تحرك الجهات المعنية في الوزارة أي سـاكن أو تعير ذلك الأمر اهتماماً ، أو تتخذ أي إجراء رادع أو قرار , بل تقوم بمحاربة نقابة الصيادلة التي تسعى لضبط المهنة والحد من ظاهرة المضاربة في الأسعار بين الصيدليات وجراء ذلك ما تزال فوضى الأسعار قائمة . إن ما نراه من تجاوزات في مهنة الصيدلة  ما كان ليحدث إلا لغياب الرقابة الفاعلة من قبل الجهات المعنية ، وإن وجدت فهي رقابة ناعمة لا تحقق أي انضباط ، وليس لها أي تأثير على أرباب العبث والجشع من فئة التجار من الصيادلة .
بعد هذا العرض غير الشيق لهذه المشكلة المتشعبة التي تطال أضرارها كافة أوساط المجتمع بلا استثناء ودون اختيار, نتوقع مبادرة الجهات المعنية والمسئولة عن صحة وسلامة أرواح وأموال أبناء وطننا الحبيب ، بمعالجة الاختلالات القائمة في شأن الأدوية من حيث مراقبة جودة الدواء ومنع الأدوية المهربة من الأسواق وفي شأن مهنة الصيدلة التي تفتقر إلى الكثير من الضبط والتنظيم كما يقع على عاتق الوزارة توعية المواطنين باستمرار بالمحاذير المتعلقة بالأدوية غير الرسمية والتوعية كذلك بكيفية التعامل مع الأدوية ، والحرص على التأكد من سلامة عبواتها عند شرائها من الصيدليات بالإضافة إلى ضرورة تفعيل الرقابة والتفتيش على الصيدليات وفرض عقوبات رادعة على المخالفين  .
خلاصة القول لو أن أمر صحة وسلامة المواطن حاز اهتمام المعنيين لدى كافة الجهات المسئولة لترجم هذا الاهتمام إلى معالجات وإجراءات فعلية .. وبالطبع لن يتحقق ذلك إلا عندما يشعر كل فرد معني بالأمر بواجبه الإنساني والوطني نحو أبناء وطنه ، ويعمل على أداء هذا الواجب بأمانة وإخلاص وحسن نية .. وتلك هي القضية .