خبر يتظاهرون ضد أنفسهم- معاريف

الساعة 09:15 ص|12 مايو 2013

بقلم: أمنون لورد

(المضمون: ان الضمير الاجتماعي الحقيقي في اسرائيل هو ذخر يجد تعبيره في تقاليد القتال وفي التكافل الاجتماعي الحقيقي. ولكن اذا ما جعلت الأخلاق القتالية منظمة "بتسيلم" و "يحطمون الصمت"، فانك تحصل أساسا على تعزيز للارهاب المناهض لاسرائيل - المصدر).

        أهم انجاز يسجل في صالح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في نظرة تاريخية هو تثبيت الحصانة الاقتصادية لدولة اسرائيل. هذا ميله المتواصل منذ الولاية الاولى في التسعينيات عبر الفترة القصيرة نسبيا التي كانت له كوزير للمالية والتي شهدت تقليصات كثيرة واصلاحات وجلب ستانلي فيشر الى البلاد كمحافظ لبنك اسرائيل. فهو الذي جعل الاقتصاد مدماكا أساسيا في أمن اسرائيل وفي مكانتها الدولية.

        يمكن أن نقدر بثقة بان وزير المالية الحالي يئير لبيد يفهم الامر. فهو الان يتعلم على جلدته معنى "الاحتجاج الاجتماعي"، يحس بأنفاس قطيع "العدالة الاجتماعية" في قذالته. لقد قال لبيد فأصاب: أنتم تتظاهرون ضد أنفسكم. ولكنه يؤمن بان مظاهرات العدالة الاجتماعية المرتقبة تجري انطلاقا من الرحمة والتكافل الاجتماعي. واذا كان التكافل صادقا، فان المتظاهرين يخطئون لانهم سيسيئون فقط في المستقبل لوضع كل المظلومين الذين يسعون الى حمايتهم.

        ان التركيز بالذات على المظاهرات امام منزل لبيد يكشف حقيقة أنه خلف التظاهر يختبىء تفكير استراتيجي. ينبغي الافتراض بان قسما من المتظاهرين الذين ستتسع صفوفهم في الشوارع كلما اقترب موعد اقرار الميزانية في ذروة الصيف، هم ذوو ضمير صادق. ولكني اشك اذا كان اولئك الذين ساهموا كثيرا في اشعال المظاهرات في صيف 2011 هم بالفعل ذوو ضمير.

        يجدر بالذكر أنه عشية الانتخابات الاخيرة اعترف دوف حنين وبعض من شبابه بانهم خلقوا الحركة الاولى للاحتجاج قبل سنتين. ومذهل أن نرى القدرة الثورية لمحافل اليسار المتطرف ممن يفهمون بالتنظيم. والى جانب حنين ورجاله من الجبهة الديمقراطية (حداش) لا يمكن المرور عن الصندوق الجديد لاسرائيل والذي يبحث عن كل ضعف في المبنى الاجتماعي – السياسي لاسرائيل كي يضربه، وقد كانوا شركاء كاملين في أعمال التنظيم قبل سنتين.

        الاستنتاج هو أن ما بدأنا نراه أمام منزل لبيد هم نشطاء سياسيون ذوو تفكير استراتيجي. فمظاهرات العدالة الاجتماعية المخطط لها ترمي الى المس بالمدماك الذي انكشف نتنياهو وفيشر فيه في العقد الاخير. لقد أبدت اسرائيل حصانة بالغة في البعد الامني والعسكري. ولكن المنظومتين الداعمتين لمكانة اسرائيل اليوم هما المنظومة الاقتصادية المزدهرة والمنظومة الدبلوماسية العامة على المستوى الدولي. في الماضي فكر الفلسطينيون ومساعدوهم بان أعمال الارهاب ستؤدي ايضا الى الحاق ضرر دولي واقتصادي جسيم باسرائيل. وحسب هذا التفكير، فان هذا سيؤدي الى دفع اسرائيل الى تنازلات دون مقابل والى انهيار الامن.

        لقد تبين أن هذا لم ينجح، ولا سيما بعد أن اثبت نتنياهو قبل عقد بانه يمكن قطع التطور الاقتصادي لاسرائيل عن المسيرة السلمية. فنقطة ضعف المجتمع الاسرائيلي هي الضمير الاجتماعي. يمكن التآمر على الضمير الاجتماعي الاسرائيلي واستخدامه لضعضعة الاستقرار في الدولة. ان الضمير الاجتماعي الحقيقي في اسرائيل هو ذخر يجد تعبيره في تقاليد القتال وفي التكافل الاجتماعي الحقيقي. ولكن اذا ما جعلت الاخلاق القتالية منظمة "بتسيلم" و "يحطمون الصمت"، فانك تحصل أساسا على تعزيز للارهاب المناهض لاسرائيل.

        اذا أخذت الضمير الاجتماعي وأنتجت بواسطته هستيريا جماعية في الميادين وعلى الفيسبوك، فان بوسعك أن تمس بالمدماك الاساس الذي يعزز اليوم مكانة اسرائيل: الاقتصاد – مع انضباط الميزانية، مستوى العمالة العالية والنمو. من أراد تسيباً في الميزانية واشتراكية صوت لحزب العمل. هذه الحكومة يقودها ثلاثة فرسان الاقتصاد الحر. ولا يمكن تزوير نتائج الانتخابات. المظاهرات التي بدأت هي تعبير عن الديمقراطية؛ ولكن هدفها معاكس: تقويض الديمقراطية والدفع نحو انهيارها.